عشق الشعر منذ صغره، واستمر حبه له في فترة المراهقة التي لاقى فيها دعمًا كبيرًا من معلمه "محمد السيد علي" بالمدرسة الإعدادية والثانوية، ثم مرحلة الشباب التي دعّمه فيها أصدقاؤه وأستاذه الجامعي بكلية الآداب جامعة المنيا "عادل خلف"، إلى أن بلغ 53 عامًا ووصل لرئاسة نادي أدب أسوان في 8 أغسطس 2023.
حسني عبد الحميد عبد الفتاح السيد، ولد في 1971 بقرية اللتلات مركز مطاي بمحافظة المنيا، حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية عام 1993، وعمل معلمًا للغة العربية بأسوان، أقام بها منذ سنة 1995، ويعمل حاليًا معلم خبير لغة عربية.
وفي حواره مع "عين الأسواني" يلقي "الإتلاتي" بهموم شعراء وأدباء الجنوب، ويوضح معاناتهم وندرة حظوظهم مقارنة بشعراء الدلتا والقاهرة.
كيف كانت بدايتك مع الشعر؟
أحببت الشعر عبر سماع أغاني المذياع في المرحلة الابتدائية، وحفظتُ الكثير وقتها، ولأن المذياع لا يُعيد الأغاني، فحينما كنت لا أستطيع تذكر جزء من أغنية، أقوم بتأليف الجزء المفقود من وحي خيالي.
أول قصيدة كتبتها بعنوان "الشموخ العربي".. اسم القصيدة كان قويًا، لكن أبياتها بلا معنى، أتذكر أني ألقيتها أمام مدرس اللغة العربية الذي ضحك منها لأنها لم تكن مفهومة، لكنه شجّعني على الاستمرار وتنبّأ لي بمستقبل واعد وأنني سأصبح شاعرًا.
عند وصولي للصف الثاني الثانوي، تطورت الموهبة لديّ، و نشر مُعلمي قصيدة لي بمجلة المدرسة الورقية التي نافست في مسابقة الصحافة على مستوى المحافظة، وكانت هذه أكبر فرحة في حياتي أن أرى اسمي مكتوب تحت القصيدة.
أما في المرحلة الجامعية فأصبحت أكثر حِرفية، وشجعني في ذلك الوقت أستاذ لي بكلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة المنيا، لكي أُلقي قصيدة على الطلبة كل يوم اثنين، وفي السنة الثالثة اشتركت في مسابقة للشعر وفزت بالمركز الأول على مستوى الجامعة، وبعد تعييني كمعلم بأسوان بدأت أشارك بنادي الأدب في قصر ثقافة أسوان، ونشرت أول ديوان لي.
مَن كان له أثر عليك خلال مسيرتك الشعرية؟
في البداية، يجب توجيه الفضل إلى زوجتي التي دعمتني، وآمنت بموهبتي، وتحمّلت مسؤولية البيت والأسرة، تركتني حرًا أمارس الشعر والسفر والندوات، وقد أهديتُ لها ديواني بعنوان "يؤرقه الحنين" لعرفاني بمجهودها.
لن أنسْ أيضًا معلم اللغة العربية بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، محمد السيد علي، هو أول من اعترف بموهبتي، وقد شجّعني وسمع إلقائي في بداياتي، كما تنبّأ لي بمستقبل كبير، ونشر لي قصيدتي في الجريدة المدرسية المطبوعة.
بعدها الدكتور "عادل خلف" أستاذي في الجامعة، الذي خصّص لي جزء من محاضرته كل يوم اثنين لألقي فيه قصيدة على مسامع الطلبة، مما زاد من ثقتي في نفسي.
وفي نادي الأدب بأسوان ساعدني الشاعر الراحل "محمد محمد شاهين" في نشر شعري في الجرائد والمجلات وساعدني في نشر ديواني الأول.
ما هي الدواوين المنشورة لك حتى الآن؟
نشرتُ ثمانية دواوين؛ "نتوءات على جسد نحيل" عام 1999، "البشارة أغاني الحب والثورة" عام 2002، "نقوش على جدار الروح" عام 2014، "الأبيض يفرض سطوته" عام 2015، "الغبار للمهزومين أن يفخروا بالبطولة" عام 2019، "يؤرقه الحنين" عام 2020، "يُرتّل سورتها في الغياب" عام 2022، وأخيرًا "آهات الجبل والنيل من فن الواو" في أبريل 2024، وحاليًا يُجرى طباعة ديوان بالفصحى "برديات جديدة للفلاح الفصيح".
ما المشاكل التي تواجه شعراء الأقاليم في بداياته؟
أنا لا أحب المحسوبية، كما لا أسعى لتكوين صداقات ومعارف حتى ينتشر اسمي في الوسط الثقافي، الأمر الثاني بالطبع هو التواجد بالأقاليم؛ فالابتعاد عن القاهرة يُقلل انتشارك للأسف. الجانب المادي أثّر عليّ جدًا أيضًا، وهو سبب توقفي لأكثر من 10 سنوات، ما بين 2002 إلى 2014.
ما الجديد الذي تُقدّمه بآخر ديوان لك؟
رغبت في تقديم شيء جديد بالنسبة لي، فتبنيّت استخدام فن الواو بالديوان.
ما هو فن الواو؟
فن من فنون الفلكلور، تناقله الأشخاص عن طريق الأداء القوي وليس التدوين، وسبب التسمية بفن الواو هو أن أبياته تبدأ بحرف الواو، مثل "ولابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم أبيض على كل مظلوم أسود على كل ظالم"، وأيضًا من التراث الشعبي "ولا حد خالي من الهم حتى قلوع المراكب".
ويقول بعض المتخصصين إن ابن عروس الشاعر المصري ابن مدينة قوص هو من قال فن الواو في عصر المماليك، يُقال أنه من أصول غير مصرية، أما شاعر العامية عبد الرحمن الأبنودي فله رأي مُختلف، إذ يقول أنه شخصية أسطورية، وأن كل شاعر شعبي قال "مُربّع" نسبة إلى ابن عروس، حتى لا تُحاسبه السلطة.
تطوّر فن الواو في العصر الحديث على يد شعراء قنا والأقصر وأسوان، ومن شعراء فن الواو؛ عبد الستار سليم وعادل صابر ومحمد النوبي. حاليًا توجد صحوة كبرى في فن الواو، وربما يكون هناك أكثر من 50 شاعر في فن الواو، التلفزيون أيضًا يهتم بفنون الفولكلور، فعلى قناة "طيبة" الخاصة بمنطقة الصعيد يُقدّم برنامج "الشعبيات" ضيفين جديدين من الشعراء في فن الواو كل أسبوع.
ما سعر الديوان الجديد وكيف تأثّر بزيادة الأسعار ؟
كنا ننتظر أن تقوم الدولة بتحمل تكاليف النشر، لكن لم يحدث، ويبلغ سعر الكتاب 50 جنيه، ورغم أن سعره ليس مُرتفعًا، إلا أن القراء اتجهوا إلى الكتاب الإلكتروني بسبب ارتفاع سعر الكتب.
ما الدور الذي تلعبه كل من وزارة الثقافة والإعلام المصري لدعم أدباء الأقاليم ؟
سأضرب مثل بنفسي، فأنا أدعى رسميًا لندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب، وليالي رمضان الثقافية بالقاهرة أو بيت الشعر بالأقصر، وأنشر قصائدي في الصحف والمجلات المتخصصة في مصر والوطن العربي، لكن على المستوى الإعلامي لا يوجد اهتمام بشعراء المحافظات، بسبب صعوبة تحمل القنوات الإعلامية الرسمية والخاصة لتكلفة انتقالات وإقامة شاعر قادم من أسوان.
هل يوجد اختلاف في التعامل بين أدباء القاهرة ووجه بحري عن التعامل مع أدباء الجنوب؟
نعم فالطريق لوجه بحري مفتوح وسهل، لأنه يسهل عليهم الذهاب إلى القاهرة، والعودة في نفس اليوم، وبأقل التكاليف، رغم أن شعراء الجنوب في وجهة نظري أقوى إبداعًا.