سمح عمل الصيدلانية، أمل صلاح، في منفذ لصرف علاج مرض نقص المناعة البشري "الإيدز" في مستشفى المسلة التخصصي بأسوان في تعزيز وعيها بمخاطر المرض وطرق الإصابة به وإزالة الوصم عن المصابين به.
تقول "صلاح" لـ"عين الأسواني": “لمست أثر المشكلة من عدد المرضى المترددين على المستشفى، وشعرت بأننا في خطر حقيقي لا يعلم عنه الجميع، لذا أطلقنا مبادرة "طوق نجاة" لإزالة الوصم والتنمر الذي يعاني من مريض الإيدز وتوعية المجتمع، خاصة مع انتشار شائعات تزعم بأن الإصابة نتيجة للعلاقات غير الشرعية فقط، بالإضافة إلى تقديم المشورة والدعم النفسي للمرضى".
في منتصف ديسمبر الجاري بدأ عمل "طوق نجاة" على الأرض، عبر تقديم عروضًا مسرحية في أكاديمية الهلال للتدريب على الخدمات الطبية "شريك في المبادرة" في حي الرضوان بمنطقة العقاد.
وتسعى المبادرة بالتشبيك مع مؤسسة "سنابل الخير" إلى مواصلة تقديم عروض أخرى، والوصول إلى الجمهور في أماكنهم بمراكز الشباب وفي مراكز وقرى أسوان.
وتعاون مع المبادرة مشروع "غناوي وحكاوي" الذي قدم أعضائه حكايات من قلب الواقع أبطالها أصيبوا بمرض "الإيدز" أو أصيب ذويهم، ورغم المساحة الصغيرة الممنوحة للمشروع وهي ثلاثة أمتار فإن حكاياتهم اجتذبت عقول الجمهور.
و"طوق نجاة" هي أول مبادرة في أسوان مخصصة بشكل كامل للتوعية حول مرض "الإيدز".
ويقول مصطفى هلال، مؤسس الأكاديمية وأحد مؤسسي المبادرة، إن العروض المسرحية لا تنسخ الواقع بل تحاكيه.
وقدمت المبادرة 4 عروض مسرحية هي "يا ضنايا" وهي قصة أم تعيش في منزل يضم عدة أسر من عائلة واحدة، وتكتشف إصابة ابنها القاصر بمرض الإيدز نتيجة اعتداء جنسي، وذلك بعد وقائع عديدة مثل تبوله اللاإرادي، تصطحبه للطبيب فيفاجئها بمرضه، الشك يملأ قلبها في دوائرها المقربة، تبحث عن الفاعل كثيرًا، وفي النهاية يفقد ابنها حياته.
على مقعد خشبي تجلس شيماء أبوزيد، بطلة الحكاية، ومدربة مسرح بأكاديمية مسرح "غناوي وحكاوي"، تروي وتجسد القصة، يصفق الجمهور لها.
ويقول "هلال" و"أبو زيد" إن عادات المجتمع قد تصيب ضحاياه بمرض الإيدز ومن ضمنها زواج القاصرات، والذي تتزوج فيه الطفلة من ابن العم أو الخال أو من ثري عربي أو رجال يملكون مالًا من خارج المدينة، دون استطلاع جيد لطبيعة حياة الرجل قبل الزواج.
الحكاية الثانية كانت "حدثت بالفعل"، وتناول أبطالها "عمر مكي، محمد حسن، بسملة، أحمد إبراهيم"، قصة متعاطي للمخدرات والتي لم تصبه فقط بالإيدز بل تؤدي لزيادة بؤرة المرض، فيما نبهت الحكاية إلى خطورة إهمال الوالدين لتربية أبنائهم.
وقبل الحكاية الثالثة وقفت الطبيبتان "سهير وأمل" وألقيا محاضرة حول المرض والشائعات المتداولة حوله، وسط تفاعل متبادل مع الحضور.
وأوضحت كلا منهما أن حامل المرض من الممكن أن يصاب بسهولة بأي مرض آخر بما يؤدي إلى وفاته، وأن المرض ينتقل عن طريق الدم سواء باستخدام عدد من المدمنين حقنة واحدة، أو عن طريق العلاقات الجنسية سواء بين ذكر وأنثى أو بين متطابقي الجنس، كما قد ينتقل للأطفال عن طريق الأم في مراحل الحمل والرضاعة والولادة، أو عن طريق نقل دم بطريقة غير معقمة، أو من عيادات الأسنان التي لا تُعقم أدواتها.
وتُقدر منظمة الصحة العالمية أعداد المصابين عالميًا بمرض "الإيدز" بـ 39 مليون مصاب حتى نهاية 2022.
وتقول الدكتورة هبة السيد، مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز والتابع لوزارة الصحة، في حوار صحفي سابق مع جريدة "المصري اليوم"، أن عدد المتعايشين مع الإصابة بالإيدز 30 ألف شخص.
نعود للطبيبتان في المبادرة، اللذان قالا إن "الإيدز" تظهر أعراضه عند فئة قليلة من الناس، وقد لا تظهر، في حين تتشابه أعراضه مع الإنفلونزا وتورم الغدد الليمفاوية، بينما لا ينشط المرض في بدايته، وقد يظهر بعد عشر سنوات من الإصابة.
الحكاية الثالثة "دولت" والتي جسدتها سلمى محمد، وناقشت فيها مشكلة الزواج المبكر في المجتمع القبلي، وآخر الحكايات هي "سيدي سليمان بيه" التراثية.
ويقول أحمد إبراهيم، 17 عامًا، من فريق "غناوي وحكاوي" ومشارك في تمثيل حكاية "حدث بالفعل": “عندما قررت تقديم عمل عن مرض يحتاج إلى توعية بدأنا بالبحث عن المرض وأعددنا حكاية تعبر عنه".
ويقدم "إبراهيم" منذ عمر العاشرة عروض مسرحية في المدرسة وقصر ثقافة أسوان ثم مسرح "غناوي وحكاوي".
وتمثل العروض لمحمد خالد، 21 عام، طالب في كلية الدراسات الإسلامية في جامعة أسوان ومتدرب في الأكاديمية، التجربة الأولى للتفاعل مع هذه القضايا، وقاده فضوله للحضور.
وقال: “لم يكن لديّ معرفة كافية بالمرض والعروض وسعت مداركي"، فيما حضرت يثرب حسن، 19 عام، الطالبة التي تدرس التمريض؛ بهدف معرفة طرق السلامة.
وقالت راندا ضياء، مدير مشروع "غناوي وحكاوي" إن أعضاء المبادرة ـ ومنهم أطباء - قرروا التحرك سريعًا للتوعية بعد ملاحظة وجود تزايد في الإصابة بمرض الإيدز.
وأضافت: “اخترنا المسرح لأن الفن يتقبله الجمهور سريعًا أكثر من المحاضرات النظرية، وبخاصة المسرح الذي يقدم قصصًا مستوحاة من الواقع نعيد صياغتها في حكايات وعروض مسرحية حية وأغاني واستعراضات".
وعن المؤديين قالت: “قدمنا لهم ورش كثيرة عن الجندر".
وانتهى يوم العروض بمناظرة بين فريقين من الجمهور أدارها أعضاء من المبادرة، كما شارك باقي الجمهور في دعم الفريقين بمعلومات تعلموها من العروض التي استمرت قرابة الساعتين.
فيما هتف أعضاء المبادرة بنهاية اليوم قائلين: "مع طوق نجاة.. بالفن نبني حياة”.