الشنيطي وجمال يحللان ظاهرتي التفاوت الاقتصادي في القاهرة و"الكمبوند"

جانب من ندوة التفاوت الاقتصادي في القاهرة

كتب/ت مريم أشرف
2024-04-23 19:56:14

أقيمت جلسة "التفاوت الاقتصادي في القاهرة" بالجامعة الأمريكية، ضمن مهرجان التحرير الثقافي، في الساعة السابعة من مساء أمس، وكان الضيوف عمر الشنيطي ووائل جمال، كلاهما خبراء اقتصاد، وحاورتهما سمر السعدني، في قاعة إيوارت التذكارية. 

تعتبر الندوة آخر جلسة في البرنامج الثقافي في المهرجان، واعتمد البرنامج أن تكون موضوعاته قائمة على القاهرة. دارت جلسة الشنيطي وجمال حول التفاوت الاقتصادي والطبقي في القاهرة، وبدأت المناقشة بسؤال "كيف يكون التفاوت الاقتصادي في القاهرة خلال السنوات الأخيرة؟"، ردّ جمال بأن الإحصاءات الرسمية لا يوجد تفاوت اقتصادي كبير في القاهرة، لكن في الواقع شكّل الطبقات الاجتماعية في القاهرة اختلف في السنوات الأخيرة. 

وعرّف الشنيطي المساواة الاقتصادية بكونه التقارب بين الدخل وأسعار الخدمات والسلع، وحين يحدث هذا التساوي تتحقق المساواة الاقتصادية، وغالبًا نموذج التساوي هو نموذج مثالي، لأن بالطبيعة يوجد درجات من التفاوت في أغلب المدن، لكنه لا يؤثر اجتماعيًا. وضرب الخبير الاقتصادي مثال بمدينة نيويورك الأمريكية، التي تجتمع فيها الطبقات الاجتماعية بحديقة "سنترال بارك"، ويُكمل بقوله: "الغني اللي معاه فلوس كتير قاعد بيقرأ كتاب في الحديقة، والأسرة اللي من طبقة متوسطة قاعدين بيلعبوا مع أطفالهم، وفيه عمال بيستمتعوا بالطقس، فيه تفاوت اقتصادي لكن مفيش فصل الاجتماعي وعمراني".

انطلقت المُحاوِرة بسؤال عن تغيير العمران في القاهرة خلال السنوات الأخيرة، ردّ الشنيطي أن ما يحدث في السنوات الأخيرة فصل اجتماعي، بعد بناء المناطق الجديدة مثل التجمع والشيخ زايد، وتوجه العمران لوجهة "الكمبوند"، ويُكمل "أصبحنا نلاحظ الفصل الاجتماعي، واختلف المشهد في القاهرة من مناطق فقيرة ومتوسطة متصلة بمناطق ثرية ويكون الفاصل بينها شوارع، إلى مجمعات سكنية ومناطق فقيرة معزولة عن بعضها، دون وجود تجانس اجتماعي كان يخلق ثقافة مشتركة وتفاصيل اجتماعية إنسانية هامة". 

وخلال الندوة تحدث الشنيطي عن ملاحظته بخصوص ما أسماه "ظاهرة أبناء الكمبوند"، حيث قال: "العالم بالنسبة لهم أصبح كمبوند، وماهو خارج السور غريب ومرعب، حتى المصيف في الساحل الشمالي داخل كمبوند بيكون له إجراء صعبة لدخوله"، على عكس سكان الزمالك من طبقة الأغنياء لم يكن يفصلهم عن بقية السكان أسوار "لكن بينزلوا يختلطوا بالناس من الطبقات الأقل والبائعين، وأطفالهم مختلطين في مدارس بالمناطق المحيطة"، وحذر الشنيطي من أثر تلك الظاهرة في المستقبل. 

وبالنسبة لجمال فيرى أن التفاوت العمراني والاقتصادي في القاهرة أعلى من ريف الدلتا والصعيد، تحديدًا في السنوات الأخيرة، وفسّر ذلك بقوله إن الشباب في ريف الدلتا والصعيد لديهم الفرصة في وجود تجارة أو عمل تابع للعائلة بعد التخرج، مما يمنحهم قدرة على التواجد داخل مستوى اجتماعي جيد، وبالنسبة للسكن فإنهم يستطيعون الزواج وبناء منزل في أرض تابعة للأسرة أو بناء طابق جديد فوق منزل الأسرة، كعادة أغلب سكان ريف الدلتا والصعيد.

وعقّب الشنيطي على حديث جمال بقوله إن القاهرة اتجهت للفقر بشكل أكبر بعد قرار تحرير الصرف في نوفمبر 2016، بينما كان الشائع اقتصاديًا لسنوات أن إقليم الصعيد هو الأقل فقرًا في مصر، والقاهرة هي المحافظة الأعلي في الطبقة الاجتماعية والأكثر توفرًا للفرص.

وبحسب رصد الشنيطي للإحصاءات الأخيرة لأرباح الشركات والمصانع والأجور، فإن نسبة الأجور قلّت مقابل ارتفاع نسبة أرباح الشركات والمصانع، وأوضح تحليلًا خاصًا بتقليل نسبة العمالة أمام زيادة ساعات العمل والإنتاج أو ثبات الأجور، إذ يخلق تفاوت اقتصادي سيرصده لسنوات، وذلك بسبب وجود فجوة اقتصادية بين العمالة وصاحب العمل الحاصل على الأرباح التي ترتفع طوال العام. 

ويكمل الشنيطي تحليله بقوله إن تلك الأزمة ظهرت في صعوبة استمرار الفرد داخل طبقته الاجتماعي، مما جعل الأغلبية يعانون من البعد عن طبقتهم، وأجبرهم ذلك على تعديل سلوكيات صحية وغذائية لسلوكيات أقل جودة وأرخص سعرًا. 

ووصف الشنيطي القاهرة بأنها "مدينة مستفزة جدًا"، وفسّر ذلك بقوله: "اللي مش معاه شايف اللي معاه فلوس وفرص وعارف إن ده ناقصه، فهو طول الوقت بيلاحقه إعلانات الكومباوندات ومطاعم الأكل وأماكن الترفيه الجديدة"، في حين أن أبناء الدلتا والصعيد يعيشون في ظروف أكثر أمانًا، لأنهم لا يرون تلك المؤثرات المستفزة.

وعلى صعيد آخر يرى الشنيطي أن القاهرة بها تكافل اجتماعي كبير مقارنة بباقي المدن، من خلال الجمعيات الخيرية والمجتمع المدني، فيما لفت النظر إلى أن دول أوروبا وأمريكا لا تحظى بمثل هذا التكافل الذي يُمارسه المصريون. 

 وشهدت الندوة حضور كثيف كان الأعلى بين مناقشات البرنامج الثقافي، إذ أوضح منظمي الجلسة أن عدد الحضور وصل إلى 240 شخص، مع تنوع خلفياتهم بين المهتمين والعاملين بالمجال الاقتصادي، وطلاب الجامعات، ومن بين الحضور تواجدت منى إبراهيم، منسق عام قسم المستلزمات في مستشفي حلوان العام، وأحد المهتمين بالمجال الاقتصادي، التي قالت: "أنا قررت أقرأ وأتعلم اقتصاد من سنين، وأطبقه على الطب". 

وثمّنت منى دور الخبير عمر الشنيطي، وآرائه التي ينشرها على موقع إكس (تويتر سابقًا)، وأكملت بقولها: "وبحب حواراته ونفسي أتعلم منه أكتر". 

وحرص سيف السيد، طالب إعلام في جامعة الأزهر، على حضور الندوة، فهو لا يُفوّت أي مناقشة لعمر الشنيطي، ويقول: "بحاول أبني ثقافة ومعرفة في أغلب المجالات، عشان عايز أشتغل في مجال الإعلام، ولذلك بختار خبير من كل مجال بحاول أتعلم منه خلال سنوات دراستي". 

وفي رأي أميرة راضي، التي تعمل مدير مشروعات بالشركات الناشئة، أن السنوات الأخيرة التي حدثت فيها تغيرات اقتصادية تسببت في اهتمام الجميع بالاقتصاد، ومحاولة فهم التضخم والتعويم، وتعتقد أن ذلك سبب لأن تكون الجلسة ثرية بعدد كبير، بينما تهتم أميرة بسبب طبيعة عملها.