«في يوم وليلة».. عرض نسائي راقص عن جيل الثمانينيات: «صحابنا راحوا فين؟»

تصوير: مريم أشرف - جانب من العرض الراقص "يوم وليلة"

كتب/ت مريم أشرف
2024-03-10 18:52:16

يُعرف مارس بأنه شهر المرأة العالمي، تقديرًا للدور الذي تقوم به النساء في المجتمعات وربما لا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه، على الرغم من تفوقهن في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الفنية.

وتقديرًا لذلك الدور وإثبات أن للنساء قدرة على تقديم عروض فنية هن أساسها، قدم مسرح المركز الثقافي الفرنسي في منطقة المنيرة بالسيدة زينب، عرض «يوم وليلة» كنوع من الاحتفال بيومهن العالمي.

وقُدم العرض بشكل نسائي بعنوان: «في يوم وليلة.. يوم وليلة خدنا حلاوة الحب» للمخرجة نيرمين حبيب، وهي مخرجة وممثلة ومصممة استعراضات. إذ بدأ على نغمات أغنية في يوم وليلة للفنانة وردة.

كان العرض سلسل للغاية قدمته الممثلات شيرين حجازي، وميريت ميشيل ونغم صلاح بجانب المخرجة، ويعتبر عرض راقص كوميدي عن حكايات نساء جيل الثمانينيات، وناقش عدد من قضايا النساء بطريقة «لايت».

تحدثنا مع أبطال العرض المسرحي حول التحضيرات والتحديات التي واجهتهن، إذ يتكون الفريق كاملًا من النساء.

شيرين حجازي، إحدى ممثلات العرض ومؤسسة فرقة «عوالم خفية»، تقول إن العرض تفاعلي حي قبل أن يكون مسرحيًا، والجمهور من ثقافات مختلفة: «ذلك التفاعل دعمه مساحة المسرح والعدد الكبير من الجمهور الذي تفاعل معنا، وكان الأكثر تفاعلًا هم النساء، بالإضافة إلى أنه راقص ونسائي نحاول به التعبير عن نفسنا».

كان الازدحام ضخمًا في العرض المسرحي، حيث تخطى العدد الفعلي للحضور العدد المتاح لهم، فلجأ بعضهم إلى الوقوف في بعض الممرات الجانبية بالمسرح، لمشاهدة العرض إذ تخطى العدد 100 متفرج.

تكمل شيرين: «صانعات العرض لم يبحثوا عن تقديم الأفكار النمطية عن النساء والمشكلات التي تواجهن في المجتمع، بل اهتموا بتقديم فكرة تقبل نساء جيل الثمانينيات لدخولهن فئة عمرية جديدة وهي الأربعينيات، التي تشكل لهن تغيرات جسدية ونفسية ونظرة جديدة من المجتمع، كان لا بد من توثيقها وطرحها بهذا الشكل».

أما ميريت ميشيل، إحدى ممثلات العرض، توضح أنه لم يكن عرض بالمعنى الكلاسيكي، بل كان جلسة حميمة من النساء إلى النساء: «نحاول فيها فهم ما نمر به كفئة عمرية، لا سيما أن ممثلات العرض من هذه الفئة، واخترنا اسم في يوم وليلة لأن جيلنا شعر بالحب في أول علاقة عاطفية له مع هذه الأغنية، فيمكنها أن تحرك الذاكرة وتعود بنا إلى مراهقتنا».

اعتمدت موسيقى العرض على أغنية في يوم وليلة للفنانة وردة، وبعض الأغاني الشهيرة لهذا الجيل، بينما استخدمت مقدمات البرامج التلفزيونية الأكثر ارتباطًا بهذه الفترة، لتكون محركًا للمشاعر.

لم يكن الحضور مقتصرًا على الجماهير فقط، ولكن شمل ممثلون في مجال المسرح والسينما، منهم الفنانة القديرة عارفة عبدالرسول، التي تقول لـ«صوت السلام» إنها حضرت دعمًا لزميلاتها في المجال، إلى جانب اهتمامها بمشاهدة ما سيُقدم في يوم المرأة العالمي: «أعرف أن هذه المساحة لن تتكرر مرة أخرى، وأن العرض رغم أن مدته قصيرة نصف ساعة، لكنها كانت جرعة مشبعة وخاصة».

بينما توضح أمنية حمدي، تعمل في مجال المسرح منذ خمس سنوات، أنها أحبت حضور العرض كي تهدي نفسها هدية بمناسبة يوم المرأة العالمي، فضلًا عن حبها لممثلات العرض ومن متابعيهم إذ تحضر أغلب أعمالهم.

تضيف: «بعد معرفتي بالنقاش الذي يسرده العرض، أحببته لأنني كفتاة في أول العشرينيات لا أعرف عن حياة النساء في الأربعينيات شيء، وطبيعة الصعاب التي تواجهن».

لم يكن الحضور نسائيًا فقط، ولكن شارك بعض الرجال، منهم مارك ساويرس، من حاضري العرض، وهو من جيل الثمانينيات، يوضح أن ما أثار دهشته هو أن النقاش كان عابرًا للنوع الاجتماعي، فهو يلتقي مع هؤلاء النساء في بعض التحديات التي تواجهن وتواجهه من وقت دخول الأربعينيات.

يؤكد أن مرحلة الأربعينيات صادمة نوعًا ما، ولكن اختيار موسيقى العرض جعلته يشعر بالحنين.

نفس الشعور وصل إلى أحمد معتز، أحد حاضري العرض ودارسي المسرح، إذ يرى أنه مختلف كلية عن أغلب العروض التي تناقش قضايا النساء، واصفًا إياه بأنه تجربة فريدة وخاصة.

يقول: «الموسيقى والرقص كانوا الأكثر تأثيرًا في العرض، بينما الجزء الفكري المؤثر هو الاطلاع على أزمات النساء في ذلك الجيل، لأني مُطلع على أزمة جيل  العشرينيات ولكن الثمانينيات لم أطلع عليها بسبب عدم وجودهن في دائرتي».

ممثلات العرض أيضًا شعرن بذات الحنين والفخر، إذ تقول نغم صلاح، إحدى الممثلات، إن واحدًا من أسباب نجاح العرض هو اختيار الموضوع وتجميع نساء من نفس الفئة العمرية التي يتحدث عنها: «كان تحديًا أن يكون العرض راقصًا إلى جانب التمثيل، لكن اختيار الأغاني من قبل المخرجة، جعلت اللغة بيننا سلسة كممثلات بسبب التقارب الفكري والعمري».

«هما صحابنا راحوا فين؟»، كانت إحدى الجمل الحوارية في العرض، التي لمست نغم، لأن ذلك ما لاحظته خلال السنوات الأخيرة بسبب هجرة أصدقائها في الخارج، وتخلى بعضهم عن مجال الرقص المعاصر أو التمثيل، مما جعلها ترى أن هذه الجملة تعبر عن عزلتها ووحدتها التي تشعر بها وسط الأجيال الجديدة.

تصوير: مريم أشرف - مشاهد من العرض الراقص"يوم وليلة"