يعاني حي دار السلام في محافظة القاهرة، من عدم وجود ميكروباصات أو وسائل نقل جماعية ما جعل "التوك توك" هو الوسيلة شبه الوحيدة التي يعتمد عليها سكان الحي في تنقلاتهم اليومية، لا سيما أن سيارات الأجرة (التاكسي) ترفض الدخول في الشوارع الضيقة والمزدحمة.
لكن هذه الوسيلة، التي تحولت من حل بديل إلى شريان حياة، تواجه اليوم أزمة متصاعدة بعد ارتفاع أسعار بنزين 80؛ مما أدى إلى زيادة الأجرة وسط غضب الزبائن وضغط السائقين.
ارتفاع أجرة التوكتوك
مع قرار لجنة تسعير المنتجات البترولية، صباح الجمعة الماضية، برفع أسعار البنزين والسولار، ارتفعت أجرة التوكتوك في دار السلام وتراوحت الزيادة من 1 إلى 15 جنيهًا، حسب المسافة.
وارتفع سعر الخط الرئيسي من ميدان المطبعة إلى كوبري دار السلام من 5 إلى 6 جنيهات، أما داخل الشوارع الفرعية تراوحت الأجرة الجديدة بين 10 إلى 15 جنيهًا.
مصطفى رضا، الشهير بـ"تُوكة"، أحد سائقي التوكتوك في الحي قال: "أنا شايف إن زيادة الجنيه مش كفاية، لأن البنزين لما بيزيد، بيزيد وراه زيت الموتور والصيانة وقطع الغيار، وكل ده على حسابي، الجنيه ده ميكفينيش على المسافة اللي بقطعها، خاصة إني باخد راكبين بس، مش زي الميكروباص اللي بيشيل 12 أو 14 راكب وزود الأجرة 3 جنيه دفعة واحدة".
وبالمقارنة مع خطوط الميكروباص الأرخص في دار السلام، مثل خطي السيدة زينب والجيزة، التي وصلت أجرتها إلى 7 جنيهات، يقول تُوكة:"أنا عارف إن التوكتوك مش وسيلة مرضي عنها من الحكومة، بس هو خلاص بقى واقع في دار السلام لأن مفيش بدايل، وفيه ناس كتير بتستخدمه، وفيه سواقين عايشين عليه، إحنا مش أقل من غيرنا، ومينفعش نفضل إحنا الفئة اللي بتتداس كل مرة البنزين يزيد".
واعتبر مجدي سمير، سائق، أن التوكتوك مصدر رزقه الوحيد:"أنا كل مرة البنزين بيزيد، بيقل دخل بيتي، أنا اللي بشيل الزيادة، مش الزبون، وكل مرة الزبون بيقف يتخانق معايا على الجنيه الزيادة، وفي اليوم الأول بعد الزيادة، الناس رفضت تدفع الجنيه، مقدرتش أطبق الزيادة، وكملت اليوم بالسعر القديم".
وأضاف: "الزبون في أول يوم كان بيقول لي إنتوا ما صدقتوا البنزين يزيد علشان تزودوا السعر مع إن الطبيعي إننا نغلي علشان الدنيا تمشي، التوكتوك كان ثابت على 5 جنيهات طول السنة اللي فاتت، مع إن البنزين زاد 3 مرات".
عبء ثقيل
بنزين 80، الذي يُستخدم في التوكتوك ويُعرف بـ"بنزين الغلابة"، شهد خلال العام الماضي أربع زيادات متتالية. في مارس الماضي، ارتفع إلى 11 جنيهًا، ثم في يوليو إلى 12.75 جنيهًا، وفي أكتوبر بلغ 13.75 جنيهًا، وأخيرًا الجمعة الماضية وصل إلى 15.75 جنيهًا، وهي نفس زيادة بنزين 95 المستخدم في السيارات الملاكي.
ونتيجة لهذه الزيادة، يحتاج التوكتوك إلى ما يقارب 126 جنيهًا لتعبئة "التانك" الذي يتسع لـ7 إلى 8 لترات، وهو ما يضيف عبئًا يوميًا على السائقين.
على الجهة الأخرى، السكان الذين يعتمدون على التوكتوك يوميًا وجدوا أنفسهم في مواجهة زيادة جديدة في مصروفات النقل، دون أي بديل متاح.
تقول أميرة عمر، 55 عامًا: "أنا بركب التوكتوك من تحت بيتي لحد محطة أتوبيس الشغل، وبسبب مشاكل في مفاصل رجلي، مقدرتش أرجع أمشي المسافة دي، الرحلة دي كانت بـ20 أو 25 جنيه، دلوقتي بقت بـ30، وآخر الشهر ده بيفرق معايا كتير في المصاريف، وأنا مش بشتغل، وده ضغط كبير".
أما محمد مهدي، محاسب ورب أسرة، قال:"أنا بستخدم التوكتوك من المطبعة إلى مترو دار السلام دلوقتي بيدفع 6 جنيه بدل 5، يعني أنا لو ركبت رايح جاي يوميًا، هدفع 12 جنيه في اليوم، في الشهر يبقوا 264 جنيه، والجنيه مش أزمة لوحده، بس لما كل حاجة بتزيد جنيه واتنين والمرتب واقف مكانه، إحنا كأسر بنتأثر، وده اللي بيحصل كل مرة تحصل أزمة".
وأضاف مهدي عن أهمية التوكتوك في دار السلام: "التوكتوك وسيلة ضرورية هنا مش كمالية، هو الوحيد اللي يدخل الشوارع دي، التاكسيات ولا تطبيقات التوصيل بترضى تدخل بسبب ضيق الشوارع وسوء الطرق، والتوكتوك هو المنقذ، سواء في المشاوير اليومية أو لو حد مريض أو كبير في السن".