أعتقد أنه مرّ وقت ليس بقصير منذ وجدت وجداني يرتعد ويجبرني على الإمساك بقلمي للكتابة.
مرّت خمسة أشهر على التحاقي بالجامعة، عالم جديد وتجربة جديدة مفعمة بالحرية وروح الشباب المتمردة، هذا ما يميز تلك المرحلة، في طفولتنا ومراهقتنا نوعًا ما تقيدنا الظروف وتؤثر عوامل كثيرة على قراراتنا.
الآن، وعندما أصبحت في دائرة أكثر حرية، فهمت معنى أن تكون ناضجًا، وأنه حتى لو بقيت حرًا وتختار بإرادتك دون مؤثرات خارجية.. ستجد بداخلك ما يقيدك.
تعلمت منذ أن أكملت الثامنة عشر من عمري..
أنك لن تبقي وحيدًا، نحن شباب القرن الحادي والعشرين نعيش في مجتمع أصبح ضيقًا ومترابطًا.. سواء كان هذا بسبب التطور التكنولوجي والإنترنت، أو لتغير طبيعة المناخ الاجتماعي.. علينا أن نعترف أننا نعيش وسط مجتمع أكثر ما يخيفك فيه هو أن تبقى وحيدًا.
لأكثر من عشر سنين من عمري كان لدي فقط أصدقاء عابرين وعلاقات سطحية، ولكن عندما التحقت بالجامعة ووجدت هذا صديق لذاك وهذه تحب هذا.. أعتقد أنني أصبحت مهووسة بتكوين صداقات..فقط لأنني أخشى البقاء وحيدة.
هنا وقع الخطأ، البشر مختلفين تمامًا كاختلاف بصمات أصابعنا كذلك، لا يمكن أن يتشابه فلان وعلان!
ولكن الخطأ الذي وقعت فيه هو أنني لم أتقبل اختلافي للحظة، أعتقد أن الكثيرين مروا بهذا!
تظن أنك لا تواكب عصرك أو ربما بيئتك التي نشأت بها طبعت عليك عادات وتقاليد مختلفة عن المحيط بك، أيًا كان السبب لم أتقبل كوني مختلفة.
هنا قررت أن أستسلم لطبيعة عصري.. وهي التغيير، سأصبح مسايرة لصيحات الموضة، والمؤلم أن "الموضة" لا تطلق فقط على الملابس والصيحات الحديثة ولكن أصبح هناك موضة "الأخلاق" أيضًا، وهنا يكون الفخ.
دون الدخول في تفاصيل كل منّا يملك حدود والحدود هي ملامح شخصيتنا وهويتنا وهي ما يميز البشر، كلما أصبحت حدود شخصيتك واضحة وصريحة كلما أصبحت شخص سوي وناضج، لا تسير مع التيار فقط لأنك تخشى الوحدة، إن كنت تريد أن تتغير فتغير لأجل ذاتك ليس لأجل المحيط بك، ولا أحتاج لأعلق يا صديقي.. يجب أن يكون التغيير في صالحك.
كيف نعرف أن التغيير في صالحنا؟! فقط لا تزيف الحقيقة وتجملها، نحن أصحاب العقول.. لسنا بهائم تنساق، جميعنا نعرف ما يصح وما لا يصح، بالنسبة لك على الأقل، أتفق ليس هناك صحيح مطلق أو خطأ مطلق وهي أمور نسبية تختلف باختلاف البيئة والشخصية والظروف وطبيعة العصر، ولكن هناك أمور واضحة، فقط اتبع الصحيح واتبع صوت ذاتك، كن أنت لأجلك.
في النهاية ستدرك أن الشخص الوحيد الذي عليك أن تتصالح معه.. هو ذاتك ليس إلا!
لأنك ستقضي معها عمرًا كاملًا، يجب أن تكون راضية وكذلك أنت راضٍ عنها.
الأمر ليس معقدًا رغم أنه يبدو كذلك، أنت تخشى الوحدة ولكن بسبب خوفك هذا ستخسر ذاتك، ستتخلى اليوم عن مبادئك ثم العقيدة ربما حدودك ستتركها لكن يتخطاها.. وماذا بعد ؟! ربما سيغادر هؤلاء الذين جاهدت لتتغير من أجلهم.
وحل هذا في الوقت، نحن نعيش على كوكب يحوي حوالي سبعة مليار نسمة والعدد في تزايد، سيكون هناك من يشبه روحك ويتقبلها دون أن تتغير، وفي النهاية لن تبقي وحيدًا.. انتظر فحسب من يحافظ على ذاتك معك لا يريد أن يغيرها أو يهدر روحها في المحاولة.
خطئي أنني حاولت أن أهدر طاقتي لأثير إعجاب الجميع، ولأنني أردت أن أكون لطيفة مع الكل حتى تغير الحال وأصبحت أعاتب ذاتي على تفاصيل في ذاتي.. لماذا لا أسمع موسيقى هذا؟؟ لماذا لا أتناول ذاك؟؟ يا للجهل لمّ لا أرتدي هذا؟! لمَ لا أضع ذاك؟!
ضاعت ثقتي بذاتي، مع الوقت أصبحت روحي هشة ولا أملك شخصية واضحة لاواجه بها المجتمع كل صباح، رأيت وجهي قبيح وكذلك روحي أكثر قبحًا!
لقد سئمت من انتقاد نفسي وتعديلها على هوى البشر، لذلك قررت أنه لا يمكنني أن أكترث للآراء السلبية بعد الآن، ما دمت أسير على النهج الصحيح بالطبع.
وهذه هي رسالتي للجميع، إذا كان المجتمع أصبح غريبًا تحت اسم التحضر ويرحب بأفكار متناقضة سأثبت تركيزي على ذاتي..لا أريد أن أكون غريبة بل عادية.. كما ولدت وكما تربيت، في يوم ما تتيقن أن "العادي" الخاص بك هو "عادي" بشكل استثنائي، وستكون مميز ما دمت تحاول أن تكون ذاتك الحقيقية دون تعديل.. معتاد ولكن فريد، ستكون هذه معادلة صعبة ومدهشة.
في يوم ما، ودون أن تبذل ذرة مجهود لتتغير، ستجد أشخاصًا منبهرة "بالعادي" الخاص بك، ستجد أناس ينظرون لك وكأنك أعجوبة الكون، وهؤلاء هم من يستحقون أن تبقى معهم حتى النهاية وتحاولون معًا تعديل الثغرات التي تملأ روحكم.. وحتى ذلك الحين لا تخسر ذاتك وتأكد أنك لن تبقى وحيدًا.