في عالم يموج بالتغيرات السريعة والضغوط النفسية، يقدم كتاب "ممتلئ بالفراغ"، للدكتور عماد رشاد عثمان، رؤية جديدة حول كيفية إدارة الوقت والاهتمام بالذات. يتناول الكتاب مفهوم الفراغ، ليس فقط كحالة عدم وجود نشاط، بل كفرصة للتأمل وإعادة التقييم.
يبدأ الكاتب بتعريف الفراغ بمفهوم متعدد الأبعاد، فالفراغ ليس مجرد وقت غير مستغل، بل مساحة ذهنية يمكن أن تكون إيجابية التأثير، إذا ما استثمرت جيدًا، وقدّم دكتور عماد رشاد أمثلة من الحياة اليومية توضح تحويل البعض لأوقات فراغهم إلى لحظات من الإبداع والتفكير العميق.
يمر الكتاب بمراحل متعددة توضح العلاقة بين الفراغ والتفكير الإبداعي، أشار الكاتب إلى أن الفترات التي نقضيها في عدم الانشغال، قد تكون المحُفّزات الأفضل للأفكار الجديدة، كما يستعرض تجارب شخصية لمشاهير وفنانين استخدموا أوقات فراغهم كوسيلة لإطلاق إبداعاتهم.
يقدم الكتاب مجموعة من الاستراتيجيات العملية التي يمكن اعتمادها لتعزيز استخدام أوقات الفراغ، ومن بين تلك الاستراتيجيات التأمل والتفكير، إذ شدد "رشاد" على أهمية تخصيص وقت للتأمل، مما يساعد على تحسين الصحة النفسية ويعزز من القدرة على التركيز.
أما الاستراتيجية الثانية، فهي "التعلم الذاتي"، إذ دعا الكاتب القراء لاستغلال أوقات الفراغ في تعلّم مهارات جديدة، سواء من خلال قراءة الكتب أو الالتحاق بالدورات التدريبية.
وفي الأخير أشار الكاتب لأهمية تحديد الأهداف، فقد شجع على وضع أهداف شخصية واضحة يمكن تحقيقها خلال أوقات الفراغ، مما يساهم في تعزيز الإحساس بالإنجاز.
يتناول الكتاب أيضًا تأثير الثقافة المعاصرة على مفهوم الفراغ في زمن التكنولوجيا والاتصال المستمر، لأن كثيرين يعانوا من ضغوط الانشغال الدائم، وأشار الكاتب إلى أن هذه الضغوط يمكن أن تؤدي إلى تآكل الصحة النفسية، مما يجعل من الضروري إعادة التفكير في كيفية إدارة أوقات الفراغ.
وعبر تجربتي الشخصية في التهام صفحات الكتاب، أجد محتواه ملهمًا للغاية، يحث على إعادة التفكير في العلاقة بين الفراغ والإبداع من خلال تقديم أدوات واستراتيجيات عملية، وأعتقد أن الكتاب نجح في توجيه القارئ نحو استخدام تلك الأوقات لتحقيق التوازن النفسي والازدهار الشخصي، وكذلك للانتباه إلى قيمة الفراغ الذي قد يكون مفتاحًا لاكتشاف إمكانيات جديدة وتحقيق الذات في عالم مليء بالضغوط والتحديات.