النساء في ورطة.. ارتفاع أسعار الفوط الصحية يهددهن بالأمراض

تصوير: باسم حنيجل - تصميم

كتب/ت مريم أشرف
2024-02-06 00:00:00

لم يكن أمام ابتسام، اسم مستعار، 21 عامًا، طالبة جامعية، حلًا سوى خفض الكميات التي تشتريها من الفوط الصحية شهريًا، ما يضطرها إلى ارتداء الفوطة الواحدة لأكثر من ساعتين، هو أمر غير صحي، أُجبرت عليه نتيجة الارتفاع الشديد في أسعار الفوط الصحية.

منذ عام كانت تشتري عبوتان بمقابل 30 جنيهًا، وتستمر معها تلك العبوة لأكثر من دورة شهرية، تشعرها بالأمان والقدرة على التغيير أكثر من مرة في اليوم، إلا أن أسعار اليوم دفعتها لشراء عبوة لا تزيد عن 14 قطعة تقضي فترة الدورة الشهرية الحالية فقط.

ما يزيد من صعوبة الأمر، أن راتب ابتسام 3 آلاف جنيه ولا يزيد بنفس معدل زيادة الأسعار، وعليها أن يكفيها في العمل والدراسة، لذلك حين يأتيها الحيض يكون مصحوبًا بقلق المادي ومن قدرتها على توفير الفوط الصحية التي تمثل لها الأمان بالخارج.

لا تعاني ابتسام وحدها. فكل 28 يومًا، تصطدم نساء مصر البالغات بأسعار جديدة للفوط الصحية، التي باتت ترتفع كل فترة بشكل جنوني، وتقلل النساء من استخدامها للفوط الصحية ما يعرضهن للإصابة بفقر الدورة الشهرية.

"والدورة الشهرية هي سلسلة التغييرات التي يمر بها الجسم شهريًا للإعداد للحمل في كل شهر، يُنتج أحد الـمبيضين بويضة واحدة، وتُعرف هذه العملية بالإباضة.”
فقر الدورة الشهرية مصطلح طرحته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في تقريرها المنشور العام 2021، والذي يعني صعوبة الحصول على منتجات النظافة الصحية المتعلقة بالدورة مثل الفوط، ورغم مرور عامين على المصطلح إلا أن هناك نساء لا يستطعن توفير تلك الاحتياجات.

يأتي ذلك نتيجة الارتفاع المستمر في أسعار الفوط، إذ ارتفعت في مصر خلال يناير 2023 من 15 إلى 30 جنيهًا، وزادت تدريجيًا إلى أن وصلت في ديسمبر من نفس العام لـ40 جنيهًا للعبوة الواحدة التي تحتوي على 14 قطعة، وفقا لمتوسط الأسعار في الأسواق.

أي أن الفوط الصحية المحلية ارتفعت من بداية العام 2023 حتى نهايته بنسبة 100%، بينما المستوردة يبلغ متوسط سعر العبوة منها 45 جنيهًا، وبها 10 فوط فقط.

ومع الحديث المستمر عن التضارب بين أسعار الدولار بشكل رسمي في مصر وأسعاره في السوق السوداء وأزمة توافره وآثر ذلك على الاستيراد، ارتفعت أسعار الفوط في الآونة الأخيرة لما يزيد عن ال60 جنيه، وسط تخوفات من استمرار هذا الارتفاع في مشهد لا يبدو فيه أي مؤشرات واضحة عن حجم الأزمة أو إلى متى ستستمر؟

بين المصري والمستورد، عانت بعض النساء معاناة إضافية، منهن رفيدة، اسم مستعار، 19 عامًا، التي لم تستطع تغيير النوع الذي تشتريه من الفوط الصحية حتى بعد ارتفاع سعره: «الأمر يتعلق بصحتي وهي الأهم بالنسبة لي، وأنا حياتي تشمل وجودي في الجامعة والعمل، ولا استطيع التعامل مع الحيض سوى بهذا المنتج الذي يؤثر على ميزانيتي الشهرية الصغيرة إذ أعمل بدوام جزئي يناسب مواعيد الدراسة».

تعتبر الفوط الصحية هي أول شيء تفكر رفيدة شراؤه بمجرد الحصول على الراتب البالغ 1500 جنيهًا، وتدفع 80 جنيهًا في العبوة، وتزيد من فترات ارتداء الفوطة الواحدة لذلك تلجأ في أيام الدورة للألوان الغامقة بسبب طول فترة دورتها.

يؤكد موقع "طبي" الذي يقدم دراسات واستشارات أون لاين، أن العبوة 14 قطعة لا تكفي النساء اللاتي تزيد دورتهن من 3 أيام إلى أسبوع، فيجب تغيرها كل 4 - 6 ساعات، حتى لا تتعرض إلى التهابات جلدية أو بالجهاز التناسلي، وقد يزيد إلى تأخر الحمل.

وحين يتم تغييرها كل 4 ساعات يكون يوم الدورة الشهرية بحاجة إلى 6 فوط، وبتطبيق متوسط أيام الدورة الشهرية للنساء بأربعة أيام، فذلك تحتاج النساء إلى 24 فوطة، بمعدل عبوتين إلا 4 فوط، بمقابل 80 جنيهًا شهريًا، دون اعتبار الدورة التي تمتد إلى أسبوع وأكثر لبعض النساء.
نفس الحسبة المُربكة التي تقع فيها جميلة، اسم مستعار، 23 عامًا، كل شهر، إذ تؤكد أن الفوط الصحية ضرورية وليست رفاهية، ولا يمكن الاستغناء عنها أو تخفيض الاستهلاك منها، والبدائل الاقتصادية الصحية العالمية ليست متوفرة في مصر.

تحب جميلة الألوان، وأغلب ملابسها ذات ألوان مبهجة، لكن مع زيادة مدة ارتدائها للفوط الصحية لا تستطيع ارتداء مثل تلك الألوان: «ارتداء الفوط الصحية لعدد ساعات طويلة يزيد من الأمراض للنساء، فالأمر ليس رفاهية».

يدلل على ذلك، أن الفوط الصحية ليست من المنتجات الأساسية التي تضمها بوابة الأسعار المحلية لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، رغم تنمي جميلة أن تصبح الفوط الصحية من المنتجات المدعمة من قبل الدولة.