حزن وألم، نداءات بالإقالة وأخرى بالاستقالة تخرج متوجهة إلى المدير الفني للمنتخب المصري ومجلس إدارة اتحاد الكرة، بعد فشل الأول في الصعود إلى دور الـ8 في كأس الأمم الإفريقية للعام 2024، وهي البطولة المفضلة للمصريين.
وفي الخلفية، ضجيج آخر، حول أزمة حراسة مرمى المنتخب وكذلك النادي الأهلي، بعد إصابة الحارس محمد الشناوي، الحارس الأول بالفريقين، وبدلًا من البحث عن حل، أثيرت أزمة أخرى بتوقيع الأهلي مع حارس المنتخب الثاني "أبو جبل"، ثم الانسحاب من الصفقة.
يحدث ذلك وسط تخوف من مصير الأهلي في بطولاته الجارية، ومنتخب مصر في مشواره بتصفيات كأس العالم، دون حارس مرمى يطمئن له الجميع، بعد أن جرت العادة على الاطمئنان للشناوي وقبله عصام الحضري وقبله شوبير وإكرامي وثابت البطل.
وبين الأزمتين، تبحث "عين الأسواني" بين أوراق أرشيف المنتخب المصري، وتحديدًا تاريخ "حراسة المرمى" لنمرر لقرائنا صورة وقصة مرت على معظم مشجعي المنتخب، دون ذكر أو ثناء أو احتفاء.
القصة تبدأ من 1975، آلاف المشجعين للساحرة المستديرة، تترقب عيونهم الدقائق الأخيرة في مباراة جمعت منتخب مصر وأثيوبيا، على ملعب بلدية الخرطوم في 16 فبراير من ذاك العام، ببطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، لمعرفة من سيقتنص لقب بطل البطولة.
الدقائق الأخيرة تقترب يطلق الحكم صافرة النهاية مُعلنًا فوز المنتخب المصري بأربعة أهداف مقابل لاشيء بشباك نظيف حققه حارس منتخب مصر وقتها «براسكوس تيرمريتيس»؛ ويحقق اللقب في النسخة الأولى من البطولة بالسودان، ويحصد «براسكوس» لقب بطل البطولة.
ولد اليوناني «براسكوس» في مدينة بور فؤاد خلال 10 يناير العام 1931. بدأ نشاطه الكروي في الخمسينيات بنادي بور فؤاد، حيث وجد فيه مدرب نادي القناة الفرنسي «بول بلان» ويقرر أن ينضم إلى فريق النادي في مركز حراسة المرمى.
استطاع «براسكوس» مع نادي القناة تحقيق حلم الصعود إلى الدوري الممتاز في موسم 1953/1954، ليحقق النادي المركز السابع في الدوري. تبدأ القصة بطلب من مدرب منتخب مصر وقتها اليوغوسلافي «ليوبيس بروشتش» أن يمثل «براسكوس» المنتخب المصري، فطلب الأخير أن يحصل على الجنسية المصرية حتى يتمكن من ذلك التمثيل.
بعد حصوله على الموافقة، شارك للمرة الأولى بقميص المنتخب في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط العام 1955، في العاصمة البرتغالية لشبونة ليحقق «براسكوس» الميدالية الذهبية.
وفي العام 1957 شارك في بطولة أمم أفريقيا خلال نسختها الأولى، ليصبح أول وآخر حارس مرمى أجنبي يشارك منتخب مصر في بطولة أمم أفريقيا حتى نسختها الحالية الـ34 المقامة في كوت ديفوار .
كانت النسخة الأولى للبطولة برئاسة عبدالعزيز سالم، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم وقتها، شارك في البطولة ثلاثة منتخبات هم مصر والسودان وأثيوبيا بعد إقصاء منتخب جنوب أفريقيا، لإصرار مسؤولي الدولة على مشاركة اللاعبين من ذوي البشرة البيضاء فقط بالبطولة، فحصلت أثيوبيا على التأهل للنهائي، وتبقى إجراء مباراة بين مصر والسودان ليصعد الفريق الفائز ضد إثيوبيا في المباراة النهائية.
شارك «براسكوس» المباراة الأولى له في البطولة خلال 10 مارس العام 1957، على ملعب بلدية الخرطوم بقيادة مدرب المنتخب مراد فهمي، وبإدارة الحكم الإثيوبي «جيبيو دوبي»، وانتهت المباراة بفوز المنتخب المصري بهدفين مقابل هدف، ويتأهل لمقابلة إثيوبيا ويفوز عليه.
استكمل «براسكوس» مسيرته الكروية وشارك في كأس العالم العسكرية، وحمل اسم مصر في المباريات المحلية والدولية، حتى قرر اعتزال كرة القدم والعمل كمدرب لحراس مرمى فريق نادي بور فؤاد ثم قرر الرحيل من مصر.
بعد سنوات من الرحيل، عاد «براسكوس»إلى مصر في زيارتين خلال فترة التسعينيات حتى رحل في 16 نوفمبر العام 2018 في أثينا باليونان، ليخلد ذكراه كأول حارس مرمى يشارك في بطولة كأس الأمم الأفريقية ويحقق الفوز.