في رحلة البحث عن "سكن".. طلاب الجامعة بين "إيجار مرتفع" و"ميزانية منخفضة"

تصميم لباسم حنيجل

كتب/ت عبدالرحمن خليفة
2024-11-04 16:36:03

البحث عن سكن خارج الجامعة هو ما يشغل بال عبد الرحمن أشرف منذ نهاية أغسطس الماضي، فرحلة البحث عن سكن يتناسب مع ميزانيته الشهرية أصبح أمرًا مؤرقًا له وزملائه من الطلاب في جامعة المنيا ممن يوصفون بـ"المغتربين"، خاصة بعد ارتفاع معدلات الإيجارات داخل المدينة. 

يدرس أشرف في الفرقة الرابعة بكلية التربية الرياضية في جامعة المنيا، وفيما يسكن قرية "إبشادات" التابعة لمركز ملوي، التي تقع على أطراف المحافظة جنوبًا

لا يوجد طريق مباشر بين "أبشادات" والمنيا، لذا يحتاج أشرف الانتقال إلى ملوي أولًا، ومن ثم ارتياد مواصلة أخرى إلى المنيا. يستغرق في ذلك قرابة ساعتين ذهابًا ومثلهم إيابًا لقطع 40 كم تقريبًا، وبينما زاد ميكروباص القرية تعريفته من 7 جنيه العام الماضي إلى 9 جنيهًا مع الزيادة الأخيرة. ارتفعت تعريفة ملوي- المنيا إلى 22 جنيهًا، أي بتكلفة يومية تقريبًا 31/ 62 جنيهًا لليوم الواحد.

يعلق أشرف على ذلك قائلًا إنه مضطر للبحث عن سكن قريب للجامعة توفيرًا للوقت ومصاريف الانتقالات. 

وفي عامه الدراسي الأول لم يستطع أشرف السكن بالمدينة الجامعية لأن إدارتها اشترطت الحصول على مجموع أعلى من 85%، بينما حصل هو على مجموع أقل من 80% في المرحلة الثانوية، لذا كان البديل المتاح هو البحث عن سكن خارج الجامعة.

كذلك لم يتمكّن أشرف خلال الأعوام التي تلت ذلك من السكن داخل المدينة الجامعية. ووفقًا لشروط القبول في المدينة الجامعية، والمنشور على موقع جامعة المنيا، يتطلب السكن في المدينة بتقدير الطالب وإذا كان من ساكني من المدينة الجامعية أم لا، فضلًا عن المسافة بين محل إقامته والمدينة.

ووفقًا للطلاب الذين تحدثنا معهم خلال هذا التقرير، تخفّض هذه الشروط من الأعداد المقبولين في المدينة، يقول أشرف: "في السنة الأولى حصلت على تقدير جيد جدًا، وفي الثاني تقدير جيد، وفي الثالثة جيد جدًا، ومع ذلك لم تتوافق تقديراتي وبقية الشروط مع حالتي". 

في عام 2021، أي العام الدراسي الأول لأشرف، استأجر سريرًا في سكن خاص للطلاب بمنطقة دماريس بمدينة المنيا، وكان إيجار السرير وقتها لا يتجاوز 250 جنيهًا شهريًا، وازداد الإيجار عامًا تلو الآخر بمقدار 100 جنيه، ففي العام الدراسي الثاني ارتفع إلى 350 جنيهًا، وفي العام الذي يليه ازداد إلى 450 جنيهًا، غير أن العام الحالي ارتفع الإيجار دفعة واحدة إلى 800 جنيهًا، وتساءل أشرف عن أسباب تلك الزيادة، غير أنه لم يجد إجابة منطقية.

ولا يستطيع أشرف التغيب عن الحضور خصوصًا في عامه الدراسي الأخير، ويبقى مضطرًا للاستمرار في البحث عن "سكن" للإيجار، يشير إلى أن ذلك سيضاعف تكلفة احتياجاته تقريبًا، مما يُمثل عبئًا عليه وعلى والده: "هضطر أدفع إيجار شهري 800 جنيه، غير تكاليف الأكل ومستلزمات الدراسة، مما يعني أن ميزانيتي الشهرية ستتعدى الـ3 آلاف جنيه، وهذا مرهق لي ولعائلتي". 

معاناة جماعية

ولا يعاني أشرف وحده من ارتفاع الإيجارات.

فعلى أطراف شمال محافظة المنيا، من مركز مغاغة التي تبعد عن المدينة ما يقارب 72 كم. يأتي  أحمد عبدالله، الطالب في الفرقة الثالثة في كلية الألسن بجامعة المنيا.

يحتاج عبدالله ما يقارب ساعتين و23 جنيه لكلًا من رحلة الذهاب والإياب، لذا فهو أيضًا بحسبة بسيطة يجد أن إقامته في المنيا ستكون الخيار الأقل من حيث المصاريف الاجمالية الشهرية.

وتختلف قصة عبدالله مع المدينة الجامعية عن أشرف، فإدارة المدينة رفضته بسبب أن عمره أكبر من أقرانه "كان عندي 19 سنة"، على الرغم أن مجموعه يتجاوز المطلوب للسكن الجامعي، لذا اضطر إلى البحث عن سكن خاص مُتحملًا أعباء مادية إضافية، فيما تجاوز الإيجار الشهري للسكن الخاص له منذ بداية هذا العام 1000 جنيه في منطقة شلبي بمدينة المنيا، في مقابل 600 جنيه متوسط الإيجار في الأعوام الماضية. 

نتيجة ذلك اضطر عبدالله البحث عن عمل كي يتمكن من تسديد تكاليف الدراسة، فضلًا عن الإيجار وتكاليف الطعام "دلوقتي ميزانيتي تعدّت 4 آلاف جنيه شهريًا". 

 

أسباب ارتفاع أسعار الإيجار 

ويوضح علي عبد العظيم، صاحب عقار بمنطقة دماريس في المنيا، ارتفاع أسعار الإيجار بالنسبة لطلاب الجامعة بقوله "كل ملاك العقارات رفعوا قيمة الإيجار الشهري بنسبة تصل إلى 40% عن العام الماضي"، مؤكدًا على عدم إلزام الطلبة بدفع قيمة فواتير المياه والكهرباء والغاز. وجدير بالذكر أن أسعار الكهرباء ازدادت مرتين خلال العام الحالي، كما ارتفع سعر غاز البوتاجاز.

واستطرد عبد العظيم بقوله إن ارتفاع الأسعار في منطقة دماريس خفّض من نسبة الطلاب المقبلين على السكن بها، كما لاحظ أن توجه الطلاب للسكن في مناطق أبعد عن الجامعة آملين في العثور على سكن بسعر مناسب. 

 

طلاب الجامعة الأهلية

ولدى طلاب الجامعات الأهلية معاناة أخرى، فليس لهم الحق نهائيا في السكن بالمدينة الجامعية، وبالتالي فهم عُرضة أكثر لاستغلال أصحاب العقارات، على حد وصف يوسف حسن، الطالب في الفرقة الثانية بكلية الطب في جامعة أسيوط الأهلية، وهو من أبناء مركز أبو قرقاص، فيما وصف حسن أصحاب العقارات بأنهم "مستغلين"، لأنهم بمجرد معرفتهم بأن الطالب في الجامعة الأهلية يرفع قيمة الإيجار بمعدل أكبر من طلاب الجامعة الحكومية "كل فرد يدفع قيمة إيجارية بحسب جامعته". 

ولا يجد حسن أيضًا بديل آخر أمامه سوى الرضوخ إلى تأجير سكن خاص في المنيا، مقابل ألّا يضطر أن يخوض رحلة يومية في الذهاب والعودة إلى بلدته في أبوقرقاص تحتاج ساعتين ونصف أي بمعدل 5 ساعات يوميًا وتكلفة 39 جنيهًا للرحلة الواحدة أي ما يقارب 80 جنيه يوميًا.

وقد حاول "المنياوية" التواصل مع دكتورة سمية أحمد محروس، مديرة المدينة الجامعية بالمنيا، للرد حول القدرة الاستيعابية للمدينة الجامعية، وسبب عدم قبول طلبة قرى مركز ملوي، كذلك سبب عدم وجود مبنى لطلاب الجامعة الأهلية بالمدينة، إلا أنها رفضت الحديث. 

وطلبت إحضار موافقة من محمود الليثي، مدير مكتب رئيس جامعة المنيا، إلا أن رده جاء بعدم إمكانية إجراء حوار يخص المدينة الجامعية.  

تصوير: عبدالرحمن خليفة - لقطات من سكان طلاب بمدينة المنيا