باتجاه بيروت والشمال، تتحرك سيارات على طريق البحر السريع، في سيناريو غير جديد على اللبنانيين، نزح 200 ألف لبناني في أنحاء لبنان، من بينهم 50 ألف فروا إلى سوريا، بحسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة، يوم السبت، 28 سبتمبر الجاري، ضمن صراع بدأ منذ أسبوع، بحدث تفجير أجهزة "البيجر" المملوكة لحزب الله، في احتمال تورط الاحتلال في التفجير، حتى صباح السبت بخبر قتل رمز حزب الله "حسن نصر الله"، الأمين العام للحزب، الذي لعب دور في حرب 2006 على لبنان.
يشترك في الاشتباكات الحالية نفس الأطراف التي شاركت في حرب 2006؛ حزب الله وإسرائيل، وقد استمرت الحرب المعروفة بـ"تموز" 34 يومًا، نزح وقتها 250 ألف لبناني، بينما أشار عمران ريزا -منسق الامم المتحدة ومنسق الشأن اللبناني- في حضور "أونلاين" مع الصحفيين في جنيف، يوم الجمعة الماضي، لعدد القتلى والنزوح في حرب تموز أنه يساوي يوم واحد في الأحداث الحالية، إذ قُتل بين 1000 إلى 1200 مدني، بينما وصل عدد القتلى نحو 1640 شهيدًا خلال أسبوعين فقط.
وبينما وصل عدد الجرحى 8408 جريح، طبقًا للإحصائيات الأخيرة لعدد الشهداء والجرحى في مؤتمر صحفي لوزير الصحة اللبناني، صباح السبت، خلال أقل من أسبوعين على بداية الصراع، من بينهم 104 طفلًا شهيد، و17 طفلًا مصابًا، وأشار الوزير أنه لا يزال يوجد مفقودين تحت الركام.
الطرق تتشابه
ازدادت موجة النزوح مساء السبت، بعد خبر قتل "نصر الله"، وازدادت الطرق ازدحامًا وتكدسًا، في سيارات تنقل النساء والأطفال، باتجاه إلى بيروت وجبل لبنان، صيدا وعكار، وهو المشهد الذي تكرر في عام 2006 على نفس تلك الطرق، هربًا من الصراع بالجنوب، فيما يكمن الاختلاف فقط في شكل السيارات الحديث، لكنها نفس حالة النزوح، التي حوّلت 300 مدرسة إلى مراكز إيواء، بما في ذلك جامعة لبنان في بيروت التي استقبلت النازحين.
وبحسب خرائط "جوجل"، فإن الطريق من قرية الناقورة أخر قرى الجنوب قبل الحدود اللبنانية الفلسطينية، إلى بيروت العاصمة، يتطلب ساعة و37 دقيقة بالسيارة في حالة عدم وجود تكدس، بينما يتطلب 23 ساعة و 18 دقيقة، مشيًا على الأقدام، ذلك في مقابل 102 كيلو متر.
بدأت حرب "تموز" باشتباكات بين حزب الله والقوات الإسرائيلية، بعدها أسر حزب الله جنديين إسرائيليين، بهدف تحرير الأسرى اللبنانيين لدى قوات الاحتلال، وانتهى الصراع بعملية تبادل أسرى، لتكون آخر نقطة حاسمة بين حزب الله والاحتلال، ورغم اشتباكات متفرقة من حين لآخر، إلا أن الصراع الحالي تفوق عما سبقه. بدأ الصراع الحالي بضربات عشوائية من حزب الله للأراضي المحتلة، بسبب أحداث 7 أكتوبر على أرض غزة، وبعد مرور قرابة عام، دخلت لبنان في حرب مشابهة مع القوات الإسرائيلية.
خسائر "الحرب الشاملة"
في "انفوجراف" نُشر على منصة الشرق، يوضح سيناريو الحرب حاليًا في حال تصعيد غير منضبط، فيما أسمته بـ"الحرب الشاملة"، الذي يُعرّض نحو مليوني لبناني لخطر النزوح، ويُكلّف بلد الأرز شهريًا 100 مليون دولار شهريًا، بينما في حالة التصعيد المحدود حسب ما حدث في 2006، فيتعرض 250 ألف شخص لخطر النزوح، و يكلف الدولة 50 مليون دولار خسائر.
وسط خسائر ودخان يعاد تجسيد ذكريات اللبنانيين المُرّة أمام أعينهم مرة أخرى، لكن الفارق في هذه المرة أن اللبنانيين يأتي نزوحهم ضمن سلسلة طويلة من نزوح مواطني عدد من الدول العربية، على رأسهم الفلسطينيين في حرب الإبادة على غزة، إذ وصل عدد النازحين 1.9 مليون، بالإضافة إلى نزوح السودانيين بعد حرب بين الدعم السريع والجيش مستمرة منذ أبريل العام الماضي، ليصل عدد 10.7 مليون نازح، بما يساوي 2.1 مليون أسرة، بحسب الأرقام المطروحة من الأمم المتحدة، والمأساة في الأمر أن أعداد النازحين تلك هي نتيجة لحروب تمر بها المنطقة العربية خلال عامين فقط.