في كل موسم للسياحة الشتوية تجد زائري السوق السياحي منجذبين نحو محال العطارة، التي تفوح منها رائحة النباتات الطبية والعطرية، إذ اشتهرت محافظة أسوان بالتفوق في ذلك المجال الزراعي، وتمتلك مساحات واسعة منه مثل الكركديه الذي تبلغ مساحته في المحافظة 9 آلاف و201 فدان، أما النعناع 652 فدانًا، وفق مجلة البحوث والدراسات الأفريقية ودول حوض النيل النصف سنوية.
كان هذا التفوق دافعًا لـ«انتصار عبدالباري» من مؤسسي جمعية تنمية المجتمع بالجندية بمركز كوم أمبو، لتدشين مشروع "الأمل" لتجفيف النباتات الطبية والعطرية، والذي لا يركز فقط على استغلال الثراء الزراعي للمحافظة في هذه المحاصيل، بل أيضًا للمساهمة في تمكين نساء القرية اقتصاديًا.
في الحوار التالي؛ تتحدث عبدالباري معنا عن بداية المشروع ومراحل تطوره وأهدافها منه.
في البداية؛ كيف جاءت فكرة المشروع؟
بحكم إقامتي في قرية سلوا وبطبيعة عملي التنموية بالجمعية، تعاني القرية من فقر في الخدمات أو وجود أنشطة صناعية تستقطب الكوادر البشرية خاصة المرأة التي تحتاج للعمل، ففكرت في طريقة لتوفير فرص عمل للمرأة تناسبها من حيث قربها المكاني في نفس القرية، فلا تحتاج أن تخرج منها.
وشجعنا على المشروع نجاح تجفيف المحاصيل في الأقصر وأسنا، لأن المنطقة تتميز بالأنشطة الزراعية والعمالة اليومية فقررت أن نبدأ التجربة في قرية الحجندية.
وكم كان رأس المال للمشروع في البداية ومن ساعدك في إنشائه؟
قررت التواصل مع مؤسسة «أم حبيبة» الأهلية في أسوان، التي تمنح التمويل المادي للمشروعات الناشئة، وقد ساعدت المؤسسة المشروع بتمويل قدره حوالي 300 ألف جنيه، وتوفير الدعم من خامات تشغيل المشروع وسفر السيدات إلى الأقصر للتدريب على آلية تجفيف المحاصيل.
كم عدد عمال المشروع؟
منذ انطلاق المشروع في يناير 2022 وحتى الآن يعمل معنا 150 سيدة، ونستهدف أي سيدة أرملة أو مطلقة أو معيلة في حاجة للعمل، وليس حكرًا على قرية الحجندية فقط، ولكن يعمل معنا سيدات من قرى سلوا بحريًا والشطب والمساعيد وسلوا قبليًا، وأبو عيد ومن قرية الطواب بإدفو، ويوفر المشروع للسيدة الواحدة مصدر دخل في حدود 3 آلاف جنيه شهريًا.
ما المحاصيل الزراعية التي يعمل عليها المشروع والمواصفات الخاصة به والكمية المنتجة؟
بدأ المشروع في السنة الأولى بتجفيف محصول الطماطم، ولعدم وجود مساحة أراضي لزراعة الطماطم في أسوان، كنا نحصل عليها من مزارعي مركز إسنا بالأقصر بمواصفات خاصة، مثل احتوائها على نسبة قليلة من المياه واللحم، ولأن الطماطم محصول موسمي لا يستمر طوال العام، قررنا أن نبدأ في تجفيف محاصيل أخرى لاستمرارية المشروع، مثل الكركديه والنعناع والملوخية، فتعاقدنا مع المزارعين لزراعة المحاصيل بمواصفات معينة قبل زراعة الشتلة حتى تناسب التجفيف، وقمنا بتجفيف طن كركديه و5 أطنان من الطماطم وطن ونصف نعناع.
أين يبيع مشروع الأمل منتجاته؟
نتعامل مع شركات من القاهرة والإسكندرية تتولى تصدير المنتجات إلى الخارج، وفي العام الماضي صدرت الشركات طماطم إلى البرازيل وإيطاليا وكركديه ونعناع إلى كندا، إلى جانب بيع منتجاتنا بالقطاعي في دائرتنا المحلية، والمشروع حقق تأثيرًا قويًا على تمكين المرأة اقتصاديًا، فهناك سيدات استطاعت أن تساعد أبناؤها في تعليمهم ومنهن من أنشأت مشروعها الخاص وسيدة استطاعت بناء منزلها.
ما التحديات التي يواجهها المشروع لتطويره وزيادة إنتاجه؟
نبيع إنتاجنا للشركات بالجنيه المصري، التي تتولى بيعها إلى الخارج بالعملة الصعبة، ولكن إذا تمكنا من تصدير منتجاتنا مباشرة إلى الخارج دون وسيط سيكون الربح أكبر، وهناك شركات طلبت أن تتعامل معنا مباشرة دون شركة وسيط، لكن لم نستطع.
كما أن عدم امتلاكنا ثلاجات للحفظ يدفعنا لإنتاج كميات أقل بحد أقصى طنًا و200 كيلو للمحلي، فلا يمكننا أن ننتج فائضًا حتى لا يفسد المنتج رغم قدرتنا على ذلك، فسبق أن طلبت منا شركة 25 طنًا من الطماطم المجففة، لكن رفضنا لعدم وجود ثلاجات لحفظ الطماطم تستوعب الكمية، إلى جانب عدم وجود كهرباء ما يصعب من مهمتنا.
ماذا يحتاج المشروع في الوقت الحالي؟
نحتاج تملُّك الأرض التي يُقام عليها المشروع لأنها هبة من المحافظة، فالجمعية هي نفع عام للمجتمع، ولا يمكنها شراء الأرض لكن المحافظة أعطتنا ترخيصًا مؤقتًا لحين الانتهاء من إجراءات التخصيص والتعليم التي لم تنفذ حتى الآن، بسبب روتين الإجراءات.