أثر القاهرة على الصحة النفسية لسكانها في مهرجان التحرير الثقافي

تصوير: تسبيح - جانب من اللقاء

كتب/ت تسبيح السيد محمود
2024-04-21 16:41:40

تحت عنوان "الصحة النفسية في المدن الكبرى والقاهرة نموذجًا"؛ أقام مهرجان "التحرير الثقافي" ثاني مناقشاته في الجامعة الأمريكية بوسط القاهرة- التحرير، يوم السبت 22 أبريل، بمشاركة دكتور نبيل القط، الطبيب النفسي، ونائبة البرلمان والروائية ضحى العاصي، وأدارها المُنسّق الثقافي مصطفى الطيب، الذي ناقش تأثير المدن الكبرى والقاهرة كنموذج على الصحة النفسية لسكانها. 

وقد انتقلت الندوة إلى قاعة أخرى أكبر لتجنب مشكلة الازدحام التي حدثت في مناقشة الكاتبين عمر طاهر وأشرف العشماوي قبلها بيوم، وأدت إلى عدم قدرة عدد من الحضور إلى دخول القاعة.

وأشار القط إلى دراسات تقول إن نسب الاكتئاب والعزلة في العالم تكون في المدن أكثر من الريف، لكنه لفت الأنظار إلى أن العكس يحدث في مصر؛ فنسب الاكتئاب في المدينة أقل من الريف، وأرجع السبب إلى عدم الوعى بالصحة النفسية في الريف وعدم وجود عوامل مساعدة لحل تلك المشكلة. 

وشرح الطبيب النفسي أبعاد الشخصية التي تنقسم لخمس محاور أساسية منها التعصب و الخبرة الحياتية، والطواعية، الانفتاح على الناس، والضميرية، فيما أشار إلى أن أهل المدن يتميزون غالبًا بكونهم أكثر خبرة وانفتاح على الآخرين، على عكس الريف الذي يتقدم بخطوات بطيئة.

وأشار إلى أن التغير والتأثير الذي تتركه المدينة على مواطنيها، ليس فقط نفسي ولكن عقلي أيضًا، حيث تُستثار أعصاب مختصة في المخ تسمى "الأميجدالا" بالتغيرات التي تحدث بسبب مؤثرات مثل القلق والتلوث والازدحام. 

بينما تحدثت ضحى عاصى عن انتقالها من مدينتها المنصورة إلى موسكو بروسيا، لتكملة تعليمها الجامعي ودراسة الطب واختلاف الشخصية بين مدينة وأخرى أكثر انفتاحًا وتغيرًا، فرأت من يسافر إلى الخارج وينغلق على نفسه ودراسته حتى لا يتصادم مع التغيرات الخارجية، وكيف أنها لم تتأثر نفس التأثر الكبير بين الانتقال بين الريف والمدينة حيث تعد المنصورة مدينة صغيرة في الأساس. 

ويعمل القط مع الممثلين وتأهيلهم النفسى للتعمق داخل شخصياتهم التمثيلية وكيفية الخروج منها، كما يعطي ورشًا لكتاب السيناريو لكيفية كتابة الشخصيات وأبعادهم النفسية بطريقة صحيحة، فأوضح أن الضغط الذي يؤثر على الناس في شوارع القاهرة نفسه الذي يؤثر على الفنان، ولكن تختلف طرق العلاج، إذ تُوجّه للممثل بشكل أكثر تطورًا حتى يتمكن من الدخول للشخصيات بشكل أسهل.

يقول لـ "صوت السلام" إن اختلاف نسب الاكتئاب  ما بين الريف والمدينة في مصر عن النسب الشائعة عالميًا، قد تكون أحد أسبابه هو عدم وجود مؤسسات علاجية في القرى، لذا يقل تلقي مواطنيها للدعم/ العلاج النفسي الذي قد يحتاجوا إليه، وقال إن أحدث ما تثيره الدراسات الأخيرة لمنظمة الصحة النفسية هو نفي وجود ما يُسمى بـ "الشخصية"، لكن توجد أبعاد الشخصية التي لا تقل عن 60 بُعد نفسي يظهروا بمختلف الأوقات والمواقف 

بينما علقت ضحى عاصي لـ"صوت السلام"، إنها لم تتأثر نفسيًا عند الانتقال لموسكو أو القاهرة، فهي شخصية محبة للناس والثقافات الجديدة، ولم تواجه أي أزمة نفسية خلال التعرف على البشر من ذوي الثقافات المختلفة، لكنها شعرت بالفجوة عند عودتها إلى المنصورة.

وبعد انتهاء الحديث؛ بدأت فقرة أسئلة الجمهور التي تمحورت أغلبها على كيفية التعايش والحفاظ على الصحة النفسية مع ازدحام المعيشة والأحداث المتتالية، كما دارت بعض الأسئلة من المغتربين المقيمين في القاهرة عن كيفية التعامل مع نفسيتهم أثناء فترة الانتقال وتجنب التأثير السلبي الذي يقع عليهم من الانتقال، كذلك تغير الثقافات وأسلوب المعيشة. 

يشير أحمد الصعيدي، أحد الحاضرين للندوة، أنه تأثر بالحديث عن الأثر النفسي للمغتربين إلى العاصمة، فهو واحد منهم، إذ أنه لم يستطع النجاة سوى بمحاوطة نفسه بأقرانه ممن يُشبهوه، حتى يتمكّن من الانغماس في المجتمع الجديد عليه.

ويذكر أن مهرجان التحرير الثقافي (إيه يو سي تحرير كلتشر فست 2024) هو حدث ثقافي على مدار أسبوع تنظمه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتمتد أنشطته حتى يوم الاثنين الموافق 22 أبريل 2024، حيث يتضمن معرضًا للكتب بالتعاون مع مكتبات تنمية ومعرضًا فنيًا تاريخيًا لمحفوظات الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وورش للحرف اليدوية القاهرية، ومجموعة مختارة من العروض الفنية وسلسلة من حلقات النقاش وورش العمل التي تضم متحدثين من الخبراء والمتخصصين في موضوعات مختلفة عن القاهرة.

 

تصوير: تسبيح السيد - ندوة الصحة النفسية في المدن الكبرى في مهرجان التحرير الثقافي