منذ نعومة أظافرها ويمنى، فتاة في الصف السادس الابتدائي، قصيرة القامة، مقارنة ببقية من في سنها، عندما كانت بالصف الأول الابتدائي، كان زملاؤها في الصف ينادونها بالقصيرة، ولطالما أشعرها ذلك بالحزن، وأبعدها عن اللعب برفقة أقرانها، إذ كانوا لا يوافقون على مشاركتها لهم.
وذات يوم لعب تلاميذ الصف "كرة السلة"، ورغبت يمنى في اللعب معهم، إلا أن الفريقيين رفضا أن تشاركهما لأنها قصيرة، ولا يريد أي منهما الخسارة إذا انضممت إليهما.
عادت يمنى إلى منزلها وهي في حزن شديد، بكت كثيرًا، لكن والدتها هدّأت من روعها، وقالت لها "لا تحزني يا ابنتي إن الله عزّ وجلّ سيُعطيكي شيئًا يُميزك به عن زملائك، ولكن عليك ممارسة مواهب مختلفة حتى تكتشفي موهبتك الأصلية وتستمتعين بها".
اتجهت يُمنى لتعلم الموسيقى، وبدأ في دراسة السلم الموسيقي فوجدته صعبًا عليها، مارست العزف على الكمان لكنها لم تحبه، حاولت العزف على العود لكنها ملّت من نغماته، وجرّبت أيضًا الغناء، إلا أن والدتها نصحتها بتركه لأن صوتها ليس جيدًا للغناء.
لم تستسلم يمنى وفكّرت فيما يُمكن أن تتعلمه، جرّبت الفتاة الرسم وفشلت في إتقانه، كذلك حاولت تعلم التمثيل، إلا أن أدائها كان سيئًا، ولم تستطع القيام بالأدوار بطريقة جيدة.
وأخيرًا بدأت تكتب ما بداخلها، وتُعبّر عن مشاعرها بالكتابة، فإذا الأفكار تتدفق إليها بالإلهام، أخذت تكتب وتكتب، كانت والدتها قارئها الأول، وأعجبت أمها بطريقتها في الكتابة وسرد القصص، فرحت يمنى كثيرًا لأنها نجحت في اكتشاف موهبتها الكامنة بداخلها.
أصبحت تكتب يوميًا مقالات وخواطر، ونصحتها والدتها بالذهاب إلى قصر الثقافة لتُنّمي هذه الموهبة، وداخل قصر الثقافة استقبلتها هويدا، المسؤولة عن "نادي الأدب" لتعليم وتنمية موهبة الكتابة، وأخذت تعلمها الطريق الصحيح لهذه الموهبة وكيفية التألق والإبداع فيها.
بمرور الوقت نسيت يمنى حُزنها من زملائها، وطريقتهم في إبعادها عنهم، صارت مشغولة أغلب الوقت، حيث تتجه إلى قصر الثقافة 3 أيام في الأسبوع، وتنتظر بفارغ الصبر تلك الأيام لتذهب مُسرعة إلى أستاذتها لتتعلم منها، التي نصحتها بكتابة القصص القصيرة بسبب أسلوبها المتميز، وتدريجيًا كانت يمنى تتطور يومًا بعد يوم.
بدأت تكتب كثيرًا، وتنال كتابتها إعجاب الجميع، وذات يوم قرأت إعلان قام به النادي عن مسابقة للقصة القصيرة، وهي مسابقة على مستوى الجمهورية.
اشتركت يمنى فيها ونافست قصتها، المفاجأة أنها حصلت على المركز الأول، لم تُصدّق يمنى نفسها، كُرّمت الفتاة ومنحتها إدارة المسابقة جائزة قيمة، كما نُشرت قصتها في مجلة للأطفال. لم تسع الفرحة يمنى وأصبح شاغلها بجانب الدراسة هو التأليف.
أصبحت الكتابة عالمها الخاص الذي تسعد عند دخوله، وبسبب تلك الموهبة اشتهرت في مدرستها، وكان زملاؤها يقرأون ما تكتبه ويؤثر فيهم، حتى أن بعضهم رأوها قُدوة لهم، وعرفت يمنى أن لا شيء يقف أمام الإنسان عندما يرغب في الإبداع، ويكتشف المنحة التي أعطاها له الله ليُميزه ويجعله مُختلفًا عن الآخرين.