التعليم الفني من أهم أنواع التعليم التي تساهم في تزويد سوق العمل بالعمالة المدرب والمؤهلة، ورغم ذلك، يواجه تحديات كبيرة تتعلق بنظرة المجتمع له ولطلابه في مصر.
في مصر، يعاني طلاب هذا التعليم، نظرة دونية من المجتمع، إذ يُعتبرونه خيارًا أقل قيمة مقارنة بالتعليم الثانوي العام، وهذه النظرة السلبية تنبع من عدة عوامل؛ منها الحكم المُسبق على مستوى الطلاب، ومدى التحصيل الأكاديمي بالمرحلة الإعدادية، فغالبًا ما يلتحق الطلاب بالتعليم الفني بسبب عدم تمكنهم من الحصول على درجات تؤهلهم للالتحاق بالثانوي العام.
فيما يُعدّ التعليم الفني تقييمًا واضحًا للوضع الاقتصادى للطلاب، فبعض الأسر تفضل التعليم الفني لأنه أقل تكلفة من التعليم الثانوي العام، والدروس الخصوصية المرتبطة به.
أما الأغرب فهو تصنيف خريجي التعليم الفني كأقل من يحصلون على فرص العمل، رغم أن التعليم الفني يهدف إلى تأهيل الطلاب لسوق العمل، إلا أن فرص العمل المتاحة قد تكون محدودة أو غير مُرضية من حيث الأجور.
حاولت الحكومة المصرية تغيير هذه النظرة من خلال عدة مبادرات، بدأت بتطوير وتحديث، تحت زعم مواكبة احتياجات سوق العمل، مع توفير تدريب عملي متقدم للطلاب، وإنشاء جامعات تكنولوجية جديدة، تهدف إلى رفع مستوى التعليم الفني، وتوفير فرص تعليمية متقدمة للخريجين، وكذلك التعاون مع القطاع الخاص، بالشراكة مع الشركات والمؤسسات، لتوفير فرص تدريب وعمل للطلاب، مما يعزز من قيمة التعليم الفني في نظر المجتمع.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة، توجد العديد من التحديات القائمة التي تواجه التعليم الفني في مصر، منها الثقافة المجتمعية، فالمجتمع يحتاج إلى تغيير نظرته للتعليم الفني كخيار تعليمي ذو قيمة عالية، كذلك جودة التعليم والتدريب، فلضمان تأهيل الطلاب بشكل يتناسب مع متطلبات سوق العمل الحديث يجب أن تتحسن جودة التعليم.
أحكي ذلك من تجربتى الشخصية؛ فأنا طالبة تعليم فني في مدرسة مصر للتأمين، فالمجتمع يظلم نظام التعليم الفني، وعلى مدار ثلاث سنوات تعلمت مهارات تماثل ما لدى طلبة الجامعات، واكتسبت خبرات أعتقد أن زملائي في الثانوية العامة لم يحصلوا عليها.
أرى أنه يجب تغيير وجهة نظرنا عن التعليم الفني والتعليم الفني التكنولوجي، فأنا وغيري اختارنا طوعًا التعليم الفني، ولستُ نادمة على اختياري، وقد حصلنا على مجموع مرتفع بالمرحلة الإعدادية.
ويجب التأكيد على أن التعليم الفني يلعب دورًا حيويًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكن لتحقيق أقصى استفادة منه، يجب تغيير النظرة المجتمعية السلبية وتحسين جودة التعليم والتدريب، وذلك من خلال هذه الجهود، يمكن أن يصبح التعليم الفني خيارًا جذابًا ومفيدًا للطلاب والمجتمع ككل.