في أطراف الغابة يا أحبائي كان هناك بيت نمل يعج دائمًا بالحركة والضجيج؛ وذات يوم هبت عاصفة هوجاء وهطلت الأمطار بغزارة حتى ملأ الماء المكان، وما إن لاحظت النملة الأم ذلك حتى طلبت من أبنائها الدخول.
وتابعت الأم بصوتها الحنون قائلة: " هيا يا أبنائي إلى الداخل فإن المطر شديد في الخارج والهواء شديد البرودة قد يغرقكم الماء يا أحبائي؛ احذروا يا أبنائي حتى لا يجرفكم الماء وتشبثوا في الجدران بقوة وما إن أتمت الأم جملتها حتى صاح أحد الأولاد النجدة النجدة يا أمي أكاد أغرق".
أسرعت الأم لإنقاذ ابنها فمدت له قصبة صغيرة وطلبت منه التمسك بها ثم قامت بسحبه مع باقي أبنائها عندها تنهدت الصعداء وحمدت الله على سلامة ابنها؛ لكن للأسف كانت خسارتها كبيرة فقد جرف الماء كل ما كان لديها من الحبوب ولم يبق لها أي شيء من المؤونة المخزنة.
حزت الأم حزنًا كبيرًا فالأمطار غزيرة جدًا ومن المحتمل أن تظل تمطر لوقت طويل؛ رفعت عيناها للسماء وقالت: يا إلهي ارحمنا فأنت أرحم الراحمين ولا تبخل علينا بالعطاء فأطفالي صغار ولا يحتملون الجوع والعطش.
ركضت النملة الصغيرة نحو أمها وقالت: "إنني جائعة يا أمي أين الطعام كذلك قالت أختها وأنا أيضًا جائعة يا أمي وأريد طعامًا أشبع به جوعي."
فقالت الأم في يأس لا تقلقوا يا أحبائي سأخرج لأبحث لكم عن طعام، ولن أعود إلا وقفتي ممتلئة".
أخذت النملة الأم سلتها وخرجت بحثًا عن الطعام لأطفالها لكنها صدمت بوضع الطقس خارجًا:"يا إلهي لا يمكنني العثور على أي طعام في هذا الجو الممطر سأعود إلى الجحر ثانية، وعندما يهدأ المطر سوف أخرج مجددًا للبحث عن قوت أطفالي إن شاء الله".
ولمّا رجعت الأم سألها أحد صغارها: "هل أحضرت الطعام يا أمي فنحن جياع ثم ألحّ في السؤال أين الطعام يا أمي؟
حزنت الأم وقالت في نفسها أولادي جائعون وليس لدينا أي طعام، ماذا أفعل يا ربي ماذا عساي أفعل حتى يسد رمقهم؟
وفي خضم حيرتها تبادر إلى ذهنها فكرة طيبة فقالت: "سأذهب إلى جارتنا ربما أجد لديها بعض الطعام لأولادي يا إلهي لاتزال السماء تمطر أرجو أن لا يكون ذهابي إليها فيه حرج يتسبب في مضايقتهم في مثل هذا الظرف الصعب. ولكن ماذا أفعل فصغاري جياع وليس لديهم أي طعام.
تشجعت الأم وتوجهت نحو بيت جارتها علها تظفر بضالتها فطرقت الباب البيت وهي تحاول أن تقنع صغارها بأن ما ستقدمه لها جارتها من حبوب سوف يكفيهم لعدة أيام حتى يتوقف المطر وتشرق الشمس.
فتحت لها الجارة وسألتها هل أجد لديك بعض الحبوب يا جارتي العزيزة أولادي يبكون من الجوع وليس لدينا أي طعام .ردت عليها هذه الأخيرة:" تعلمين يا عزيزتي أن الشتاء والمطر منعنا من الخروج للبحث عن الحبوب والطعام وقد نفذ ما لدينا من الحبوب ولم يعد لدينا مخزون.
حزنت الأم النملة وقالت ماذا أفعل الآن !!! يا رب ساعدني يا رب .عادت إلى بيتها تجر أذيال الخيبة والفشل. وعندما وصلت فرح صغارها بمجيئها فسألها أصغر أبنائها ولكن أين الطعام يا أمي ؟!!! آسفة يا أبنائي فإنني لم أتمكن من إحضار أي طعام
تعالى صراخ الأطفال الواحد تلو الآخر: "أنا جائعة جدًا يا أمي .. وأنا أيضا يا أمي أنا جائعة"
صبرًا يا أبنائي صبرًا قليلًا سيتوقف المطر وتشرق الشمس وسأخرج للبحث لكم عن الطعام.
انقطع المطر وأشرقت الشمس من جديد فاستغلت العائلة الفرصة للبحث مجددًا عن طعام يشبع بطونهم فراحوا يركضون يمنة ويسرة في أرجاء الغابة حتى استطاعوا العثور على كومة من هذه الحبوب فابتسمت الأم وقالت: "يا أحبائي هذه الحبوب سوف تكفينا لعدة أيام حتى نخزن المزيد من الحبوب بعد أن يتحسن الجو فلنسرع بحملها والعودة إلى البيت قبل أن يتغيّر الطقس.
قال أحد الصغار لم أعد أقوَ على السير فقالت لهم صبرًا يا أحبائي لقد أوشكنا على الانتهاء يا أبنائي وفي البيت اجتمع أفراد العائلة فأكل الصغار حتى شبعوا وأردفت الأم وقالت لهم هيا يا أبنائي إلى النوم فقد تعبتم كثيرا.
تدور الأيام وتمضي ويتكرر نفس الحدث مع الجارة البخيلة التي رفضت مساعدة جارتها عندما طلبت منها القوت لصغارها إذ قال لها أحد صغارها إنني جائع يا أمي.
ردت عليها:" لم تعد لدينا أي حبوب يا صغيرتي سأذهب إلى جارتنا النملة الطيبة لأطلب منها بعض الطعام"، فقالت لها يا جارتي العزيزة أولادي يبكون من الجوع وليس عندنا أي حبوب فهلا تكرّمت وساعدتنا من فضلك؟
ردت النملة الكريمة الطيبة لا تحملي هما ولا تقلقي يا صديقتي سأقتسم ما لدينا من طعام بيننا وبينك وسأحمل أنا وأبنائي الحبوب إلى صغارك حالًا.
صعقت النملة البخيلة من ردة فعل الجارة الطيبة وقالت في خجل شديد أشكركم جميعًا وأعدك أن لا أكرر خطئي مرة أخرى فالجار للجار وقد تعلمت منكم درسًا في الكرم لن أنساه أبداً ما حييت.