أول سنة في الجامعة.. تجربة ليست سهلة، يشعر الطالب/ة ببداية حياة جديدة عليه تمامًا، تخلق منه إنسانًا ناضجًا وهو شعورًا مخيفًا، فما بالك إذا كان سيختبره وهو مغتربًا بعيدًا عن عائلته؟
على مدار شهر كامل تقريبًا، كانت التجربة الأولى للكثير من الطلاب الذين اضطروا أن يقضوا الشهر في المنيا بعيدًا عن عائلاتهم من أجل الحفاظ على تحصيلهم الدراسي. انتهى الشهر الكريم، وبدأ الطلاب في شد الرحال عودة إلى منازل عائلاتهم، محمّلين بتجارب شهدوها لأول سنة.
فكيف كانت طقوس رمضان بالنسبة لطلاب المستقلين في "السكن" الجامعي لأول مرة؟
يقول عمر حسين، طالب في كلية التربية الرياضية جامعة المنيا: "رمضان السنة دي غير أي سنة علشان بقضيه بعيد عن أهلي وأصحابي، أول مرة أكون في رمضان بعيد عن ناسي وحبايبي".
يشعر عمر الذي تعيش عائلته في مركز ملوي وكأنه في الغربة بعيدًا عن بلده، فهو يجهز وجبة إفطاره بنفسه ويتناولها مع أصدقاءه واصفًا شعوره: "مش زي لمة البيت وأكلي وسط إخواتي".
لا يفعل عمر في يومه سوى الذهاب إلى الجامعة صباحًا ثم العودة إلى السكن الجامعي والنوم حتى قبيل المغرب بوقت كاف لإعداد وجبة سريعة، وبعد الإفطار يبدأ في التحضير لليوم الدراسي التالي وهكذا، فلا ينكسر الروتين إلا بنزول عمر إجازته المعتادة وقضاؤه بعض الوقت مع عائلته.
بعيدًا عن عائلاتهم، يكون الأمر أكثر ضغطًا خصوصًا للطلاب الذين لم يعتادوا من قبل أن يستقلوا وحيدين، وهو قرار ليس سهلًا على كثير من الأسر التي تتردد حينما يكون الأمر متعلق بأن يسافر أبناؤها لمحافظات أخرى أو حتى للمدينة قادمين من القرى أو المراكز البعيدة عن الجامعة، بل ومنهم من يرفض اتاحة هذا القرار لأبناءهم خصوصًا الفتيات.
ولكن عمومًا فالاستقلال في سكن خاص له توابع أيضًا، يتحمل فيها الطالب مسؤولية نفسه كاملًا سواء على مستوى شؤون البيت أو طعامه أو تنظيم وقته وأولوياته.
"تختفي ملامح رمضان نهائيًا عندما أكون في السكن"، هكذا قالت هناء محمود، طالبة في كلية الآداب جامعة المنيا، مشيرة إلى أنها تشعر بأجواء رمضان في منزلها بمركز مغاغة عندما تجلس على طاولة الإفطار وسط أهلها في "عزومات" رمضان الكبيرة، وتضيف مبتسمة: "من أول رمضان السنة دي متعزمتش ولا مرة".
يؤثر شهر رمضان على التحصيل الدراسي للطلبة بسبب شعورهم بالإجهاد طوال اليوم، مما يجعل عبد الرحمن محمد، طالب في كلية التربية جامعة المنيا، يريد قضاء الشهر الكريم وسط عائلته أكثر من أي شهر في السنة، خاصة وأن طبيعة كليته تعتمد على أداء التمرينات الرياضية معظم الوقت.
يقول عبد الرحمن: "بقضي رمضان في السكن وسط لمة الأصحاب وبنهزر ونضحك واليوم بيعدي بسرعة، بس برضه رمضان بيكون أحلى وسط لمة العيلة اللي مفيش زيها".