مع اقتراب عيد الفطر يعلم أهالي شارعي "أبو طالب" و"المصنع" أنهم على موعد مع زحام غير طبيعي، سيضطرون لمحاولة التأقلم خلال شهر رمضان، بسبب قدوم أهالي دار السلام إليهم والمناطق المجاورة نظرًا لتوافر الملابس بأسعار مناسبة بعض الشيء، رغم الأزمة الاقتصادية الحالية.
تتأفف فادية علي، ربة منزل ومن سكان "أبو طالب"، من الزحام، وتُرجع سبب كثرة الأعداد باحتلال المحال مساحة ضمن الشارع حتى تعرض الملابس، وتُعلّق فادية "بس الناس هتعمل ايه دا رزقها"، مُشيرة إلى أن الباعة الجائلين يحتلّون أيضًا مساحة كبيرة من الشارع على نحو غير قانوني "وأوقات البلدية بتشيلهم، بس ده بيحصل في الأيام العادية، مش أيام العيد".
ويتفق أحمد محمد، عامل بمحل، مع حديث فادية، إذ يرى أيضًا أنه حتى مع بقاء الباعة الجائلين دون إطار قانوني إلا أنه "مصدر رزقهم".
مشاجرات وفقدان أطفال أحيانًا!
اعتاد رمضان محمد عرفان، أب لـ6 أولاد، على الشراء من شارع أبو طالب، لأنه السوق الرئيسي للملابس بدار السلام، ويحكي واقعة فقدان أحد أبنائه بالشارع ذات مرة بسبب الزحام "لكن الحمدلله وجدناه"، ويعترض أيضًا على الزحام الشديد، الذي يؤدي للمشاجرات بين الأهالي"وبدل ما يفرحوا بملابس العيد أصبحوا يتشاجرون في السوق".
يشتري ياسر محمد، أب لـ5 أولاد، ملابس العيد أيضَا من "أبو طالب"، بسبب قرب المكان إليه، وبجانب اعتراضه على الزحام، فأسعار الملابس مرتفعة للغاية؛ حتى أنه اضطر شراء ملابس لثلاثة أطفال بنحو 5 آلاف جنيه، ولا يرى محمد أن أسعار "أبو طالب" تختلف عن بقية الأماكن "لكن هو الأقرب لينا في المسافة".
ولم يقتصر زحام الشارعان على تواجد سكان دار السلام وحدائق المعادى فحسب، فأغلب المناطق المجاورة تتواجه لهم، مثل الزهراء وعزبة خير الله وعرب المعادي، وبعض مناطق حلون، فيقول إسلام إبراهيم، 25 عامًا ومن سكان طرة، إنه اعتاد منذ الطفولة على شراء ملابس العيد من "أبو طالب" برفقة أسرته، حتى أنه استقل بهذه العادة وأصبح يعتمد على الشارع طوال العام، وذلك بسبب توافر عدد أكبر من المحلات والاختيارات في الملابس، والتى تعتبر أسعارها أقل من أسعار منطقة طرة.
يقول إسلام إن متوسط سعر البنطلون الجينز يصل إلى 400 جنيه، و"التيشيرت" تبلغ تكلفته نحو 300 جنيه، أما الأحذية تكلفتها 300 جنيه، بينما يقول إسلام إن أسعار منطقة طره تكون مرتفعة بفارق 100 جنيه عن سعر محلات الشارعين، لنفس الجودة والقطعة.
الشراء قبل العيد ومن أطراف الشارع
على العكس من ذلك تقوم عاليا أسامة، 22 عامًا، بشراء ملابسها قبل العيد تجنبًا للزحام، فيما يتّبع يوسف جمعة، 20 عام، استراتيجية مشابهة، إذ يشتري ملابس من المحلات الموجودة ببداية الشارع "عشان مضطرش أدخل الشارع". وتبتعد ملك محمود، 15 عام، عن الشارع تمامًا، فتشتري الملابس من منطقة العتبة أو وكالة البلح.
وإلى جانب شارع أبو طالب اشتُهر شارع "المصنع" الكائن بمنطقة حدائق المعادي، بأنه واحد من أكبر الشوارع التجارية في حي حدائق المعادي ودار السلام، حيث يوجد فيه محلات بيع ملابس وحقائب وأحذية، من بداية الشارع حتى نهايته، وفيه تسكن سمية محمد، 24 عام، بالشارع.
وتقضي سمية وبقية سكان الشارع، شهرًا كاملًا من إقبال الجميع عليه من كل اتجاه، لشراء ملابس العيد. خلال شهر رمضان تتكبّد الشابة عناء المرور بالشارع للعودة إلى بيتها "هي رحلة شاقة بسبب الزحام، أقضي قرابة 15 دقيقة من محطة المترو حتى المنزل"، في حين أن مشوارها عادة لا يستغرق سوى 5 دقائق، وهي المُدة التي تقضيها سمية تقريبًا في صمت خلال موعد الإفطار فقط.
تنظيم شارع تجاري هو "الحل"
تتأثر الشابة بسبب ذلك الزحام، إذ لا تستطيع التركيز في حالة عملها بالمنزل، وتصبح ضوضاء الشارع موسيقى تصويرية ملازمة لحياتها اليومية في رمضان، إلى جانب معاناتها من ضيق التنفس والتوتر إذا تواجدت بالزحام "لذلك يكون أثقل لحظات يومي حين أعبر الشارع".
وتتمني الشابة تنظيم شارع تجاري تُنقل فيه محلات شارعي أبو طالب والمصنع، يعمل على توفير خدمات لسكان المنطقة، لكنه خالي من العمارات السكنية.
يتحدث أحد أصحاب المحلات-رفض ذكر اسمه- إلى دار السلام، قائلًا إن الازدحام يؤثر على حركة البيع والشراء، مُضيفًا أن التكاتك والسيارات هم أيضًا من أسباب اشتداد الزحام "خاصة إنهم بيقوموا مشاجرات كتير بتعطل حركة المرور"، ويُفسّر صاحب المحل أن أحد عوامل غلاء الأسعار هو ارتفاع إيجار المحلات وفواتير الكهرباء.
"أهم 30 يوم عندنا".. يقول عاطف بركات، صاحب محل ملابس بـ"أبو طالب"، لذلك يتكيّف على ضغط العمل خلال موسم رمضان "حتى لو هنام عدد ساعات أقل"، ومن أهم القرارت التي اتخذها خلال السنوات الماضية هو أن تصل البضائع بعد الفجر، تجنبًا للزحام، فضلًا عن زيادة العمالة خلال الشهر وغلق المحل وقت الإفطار "حتى أستطيع شحن طاقتي أنا وباقي العاملين بالمحل، للعودة في ذروة العمل".
ويقول صلاح عبد الغني، مسؤول بحي دار السلام، إن سبب الازدحام بشارع أبو طالب من البداية سوء تنظيم المباني التي أقيمت بشكل عشوائي، وعن سبب وجود الباعة الجائلين يُفسّر ذلك بقوله إن لديهم تعليمات بالحي بعدم تنفيذ حملات إزالة الإشغالات خلال تلك الفترة بسبب غلاء الأسعار.