"شيكا.. شيكا"، هتافًا يهز أرجاء كل استاد تطأه قدماه.. يبدأ اللاعبون في الدخول، يخرج من بينهم "الأباتشي" كما يطلق عليه عشاق ناديه الزمالك.
تبدأ المباراة، ينافس فيها الزمالك نظيره سموحة في الدوري العام المصري، وفي الدقيقة 88، يمرر شيكا الكرة بخفة لزميله الذي يردّها له "هات وخد"، ويسجل منها هدفه الأول، يتوجه للاحتفال على طريقة "حنظلة" الشخصية الشهيرة للرسام الفلسطيني ناجي العلي، يضع يد خلف ظهره وأخرى ترفع علامة النصر، معلنًا عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ضد الانتهاكات التي يتعرض لها من عدوان الاحتلال الاسرائيلي منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي.
لم تكن هذه الاحتفالية أولى علامات التضامن التي أظهرها شيكا، فبعد يومان فقط من "طوفان الأقصى"، قام الأباتشي بتغيير صورة حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" إلى صورة علم فلسطين في 9 أكتوبر 2023، وكتب عبارة “المقاومة حق”، ثم نشر صورة له مرتديًا قميص المنتخب الفلسطيني بتاريخ 15 أكتوبر.
ويبدو أن "شيكا" – ابن محافظة أسوان- يُظهر دومًا علامات تضامنه الانساني، على طريقة محمد منير: “يهمني الإنسان.. ولو مالوش عنوان"، رغم أن كرة القدم قد تضع لنجومها قيودًا ما في إبداء آرائهم في القضايا؛ كألّا يخلق لنفسه خصومات مع إدارة النادي أو اتحاد اللعبة المحلي أو اتحاد الكرة الدولي، أو ربما خسارة جمهوره.
ولم تكن وقفة "حنظلة" أول ما فعله "شيكا" لدعم القضايا الإنسانية محليًا وعربيًا وعالميًا، ومنها القضية الفلسطينية.
ففي فبراير 2012، لم يكن قد حمِل بعد شارة الزمالك، كانت ذراعه اليسري التي طالما هددت شباك النادي الأهلي أول من امتدت لمصافحة إدارة النادي الأهلي وأسر ضحايا أحداث استاد بورسعيد الـ 74 لتقديم واجب العزاء، بعد العنف الذي اندلع بنهاية مباراة النادي الأهلي والنادي المصري.
قبل العزاء صرخ شيكا عاليًا على أرض استاد القاهرة الدولي وقال "مش حانكمل الماتش"، وذلك حين وصلته أنباء الحادث بين الشوطين في مواجهة فريقه مع النادي الإسماعيلي، ولم يكن شيكا وقتها كابتن الفريق.
ويقول للإعلامية إسعاد يونس في برنامج "صاحبة السعادة" بتاريخ 2 أبريل 2018: “لم أكن أعرف بسقوط ضحايا بعد، لكننا علمنا بوجود أحداث عنف باستاد بورسعيد؛ لذا وجهت حديثي لزملائي بفريقيّ الزمالك والإسماعيلي لوقف المباراة، تضامنًا مع أية ضحايا، وتنديدًا بالعنف في ملاعب كرة القدم".
لم يكتفِ شيكا بتقديم واجب العزاء، بل كان أول من تبرع لصندوق مخصص لأسر شهداء الحادث، وهكذا انتشر خبر تبرعه عقب لقاء على قناة "النادي الأهلي" مع الإعلامي ياسر أيوب، والذي أذيع بتاريخ 8 فبراير 2012، إذ فوجئ برسالة من جمهور النادي الأهلي يشكره فيها، لأنه أول اللاعبين إسهامًا في صندوق لدعم ضحايا الحادث ماليًا.
هكذا تستمر الرحلة، ويستبدل القميص رقم 18 للصغير محمود عبدالرازق، برقم 10 لنجم الفريق الأول “شيكابالا” أو كما يلقبه جمهوره "الأباتشي"، ومع انتقال شارة القيادة إليه، يستمر دعمه للقضايا الإنسانية ورفض العنف.
ومن دعم الرياضة إلى فلسطين نشر "شيكا" في 9 مايو للعام 2021 صورة كتب عليها " سيرحلون وسنبقى”؛ لدعم أهالي فلسطين، إثر الاعتداءات المتكررة في حي الشيخ جراح، ودوّن شيكا بالإنجليزية "هاشتاج" طالب فيه مغردون ومدونون بإنقاذ الحي.
وسلط شيكا الضوء على أزمة مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، والتي كانت مهددة بالتوقف عن استقبال حالات جديدة خلال 6 أشهر منذ نهاية 2022، حيث رفع بعد إحرازه لهدف في مباراة الزمالك وحرس الحدود بالدوري المصري "قميص" كُتب عليه "انقذوا مستشفى 57357”، وهي اللقطة التي جذبت أنظار كثيرين، ووصل صداها إلى تدشين حملة للتبرع للمستشفى.
ولم يفت على شيكابالا دعم أصدقائه من اللاعبين، إذ كان من أوائل الداعمين لزميله مؤمن زكريا، لاعب النادي الأهلي السابق، وذلك في 28 أكتوبر 2022، فهما صديقان منذ انضمام زكريا إلى صفوف الزمالك في 2012، ورغم انتقاله إلى صفوف النادي الأهلي في مطلع 2014، إلا أن صداقتهما استمرت، قبل أن يودع الأخير أرض الملاعب، عقب إعلان إصابته بمرض التصلب الجانبي الضموري للعضلات، وهو الإعلان الذي تم بعد عودته من احتراف في الدوري السعودي.
بعبارات حاسمة يقول "شيكا": “نأخذ القوة من صبر مؤمن على المرض"، وهذا ما تحدث به خلال لقائه في برنامج صاحبة السعادة مطلع سبتمبر 2022.
وهذا الدعم اعترف به زكريا في مقابلة في سبتمبر 2019 على قناة "MBC” حين قال: “شيكا واحد من ثلاثة أصدقاء استمروا في الاتصال بي"، وهو ما ظهر حين اصطحبه إلى منصة التتويج في ستاد هزاع بن زايد بدولة الإمارات ليحتفل مع لاعبي النادي الأهلي بفوزهم على الزمالك، وذلك رغم حزن شيكا على خسارة فريقه.
كما دعم "شيكابالا" ناشئ نادي الزمالك سعد محمد بعد إصابته بالسرطان وذلك في 9 فبراير 2020.
وفي سبتمبر 2023 استغل شيكا الانتشار والتأثير الكبير لصفحاته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ليغرد قائلًا "خالص التعزية لضحايا العاصفة دانيال التي أدت إلى العديد من الكوارث في ليبيا والمغرب"، وهي التغريدة التي استحسنها الكثيرون.