ساعات وينتهي الجزارون في أسوان من ذبح الأضاحي، فيما ينتظر آخرون الحصول على جلودها لاستخدامها في صناعات أخرى.
مرقس عزمي ومحمود حميدو، يعملان معًا في تربية الماشية من الأبقار والأغنام في شارع عباس فريد شرق المدينة، يخصصان فناءً لعرضها أمام الزبائن، ورغم أن الموسم في عيد الأضحى المبارك هذا العام تأثر بغلاء الأسعار سواء للماشية أو الأعلاف، فإن عزمي وحميدو يكملان عملهما لما بعد الذبح.
يعرف كلاهما مصير جلود الأضاحي، يقول مرقس: “بعد ذبح الماشية نتخلص من الجلود الآن، في الماضي كنا نبيعها لمقاولين تأتي في العيد لجمع الجلود من التجار والجزارين، ثم بيعها لمدابغ الجلود في محافظات الوجه البحري، أو لبعض الجمعيات الأهلية التي تجمعها لبيعها بسعر جيد والاستفادة من مكاسبها للإنفاق على أنشطة الجمعية.
ويصل – حسب مرقس – سعر جلد العجل إلى 400 جنيه، وجلد الماعز 200 جنيه، ويضيف: "وهناك جلد جاموسي، والجلد البقري هو الأفضل للمدابغ لسهولة صناعته، لكن مع توقف عمل المدابغ انخفض سعر جلد العجل إلى 100 جنيه، فمثلًا المدبغة الوحيدة في أسوان أغلقت منذ سبع سنوات تقريبا، بالإضافة إلى أن ارتفاع أسعار الماشية أدى إلى انخفاض الأعداد المذبوحة وبالتالي العجز عن توفير الكميات المطلوبة من الجلود، والتي يُستخرج منها أشياء كثيرة مثل الهالك أي الدهن الذي يدخل في صناعات أخرى كـ"الأدوية والصمغ والجيلاتين”.
يواجه نفس المشكلة نورالدين سيف، تاجر ماشية بمنطقة الكرور جنوب أسوان، في السنوات الأخيرة بدأ التخلص من جلود الماشية بعد الأُضحية، موضحًا: "قبل 10 أعوام كنا نبيع جلد العجول بقيمة 1000 جنيه، والإقبال عليها مرتفع، والتجار تنظم مزايدات لشرائها وكانت الجمعيات الأهلية والمساجد تجمعها لبيعها لتحقيق مكاسب للإنفاق على أنشطتها، كما نتعاقد مع مقاول متخصص في جمع الجلود في موسم عيد الأضحى من تجار الماشية والجزارين لبيعها لمدابغ الجلود في القاهرة، لكن مع غلق المدابغ توقف المقاولون عن جمع الجلود، ومع عدم وجود مدابغ بأسوان نضطر لرميها مثل ما فعلت عيد الأضحى الماضي، فسعر جلد العجل يصل إلى 300 و400 جنيه والماعز إلى 250 جنيه، والجلود تدخل في صناعات كثيرة كالأحذية والحقائب وصناعات إضافية".
أمام كومة من جلود الماعز بألوان مختلفة فوق بعضها في محله الصغير في شارع المطار شرق المدينة، يجلس محمود الضراب، صاحب محل لبيع الجلود والسروجي، توارث المهنة من عائلته عبر الزمن، يوضح لـ"عين الأسواني" أنواع الجلود مثل جلد الكواري وهو الجلد البقري وهو أغلى أنواع الجلود القطعة مقاس 12 قدم يصل سعر القدم بها 24 جنيه وهو جلد قاسي يمكن أن يتم الحفر والضغط عليه، وجلد الحور وهو جلد الماعز أرخص قليلًا وجلد خفيف سهل الاستعمال.
ويضيف الضراب، أن الجلود تدخل في صناعة الأحذية والحقائب ويقبل عليها العاملون في المشروعات الحرفية، بالإضافة إلى طلب الجلود لشركات المياه والبترول في وضع الجلود في مواسير العمل، موضحًا: "كل الجلود نوفرها من القاهرة فهنا لا يوجد مدابغ لبيع الجلود، حتى الجلود التي تأتي من ذبائح الأضحية لا يتم بيعها كالسابق، فيتم التخلص منها لعدم وجود إقبال على شرائها كالسابق مما أثر على توفير الجلود للمحل فالموجود هو جلد الحور، وفي محلي لا يتوفر بعض من أنواع الجلود مثل جلد الماعز الخشن منذ شهر لقلة الذبح فعند طلبي لكمية من التجار يخبرونني "مفيش شغل"، والجلد بعد دبغه يرتفع سعره، فإذا توفرت ورش دباغة بأسوان ستُسهل العمل وتوفر أيدي عاملة وحرفة للشباب، بدلًا من التخلص من الجلود".
وكان قد ذكر تقرير للمجلس التصديري للجلود والأحذية والمنتجات الجلدية نُشر مايو الماضي، أن صادرات "دباغة الجلود" - والتى استحوذت على 58.7 % من إجمالي الصادرات - تراجعت بنحو 25.7 % لتسجل بنهاية الربع الأول من العام الحالي نحو 18.5 مليون دولار مقارنة بنحو 24.9 مليون دولار خلال الربع الأول من 2022، وفقًا للتقرير.
وأوضح التقرير، أن أهم الدول المستوردة لدباغة الجلود "الصين الشعبية"، والتي احتلت المركز الأول خلال الربع الأول من العام الحالي بنحو 5.7 مليون دولار، واحتلت "الإمارات العربية المتحدة" المركز الأول من أهم الدول المستوردة للأحذية والمنتجات الجلدية المصرية خلال الربع الأول من العام الحالي بنحو 7.6 مليون دولار.
أما بالنسبة لواردات مصر من الجلود والأحذية والمنتجات الجلدية، فأوضح التقرير أنها حققت خلال الربع الأول من العام الحالي تراجعًا لتبلغ 37 مليون دولار مقابل 165.8 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بنسبة تراجع بلغت نحو 348 %، بحسب نص التقرير.