قبل نصف ساعة من مواعيد قطع الكهرباء تبدأ فهيمة محمد "أم محمد"، حارسة عقار في دار السلام في تحذير السكان من الصعود في الأسانسير، خوفًا من الحوادث التي سمعت عنها خلال تصفحها مواقع التواصل؛ بسبب عُطل الْمِصْعَدَ وحبس السكان داخله.
بدأت أزمة تخفيف الأحمال الكهربائية في محافظات مصر في ساعات مختلفة خلال اليوم مع نهاية شهر يوليو الماضي، ومنذ بداية أغسطس طرح مجلس الوزراء خطة ثابتة لمواعيد قطع الكهرباء تحت مسمى "جدول تخفيف الأحمال"؛ بهدف توفير الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء والذي قل بسبب زيادة الاستهلاك خلال فصل الصيف.
ويُشكل الْمِصْعَدَ أولوية في حياة سكان العقارات ذات الطوابق المرتفعة في دار السلام وحدائق المعادي، فمتوسط العدد في المنطقة ستة طوابق؛ مما يجعل من انقطاع الكهرباء أزمة للسكان في التعامل مع حوادث المصاعد، ثم أزمة في الصعود والنزول خلال ساعات الانقطاع اليومية.
تُغير أم محمد جلستها من أمام باب العمارة إلى باب الْمِصْعَدَ، وتأخذ كرسيها وزجاجة المياه المثلجة التي تهون عليها ساعة القطع التي تبدأ من 9 إلى 10 مساءً، تُمرِر أصابعها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتتواصل مع مجموعات السكان على "واتس آب" لتطمئن أنه لا يوجد ساكن محبوس في الأسانسير؛ من أجل ذلك ضاعفت اشتراك باقة الانترنت والاتصالات على هاتفها.
صار الأسانسير بعد أزمة تخفيف الأحمال مصدر قلق لكثيرين من الحوادث التي يمكن أن يتعرضون لها يوميًا في أثناء رحلة نزولهم وصعودهم إلى الشقة، فيما تحفل صفحات التواصل الاجتماعي بقصص سكان عالقين في المصاعد بسبب انقطاع الكهرباء.
"فيه حد في الأسانسير؟".. هكذا ينادي محمد عبدالعال، حارس عقار في حدائق المعادي على السكان؛ لنجدة ساكن محبوس في الْمِصْعَدَ.
في البداية قبل إعلان مواعيد انقطاع التيار الكهربائي بشكل رسمي تكرر الحادث مع العديد من السكان، حينها كان عبدالعال يصعد إلى الدور الأخير ثم يلف موتور الأسانسير بيده حى يتحرك إلى أقرب طابق ويستطيع الساكن الخروج، وبعد تحديد مواعيد الانقطاع اليومية أصبح من السهل عليه إبلاغ السكان بعدم الصعود قبل وبعد دقائق من بداية ونهاية الانقطاع.
يخشى محمد تعرضه للخطر في حالة عاد التيار الكهربائي في أي وقت فجأة، يمكن أن يفقد يده التي يلف بها موتور الأسانسير أثناء الانقطاع، لكن حارس عقار مجاور نصحه بفصل التيار تمامًا عن الْمِصْعَدَ لتجنب أي خطر.
منذ أزمة تخفيف الأحمال ومحمد وآخرين من حراس العقارات يتواصلون بحثًا عن حلول تجنبهم وسكان عقاراتهم الخطر، وهو ما أعجب عبدالعال بشدة.
سمية محمود وزوجها، وكل منهما يحرس عقارين في حدائق المعادي، قررا الاحتفاظ بمفتاح الطوارئ للأسانسير طوال ساعة تخفيف الأحمال، على الرغم أن اتحاد الملاك لا يعطيه لحارس أي عقار خوفًا من ضياعه؛ لذا تعتقد سمية أن المفتاح هو الحل، فهو يفتح باب الْمِصْعَدَ حتى في غياب الكهرباء.
وحين عرفت بمواعيد الانقطاع اليومية من التاسعة مساءً، قررت وزوجها تأجيل كل المهام إلى التاسعة والنصف لحين التأكد من خلو المصاعد من السكان، وقبل بداية الانقطاع بعشر دقائق يطلبان من السكان صعود السلم خوفًا عليهم.
"كورس طوارئ الأسانسير" هذا ما اقترحه بعض السكان عبر "جروب اتحاد ملاك العمارة على "واتس آب"، وسينظمه رئيس الاتحاد من خلال "فني مصاعد" يشرح للشباب كيفية رفع الْمِصْعَدَ واستخدام مفتاح الطوارئ، هكذا تابعت سمية الاقتراح، وهو حل رآه اتحاد الملاك لتولي شخص آخر المسئولية عن هذا الأمر، بدلًا من اللجوء لحراس العقارات الذين يتعطلون عن المهام اليومية بسبب انشغالهم بالأسانسير وأزمته.