في أحد الشوارع الجانبية يتلاقى ثلاثة أشخاص لا يعرف منهم الآخر، لكل شخصية منهم أفكار مختلفة، ليقرروا أن يأخذوا من العالم الخارجي هدنة يعرضوا من خلالها للجمهور أفكار كل شخص وتمسك كل منهم بأفكاره، محاولًا أن يقنع بها الآخرين فينتج عن ذلك التشابك بينهم "هدنة"، مسرحية في إطار مهرجان المنصورة المسرحي الأسبوع الماضي، فالعرض من تأليف محمود محسن وإخراج محمد النجد، عرضت للمرة الثانية لفريق كلية الهندسة الخاص بجامعة المنصورة مع وجود بعض التغييرات عن المرة الأولى، على خشبة مسرح أم كلثوم بقصر ثقافة المنصورة، من خلال مهرجان المنصورة المسرحي الأول.
قام مصمم الديكور ملاك رفعت بتصميم ديكور يشكل أحد الشوارع الجانبية أو ما نسميه الآن ب"الـحارة" عن طريق الجدار الذي شكله قديم بعض الشئ وكذلك النوافذ مع إضافة الألوان الباهتة لذلك الجدار لتجسيد روح البيوت القديمة، ومع وجود عجلات السيارات القديمة والقمامة و"الكراتين" القديمة.
ليبدأ العرض بدخول أحد الأشخاص واضعا سيجارة في فمه وفي يده مسدس، لتفكر في الوهلة الأولى أنه قد ينتحر ليدخل عليه شخص آخر فيوجه المسدس تجاهه ويظن أنه سيقتله لنكتشف أن ذلك المسدس مجرد قداحة لا تعمل!
يعرف كلا منهم نفسه للآخر، فالأول هو ممثل مسرحي والثاني شخص غني، يدخل عليهم شخص ثالث يصيبه التوتر بسبب أول يوم عمل كطبيب كيميائي.
لتبدأ من هنا القصة، ممثل يحمل ملابس دور البطل في طريقه للمسرح وغني تعطلت سيارته وكيميائي يأخذ قسط من الراحة من عمله، ليقرروا أن يأخذوا "هدنة" من الواقع ولكن يحدث عكس ذلك ويبدأ بينهمالصراع ويحاول الممثل بإقناع للطبيب و الغني بأنه ممثل مشهور و يلعب دور البطولة في المسرحية،ليبدأ جدال بين الطبيب و الممثل، بأن الطبيب يرى أن لا قيمة للتمثيل وأنه لا يهتم به ويحزن من القيمة الضئيلة للعلماء عند الناس مقابل الممثلين الذين يأخذون المقدار الكبير من الاهتمام والمال، بينمايحاول الممثل أن يقنعه بأهمية التمثيل مع أنه مجرد ممثل مغمور لا يأخذ إلا القليل من المال .
دون جدوى يسأله الكيميائي عن اسم مخترع المصباح الكهربائي الذي لا يعرفه الممثل، فيتحدث معه عن عدد العلماء الذين لا يعرفهم الناس في مقابل أنهم يعرفون الممثلين ويرددون كلماتهم. وفي أثناء حديثهم، يقف الغني بنظراته الساخرة المعتادة فهو يرى أنه بالمال يستطيع أن
يملك كل شئ.
ويقرروا بعدها أن يجمعوا التمثيل والغناء معًا ويظهر مرة أخرى قوة الأشعار بلحن رفيق يوسف الذي يعلق في أذنيك فيغنون "غنوا معي يا سامعين رفقًا يا دنيا بالحالمين"، فتخرج وأنت ترددها.
أحداث كثيرة تشاهدها كتبت بعبقرية ونفذت باجتهاد، وقبل أن تنتهي المسرحية يتفق الثلاثة علي اللقاء كل يوم في نفس المكان و نفس المعاد لأخذ "هدنة "من الواقع، تخرج من العرض وفي خاطرك سوال مهم، هل لابد لنا من هدنة من ضغوط الواقع حتى نمضي قدما في المستقبل ؟