عاش وسط «البورتريهات» القديمة، لا يعرف سوى لونين هم الأبيض والأسود، ولد وسط عائلة فنية وفي يده كاميرا، وكان أول فعل قام به وهو صغير الضغط على زرها، ليُخرج صورًا مبدعة توثق حياة الفنانين، ويمتلك بعد حياة دامت لـ86 عامًا أرشيفًا ضخمًا من «الكادرات».
هو محمد بكر، المصور السينمائي، الذي اشتهر باسم شيخ المصورين، بدأ مسيرته المهنية في فيلم سمارة العام 1956 وكانت آخر أعماله فيلم حسن ومرقص العام 2008 ليترك مسيرة حافلة بالكارات السينمائية العالقة بالأذهان، على رأسها «كادراته» في ثلاثية نجيب محفوظ (السكرية - بين القصرين - قصر الشوق).
لتوثيق تلك الأعمال، عُقد معرض «خمسون عامًا من البورتريه السينمائي»، للمصور محمد بكر، في مؤسسة «فوتوبيا» بمنطقة مصر الجديدة بالقاهرة، وقدم أرشيف صور وكادرات للمصور محمد بكر، الذي أرخ لأكثر من 50 عامًا من تاريخ السينما المصرية.
التقت «صوت السلام» مع شيخ المصورين، الذي لم يكن متوقعًا لردود الفعل الإيجابية تلك حول معرضه، فهو ممتن لتلك التجربة، واعتبارها بمثابة تكريم لمساره المهني، فيقول «أتمنى أن يظل الجميع يحب الفن لا سيما المصري، لأنه أساس السينما في الشرق الأوسط».
ساعدت نشأة بكر في أسرة فنية على المزيد من الإبداع بالتصوير السينمائي، فوالده حسين بكر كان يعمل كأستاذ جامعي في معهد سينما، لذلك قرر محمد أن يكمل المسيرة ويدخل عالم السينما من أوسع أبوابه عبر التصوير وتنشأ بينه وبين كبار الفنانين علاقات متينة.
دومًا ما يحتفي الجمهور بالصورة وربما لا يعرفون من هو الجندي المجهول خلفها؟، ذلك ما كان يزعج المصور محمد بكر إلى أن أصبح له معرض سنوي، يضم أهم كادراته السينمائية والصور التي أحبها ولم يعرف أحد أنه صاحبها.
ذلك الهدف والشعور وصل إلى زوار المعرض، تقول مريم الصغير، إحدى الزائرات، أن كادرات بكر عالقة في ذهنها واسترجعتها من الأفلام المصرية بمجرد مشاهدتها في المعرض الحالي: «الكثير من تلك الكادرات عالق بالأذهان، إلا أن تجربة المعرض ورؤية هذه الصور بجودة عالية وبشكل حي، جعلها تجربة مثمرة».
حضر محمد صوانا، 22 عامًا، مصور وأحد الزوار،، معرض محمد بكر، والذي يثري عنده «هوس» الصور القديمة، لا سيما أن المعرض يتيح شراء الصور بأحجام وأسعار مختلفة: «زاد أرشيفي الذي أجمعه من الصور القديمة بسبب المعرض، لأن الكادرات كلها لها ذكريات عالقة، فينا».
أجرى محمد بكر نقاشًا مع الشباب وسرد الكثير من كواليس الصور في أثناء المعرض، كانت من بينهم داليا عاصم، إحدى زائرات المعرض، جاءت بسبب اهتمامها بالمشاركة في حدث يوثق تاريخ السينما المصرية: «هو تاريخ ثري وعريق، ولا بد من توثيقه ودعمه بكل السبل، لا سيما كادرات التصوير تلك التي لا ينساها أحد، فالصور بالنسبة لي مألوفة، أتذكر حين كنت أشاهدها مع أمي في الصغر بالأفلام المصرية القديمة».