"رمضان في مصر حاجة تانية".. مصريات في ليبيا يبحثن عن أجواء الشهر

تصوير: رفيدة أشرف - أكلات المصريات في ليبيا خلال رمضان

كتب/ت رفيدة أشرف
2025-03-16 13:24:53

رغم أن جهاد علي، 29 عامًا، تعيش في ليبيا منذ ثمان سنوات، إلا أنها ما تزال تفتقد أجواء رمضان في مصر. تلك الأجواء التي كانت تملؤها الأضواء الزاهية في الشوارع، وصوت المسحراتي الذي يعلن عن قرب الفجر.

تقول جهاد: "في مصر رمضان له طابع خاص، العائلة تتجمع في البيت، والأطفال يجرون في الشوارع، ونتبادل الزيارات في الليل، أما هنا في ليبيا الأجواء مختلفة حيث يغيب الزخم الجماعي الذي كنت أعيشه".

يزداد شعور الغربة لدى جهاد كلما حلّ رمضان، هي وأمل ورشا ونساء أخريات تركن منزل العائلة في مصر، وسافرن إلى ليبيا برفقة أزواجهن. ومع مرور السنوات، يزداد الحنين إلى رمضان في مصر، وتزيد المسافة بينهن وبين العادات التي كانت تملأ البيوت.

لذا يحاولن خلق أجواء رمضانية تشبه تلك التي اعتدن عليها في مصر، من خلال المزج بين تقاليد وعادات البلدين في الزينة والطعام والأنشطة الجماعية التي كانت تملأ شوارع القاهرة بحثًا عن الطابع الرمضاني.

اختفاء الزينة في ليبيا

تتذكر جهاد لحظات رمضان في مصر بحنين: "الأجواء الرمضانية في ليبيا تختلف عن مصر. هنا لا توجد عزومات عائلية كبيرة مثل التي اعتادتها في مصر، حيث تقتصر الدعوات على الأقارب، بينما دعوة الأصدقاء والجيران ليست من العادات الشائعة".

كذلك الزينة ليست من عادات رمضان في ليبيا وفقًا جهاد، إذ بدأ الليبيون في بيع الفوانيس خلال رمضان مؤخرًا، فلم تكن هذه العادة متبعة لديهم من قبل، حيث كانت الفوانيس تُباع في المولد النبوي وليس في رمضان. 

تقول: "على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، بدأوا في تبني هذه العادة داخل بيوتهم، لكن الفوانيس الخشبية التي نعرفها في مصر ليست موجودة هنا، كنت لا أريد أن يكون أولادي بعيدين عن هذه الأجواء الرمضانية التي اعتدنا عليها".

أكلات رمضان في ليبيا

رشا وأمل، تشاركان جهاد ذات مشاعر الفقد. أمل محمود، 44 عامًا، مصرية تعيش في ليبيا منذ 23 عامًا، كان التأقلم صعبًا عليها في البداية بسبب اختلاف العادات، لكن مع مرور السنوات أصبحت معتادة على الأجواء هناك.

من العادات الرمضانية في ليبيا وفق أمل أن أغلب العائلات تبدأ إفطارها بتناول السوائل والفواكه وأطعمة خفيفة، ثم يتناولون الوجبة الرئيسية بعد صلاة التراويح،  كما تعد التجمعات الليلية بعد الإفطار عند الأقارب من أبرز العادات.

يرتدي الجميع الجلاليب الرمضانية، ويحضر كل ضيف طبقًا حلوًا أو مالحًا، وتُقدم الأطباق جميعها مع الشاي أو القهوة، لكن ليس بشكل يومي كما يحدث في مصر.

تقول: "المميز في مصر هو لمّة العائلة خلال رمضان، بينما في ليبيا نفتقد تلك الأجواء، وكل ذكرياتي مع أهلي في رمضان، وزينة الشوارع وصوت المسحراتي، والأكلات المرتبطة برمضان".

تفقد جهاد أيضًا الطعام المصري المرتبط برمضان: "في ليبيا ليس هناك حلويات محددة مرتبطة بالشهر مثل القطايف، لذا نعد الموائد العادية طوال السنة بما فيها شهر رمضان مثل الشوربة والجلاش، وكذلك المبطن والعصبان، بالإضافة إلى أطباق أخرى كالمثرودة والكسكسي، وهي من الوجبات الروتينية التي تُحضّر بشكل دائم في ليبيا".

أما أمل اعتادت على تحضير الشوربة الحمراء وخبز التنورة في رمضان، وهم من الأطباق التي تشتهر بها ربات البيوت في ليبيا، أما الحلويات ليس عادة رمضانية هنا.  

الزيارات العائلية

بينما رشا أحمد، 37 عامًا، مصرية تعيش في ليبيا، ما تزال تتمسك بالعزمات في شهر رمضان، رغم أنها ترى الأجواء الرمضانية في مصر أكثر فعالية: "العمارة التي أقطن بها تضم العديد من المصريات لذا نتبادل الزيارات ونتمسك بالعزومات". 

ورغم ذلك، تفضل رشا أجواء رمضان في مصر، حيث كانت تجلس بعد الإفطار في الشارع لمشاهدة أولادها وهم يلعبون بالصواريخ، وتتسامر مع الأهل، وتستمتع بالإفطار المشترك مع العائلة، وهو ما يضفي على الشهر طابعًا خاصًا ومميزًا لا يعوض.

كما تحاول كلٌ من جهاد وأمل نقل العادات المصرية لأبنائهن للحفاظ على روح رمضان، تؤكد أمل: "من العادات التي التزمت بها في ليبيا، هي ترتيب المنزل وتبخيره كما كنا نفعل في مصر، لأنها من الأمور التي تذكرنا بأجواء رمضان".

بينما جهاد تقول: "في أحد السنوات لم أجد زينة رمضان في ليبيا، لذا قررت صناعتها بيدي مع أولادي ليشعروا بأجواء رمضان، وصنعت لهم فوانيس من القماش. في مصر، كانت البلكونات تتزين بأعواد النور، والأطفال يمرحون في الشوارع بالصواريخ، لكن في ليبيا تظل كل الأسر داخل بيوتها".

"رمضان في مصر حاجة تانية والسر في التفاصيل.." تستمع أمل لتلك الأغنية وهي تبخر منزلها في ليبيا بينما تحاول رشا وجهاد خلق أجواء رمضانية مماثلة من خلال الذكريات التي تشبعن بها، ورغم مرور السنين، تظل العادات الرمضانية المصرية حاضرة في وجدانهن.

تصوير: رفيدة أشرف - أكلات المصريات في ليبيا