يُعد فنار بورسعيد، من أهم المعالم السياحية والأثرية في مصر؛ فهو يمثل نموذجًا فريدًا للعمارة والهندسة في البناء المتقدم فى أواخر القرن التاسع عشر.
كما يُعد أعلى مبنى فى المنطقة الواقعة ما بين شاطئ البحر المتوسط شمالاً والقاهرة جنوباً والإسكندرية غرباً وحيفا شرقاً؛ فيبلغ طوله 56 متراً.
وشُيد المبنى للخدمة المدنية لسلامة الملاحة البحرية فى العالم، من الصخور الصناعية "الخرسانة المسلحة"، كأول مبنى خرساني في العالم ـ حسب ما جاء فى كتاب "بورسعيد عمارة القرن التاسع عشر والقرن العشرين"، تأليف ماري لوري، وكرونييه لوكرنت، وجمال الغيطانى، ونجيب أمين ـ.
ولكن مع دخولنا الألفية الجديدة، مُنع المبنى الأثري من ممارسة نشاطه، في ظل توسعات أصحاب المال والنفوذ التي شهدتها محافظة بورسعيد بشكل ملحوظ، خصوصًا ببناء الأبراج السكنية التي حاوطته كحواجز خرسانية من كل الاتجاهات.
ومنذ عام 1997 انطفأت الأضواء المنبعثة من الفنار، ما دفع مسؤولي السلامة البحرية لاستبداله بفنار آخر جديد على الشاطئ، وعلى مدار ما يقرب من 30 عاماً وحتى الآن لم تمتد إليه يد الترميم أو التطوير رغم صدور قرار من وزارة الآثار فى 2012 بضمه كأثر تاريخي ليحظى بشهرة عالمية على غرار برج إيفل الشهير بالعاصمة الفرنسية، ولكن دون جدوى.
كان الفنار له ميزة أخرى وهي إعطاء بياناً دقيقًا للتوقيت ثلاث مرات خلال اليوم، الأولى في السادسة صباحًا، والثانية في الثانية عشر ظهراً، والثالثة في السادسة مساءً، وذلك عن طريق كرة سوداء ضخمة على سارية عالية موجودة بأعلى الفنار ترتفع ثم تُحدث صوت عالٍ ناتج عن سقوطها بفعل هواء الستيم يسمعه كل أهالى بورسعيد.
يقع فنار بورسعيد عند نهاية حاجز الأمواج الغربي لقناة السويس ويطل بواجهته الرئيسية شرقاً على ميناء بورسعيد بالتحديد في حي الشرق "الحي الافرنجي سابقاً"، بشارع فلسطين "شارع السلطان حسين سابقاً"، وغرباً على شارع ممفيس "محمود صدقى سابقا"، ومن الناحية الشمالية على شارع الطائف، ومن الجنوب على شارع الجبرتي.
شُيد الفنار على قاعدة بالقرب من نهاية حاجز الأمواج الغربي للقناة محاط بالأحجار الضخمة لصد الأمواج من جميع الجهات عند الافتتاح قبل تراجع مياه البحر المتوسط تاركة وراءها أراضى سميت بعد ذلك بطرح البحر وما زال الفنار يحتفظ بتخطيطه الأصلي على الرغم من الإضافات التي استحدثت فيه.
تاريخ الإنشاء:
عند اتخاذ الخطوات العملية فى انشاء بورسعيد كـ ميناء بحري في 25 أبريل 1859 فى عهد سعيد باشا والي مصر آنذاك اجتمع مسيو فرديناند ديليسبس بكبار مهندسي المشروع واتخذ عدة قرارات من بينها إنشاء فنار لإرشاد السفن لموقع الميناء الجديد يهتدي بنوره السفن القادمة الى الميناء قبل افتتاحه.
وكلف ديليسبس مجموعة من العمال الأوربيين بإنشاء فنار قرب الحد الجنوبي لـ حاجز الأمواج الغربي للقناة فكان عبارة عن دعامات من الخشب فوقها الفانوس يبلغ ارتفاعه 20 متراً.
وانتهى الإنشاء فى يوليو 1859 ليضيء مسافة 25 ميل، وكانت تلك المسافة تفي بالغرض حتى عام 1869.
وبعد انتهاء أعمال حفر القناة، وتهيؤ السفن للإبحار فيها، دعت الضرورة لإنارة ساحل البحر المتوسط فيما بين الإسكندرية وبورسعيد بمنارات لإرشاد السفن التي تتردد على القناة بنورها.
وانعقد مجلس من العلماء الفرنسيين والمهندسين البحارة وتم اختيار 4 نقاط لإقامة أربعة فنارات على ساحل رشيد، والبرلس، وعزبة البرج، عند مصب نهر النيل بدمياط وبورسعيد.
وصدر أمر الخديوي إسماعيل إلى الكومبانية بعمل تلك الفنارات تحت إشراف الحكومة المصرية التى أعلنت عن مزاد بين مجموعة من المقاولين في عام 1869 وقد رسا فنار رشيد والبرلس وعزبة البرج على كومبانية قامت بتشييد تلك الفنارات من الحديد.
ورسا فنار بورسعيد على كومبانية أخرى شيدته من الصخور الصناعية "الخرسانة المسلحة"، وحتى يتم التمييز بينهما جعل لكل واحد منهما وضع يخصه؛ فنار رشيد متحرك وأنواره متنوعة إلى أبيض وأحمر تتغير الحمرة إلى البياض العكس كل عشر ثواني، والبرلس ثابت بنور واحد، أما دمياط عزبة البرج متحرك ونوره أبيض غير ثابت يظهر ويختفى بعد دقيقة، وفنار بورسعيد مضطرب مرتعش كهربائى له بعد كل ثلاث ثوان غمضة وانفتاح.