المصريون و"تخفيف الأحمال".. زبون بـ"نصف لحية" ومخاوف من تلف عينات التحاليل

كتب/ت مريم أشرف
2023-07-31 00:00:00

لا يخلو بيت في مصر من الحديث عن انقطاعات التيار الكهربائي المستمرة ليلًا ونهارًا؛ خاصة وأن ذلك تزامن مع موجة شديدة الحرارة أعلنتها عنها هيئة الأرصاد الجوية في مصر حيث تصل درجات الحرارة إلى 44 درجة مئوية.

وأعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في 19 يوليو الجاري خلال اجتماع الحكومة عن البدء في خطة لتخفيف الأحمال الكهربائية؛ وهو ما فسر أسباب انقطاع الكهرباء لأكثر من مرة تصل إلى ساعة في اليوم في عدة أماكن بمحافظات مصر، وسط ترجيحات باستمرار الخطة حتى منتصف أغسطس. 

مدبولي فسر الخطة بأنها نتيجة للموجة الحارة الشديدة التي تشهدها البلاد، ولزيادة استهلاك الطاقة الكهربائية بصورة كبيرة، وهو ما انعكس أيضًا على زيادة حجم استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، والضغط الشديد على الشبكات الخاصة، حسبما قال رئيس الحكومة. 

في هذا التقرير تحدثت "صوت السلام" عن تأثير انقطاع التيار الكهربائي على عدد من سكان حي دار السلام.

تبدو إيمان محمد، سكرتيرة بمعمل تحاليل قلقة، تنظر إلى الساعة، وتفكر في مصير العينات الموجودة في الثلاجات مع كل انقطاع للتيار الكهربائي، مع شدة الحرارة تُسلم بالأمر وتتوقع تلف العينات واضطرارها الاتصال بالمرضى مرة أخرى لإعادة عمل كل خطوات التحليل.

تعتقد إيمان أن هذا الحل ربما يفقدها ثقة المرضى في المعمل، لكنها منذ تكرار مرات انقطاع التيار الكهربائي لم تواجه تلفًا في العينات، فهي تقوم بتشغيل الثلاجة بجُهد أكبر خلال الساعات التي لا تنقطع فيها الكهرباء.

لكن حال عماد حمدي، صاحب مطحنة بن، لم يكن أفضل من إيمان، إذ خسر 20 ألف جنيه؛ نتيجة انقطاع الكهرباء وقت تحميص البن وهذا يعني توقف التحميص واحتراق حبات القهوة، وأوقف عماد الماكينة انتظارًا لانتهاء الانقطاعات، وقد يضطر إلى وقف عمله بشكل نهائي لأيام؛ بسبب قرب نفاد مخزون القهوة التي استطاع تحميصها.

يفكر عماد في شراء مولد كهربائي خاص بالمحمصة، والتي تحتاج إلى تيار كهربائي عالي مما يزيد من سعر المولد والذي قد يصل إلى 300 ألف جنيه.

واستطاع عماد توفير مولد صغير؛ لتوفير مراوح وإضاءة للعاملين في المطحنة، لكنه لا يزال قلق من أية خسارة قادمة تضطره لوقف عمل المكان إذا نفدت كميات البن أو احترق مرة أخرى وقت التحميص، وهو يفكر في تحميص البن في ساعات وجود التيار، ويقول: “هذا لا يكفي للأسف".

تخفيف الأحمال الكهربائية، قاد وائل محمد، حلاق رجالي إلى تقليص ساعات عمله؛ وهو ما خفض من مبيعات محله خلال الأسبوع الذي بدأت فيه الخطة، لذا طلب من زبائنه الحضور صباح اليوم التالي، فهو يضطر إلى قص شعر الزبائن في إضاءة الشمس الأكثر ضمانًا بالنسبة له.

يروي وائل موقف كوميدي، إذ حلق نصف اللحية لزبون ثم انقطعت الكهرباء، وظل الزبون هكذا على المقعد إلى أن عاد التيار.

يضحك وائل ثم يشعر بالقلق حول عمله الذي تأثر نتيجة انقطاع الكهرباء المتكرر، ولا حل أمامه سوى القبول بنصف المبيعات لمدة أسبوع، وهو يحاول تنظيم احتياجات منزله لتناسب هذا الانخفاض، فيما قرر تأجيل حلم الذهاب إلى المصيف في الإسكندرية هذا العام.

وأزمة انقطاع التيار الكهربائي المتكررة وتزامنها مع موجة الطقس الحار تضاعف معاناة مرضى ارتفاع ضغط الدم، ومن بينهم أحمد محمود، 65 عامًا، الذي أصيب في وقت سابق بجلطتين في المخ، وأصبح فصل الصيف بالنسبة له فيلم رعب؛ إذ قد يرتفع ضغطه من الحر.

يجلس أحمد في غرفة مظلمة وحارة وقت انقطاع الكهرباء، يصيبه التوتر والقلق ويبدو غاضبًا وخائفًا من تعرضه لجلطة ثالثة؛ لعدم وجود مصادر تهوية "تكييف" أو "مروحة" ساعة انقطاع الكهرباء.

قرر أحمد اكتشاف سطح منزله، صعد إليه وأعاد ترتيبه وبحث عن مساحة للجلوس فيه كلما انقطع التيار الكهربائي؛ فدرجة حرارة السطح أقل من المنزل، وبهذا يمكنه الهروب من وساوس الإصابة بالجلطة والحر.

وأصبح اكتشافه لمكان جديد فرصة لتحسين نفسيته بدلًا من الجلوس المستمر في المنزل.