لا تستغنى الأسر المصرية عن أكلة "الرقاق" ضمن مائدة عيد الأضحى؛ تلك الأكلة البسيطة التي تتكون من الماء والدقيق، تُصبح وجبة دسِمة مع إضافة اللحم والسمن يفرح بها البيت المصري خلال مواسم الأعياد.
وداخل حي دار السلام صار "الرقاق" مشروعًا موسميًا لربات البيوت، يضخّ بعض الربح لتخفيف تكاليف إنفاق أسرهم.
منذ صغرها اعتادت فايزة أحمد على عمل الرقاق، غير أنها حوّلته إلى مشروع ربحي تبيع فيه كيلو الرقاق بـ40 جنيه، حتى تساعد في مصاريف المنزل، إذ أنها ربة منزل ولديها أربعة أبناء.
تقول فايزة إن سعر كيلو الرقاق ازداد 10 جنيهًا، بعدما كان العام الماضي 30 جنيهًا، بسبب ارتفاع الخامات المُستخدمة، فسعر كيلو الدقيق وصل إلى 20 جنيهًا، وقد كان سعره 16 جنيه، فضلًا عن سعر أنبوبة الغاز الذي بلغ 170 جنيهًا.
ارتفاع الأسعار هذا العام يُقابله قلة الطلب على الجانب الآخر، فعدد زبائنها معروف كل عام، إلا أنهم أصبحوا يطلبون عدد كيلوات أقلّ، فمثلًا من كان يشتري 5 كيلو، صار يشتري 3 كيلو رقاق فقط، بحسب قولها.
ضغط العمل
ولأن عيد الأضحى يعتبر أحد أكثر المواسم طلبًا على الرقاق يختلف روتين يوم فايزة قبل العيد؛ وتروي قائلة "أستيقظ من النوم في السادسة صباحًا لصناعة الرقاق، وأظلّ أعمل حتى آذان العشاء برفقة أقاربي"، فهم يجتمعون بحب كل موسم لصناعة الرقاق، ويقسمون الربح سويًا، خاصة مع ارتفاع سعر إيجار شقتهم أيضًا نحو 200 جنيه، مُقارنة بالعام الماضي.
تقوم سماح محمد بنفس المشروع، واضطرت أيضًا لزيادة سعر كيلو الرقاق إلى 40 جنيه، لتحقيق هامش ربح، ويشارك سماح في المشروع صديقتها التي تُعدّ بمنزلها كميات كبيرة من الرقاق، حيث تذهب إليها في السادسة صباحًا، حتى تُنهي عملها في الثانية ظهرًا "وبعدها أذهب لعملي الأساسي كمساعدة تمريض". تضطر سماح إلى التوفيق بين عملين لمساعدة زوجها في مصاريف الأسرة.
توضح سماح أن دخلها من مشروع الرقاق موسمي فقط، ويتراوح أجرها اليومي بين 100 إلى 120 جنيهًا، أما عن عملها بالمستوصف فتحصل على راتب شهري يُقارب ألف جنيه، وتضيف قائلة "برغم الغلاء إلا أن الناس يأتون ويشترون، حيث نبيع في اليوم ما بين 10 و 15 كيلو، ولكن باختلاف الكميات لأن هذا موسم العيد ولا يصلح دون رقاق، فهي عادة لدينا منذ الصغر".
اعتادت مي محمود، أم لأربعة أولاد، على طلب الرقاق في عيد الأضحى، لكنها اضطرت إلى شراء 2 كيلو فقط، بسبب غلاء سعره حاليًا، مقارنة بالعام الماضي الذي اشترت فيه 3 كيلو. الرقاق يُعدّ عادة أساسية لدى عائلة مي، إذ أنه لا بديل عن عمل صينية الرقاق باللحم المفروم، وتضيف "وكمان بحب أعمله بالسكر".
وعلى عكس أسرة مي التي تُحب أكل الرقاق، فإن أسرة فاطمة السيد غير مُعتادة على أكله، لذا تشتري السيدة الثلاثينية كيلو واحد فقط.
البعض يُفضلن صناعته منزليًا
لا تشتري جميع السيدات الرقاق، فالبعض يُفضّلن صناعته منزليًا، ومن بين هؤلاء شيماء علي التي تقوم بصناعته برفقة والدتها، لكنها تضطر الآن إلى تقليل الكمية، بسبب غلاء سعر كيلو الدقيق إلى 20 جنيه، وتوضح شيماء أنها تقوم بصناعته "لضمان نظافته".
وتصنع شيماء من كيلو الدقيق كيلو ونصف رقاق تقريبًا، أي بما يساوي 60 جنيه، في حالة حساب كيلو الرقاق بـ40 جنيه، فبهذا الشكل تُوفّر شيماء تكلفته بدلًا من شرائه كليًا.