طالبات مصريات في روسيا يتحدين البرد القارص وصدمات السكن المشترك

تصوير: سلمى الهواري - السكن الجامعي في روسيا

كتب/ت سلمي الهواري
2022-02-09 00:00:00

يرتبط  مفهوم السفر والغربة بالشباب، ولكن في السنوات الأخيرة زاد عدد الفتيات الراغبات في السفر للدراسة، فنجد عددًا من الأسر بدأت تقبل اغتراب بناتهن من أجل الدراسة، لكن الغربة بالنسبة للفتيات تعني كثيرًا من المغامرات والصعاب.

تتعرض الفتيات المصريات الدارسات في الجامعات الروسية لمواقف تتسم بالغرابة، والاندهاش، والصدمة أحيانا بدءًا بالصورة النمطية المعروفة عن أوروبا، مرورًا باختلاف اللغات وحرارة الجو تحت الصفر، وصولًا لصدمة السكن الجامعي المشترك بين الجنسين.

سافرت مريم مغيزل ـ ٢٤ سنة ـ لدراسة الطب البشري في روسيا قبل 6 أعوام، تقول لـ "قلم المنصورة": "كبنت سفري لوحدي كان صعب جدًا و كنت متحمسة لكل خطوة فيه، لكن من اللحظة الأولي عانيت بسبب تعرضي للنصب من الشخص الذي تقدم بأوراقي للجامعة، ومشاكل التعامل مع الجنسيات المختلفة في السكن، كان أغلب الجنسيات التي سكنت معها من أصل مغربي، وكانت تصرفات معظمهم وعاداتهم لا تشبهني".

تكرر مريم قول الروائي الاسكتلندي روبرت لويس: "لا وجود لأراضى الغربة، إنما المسافرون فقط هم الغرباء".

وتضيف: "رؤية الجميع للدول الأوروبية أنها مختلفة تمامًا عنا، وكأنهم مختلفين في كل شيء، لكن الواقع صادم ومختلف، الأوربيون لا يختلفون عنا بالشكل المرسوم في تفكيرنا، يتعاملون مثلنا كثيرًا، لهم أفكار متشابهة معنا، يمكن  أن يكون الاختلاف الحقيقي في العادات والتقاليد، وهي أيضًا تختلف بين المدن والقرى، التحضر الذي  نتخيله عن أوروبا ليس سائدًا، الغربة الحقيقية تشعر بها عندما تصل وترى أن المدن ليست كما رسمتها في مخيلتك، وهذا ما جعلني أهتم بتصوير كل شيء حولي هنا وأشاركه مع الناس".

بحسب الموقع الرسمي للتعليم العالي في روسيا للطلاب الأجانب ارتفع عدد طلاب الدارسين في الجامعات الروسية من المنطقة العربية وإفريقيا إلى 31 ألف 360 طالب في إحصائية لعامي 2017 و 2018. 

حماس إيمان محمود ـ 21 سنة ـ قبل سفرها للمرة الأولى خارج مصر بمفردها لمكان جديد ودولة أوروبية قبل أربع سنوات، تحول إلى صدمة عندما وصلت إلى روسيا لدراسة الطب بجامعة بينزا، تقول إيمان: "الصدمة الأولى كانت في اللغة، لا يوجد تواصل مع من حولي إلا بالروسية، الروس لا يتقنون الحديث بالإنجليزية، كنت  في حالة صدمة أنا أحاول شرح ما أحتاجه يرد علي باستغراب أكبر منهم لأني لم أكن أعرف كيف أتعامل مع الجميع".

تضيف إيمان: "تدريجيًا بدأت تعلم  كلمات وجمل تساعدني خلال التسوق، والتركيز في الإشارات والبحث عن بديل للغة لأستطيع الفهم هذا كان سهلًا إلى حد ما، ومع بداية دروس اللغة الروسية  بدأت في إتقان اللغة للتعامل اليومي بشكل  بسيط بعد شهر ونص، وأصبحت أستطيع تفسير ما أحتاجه، أيضًا بدأت في حفظ أماكن الأشياء التي أستخدمها فكانت الصعوبة تتلاشى، وتزداد المغامرة تزداد مع كل مشكلة جديدة".

وتحكي رضوي عاطف ـ 19 سنة ـ  تدرس طب الأسنان بجامعة ساراتوف، أنها كانت مثل الجميع تتخيل روسيا كدولة أوروبية كالتي تظهر في الأفلام، وسكنت في البداية في السكن الجامعي لنصيحة أسرتي التي ظنت أن هذا أفضل حل للبنات، ولكنها  كانت مشكلة حقيقة لي".

تضيف رضوى: "دخلت السكن الجامعي  ولم أكن أعرف أنه مختلط بين الفتيات والشباب من جنسيات مختلفة، هذا عادي هنا  في روسيا، ولكن بالنسبة لنا كعرب أو مصريين ريفين تحديدًا كانت مشكلة كبيرة لي كبنت، أثرت على مزاجي يوميًا وشكل حياتي". 

تروي رضوي أن أكبر مشاكلها  كانت في كون مطبخ السكن، ودورات المياه مشتركة الاستخدام مع الشباب وبين غرف الفتيات والشباب، قائلة: "لم أجد الحرية التي اعتدت عليها في الطبخ على راحتي كفتاة أو أن أفعل أي شيء".

تضيف: "الجنسيات  كثيرة معنا، كان صعب التعرف على فتاة مصرية في السكن، المعظم كان تركماني أو مغربي وعاداتهم مختلفة عنا وصعب التعامل معها لذلك كنت أعاني كثيرا من طريقة معيشتهم، وطريقة التعامل مع الطلاب الشباب، هذا ما جعلني أفكر جديا لأكثر من مرة في العودة لاستكمال الدراسة بمصر".

تواجه الفتيات المغتربات مشكلات بسبب العادات، والتقاليد، واللغة والدين، منهن من لا يقدرن على مواجهتها ويستسلمن في بداية الرحلة ومنهن من يكملن الطريق،  ولكن التعامل مع  درجة حرارة الجو الجليدي في روسيا أكبر المشاكل لفتيات تربين على الجو الدافئ في مصر انتقلن فجأة إلى درجات تحت الصفر في روسيا.

تقول تسنيم أيمن - ٢٠ سنة ـ تدرس هندسة بجامعة كازان: "كدولة غير إسلامية تواجهنا المشاكل في كل شيء، عندما وصلت إلى روسيا لم أكن أعرف الأكل الممنوع علينا  كمسلمين، لكني فهمت من زملائي في السكن. كنت أنزل إلى السوق وأتجول كثيرًا للبحث عما ينفع أكله من "الأكل الحلال" بداية من اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان، واجهت صعوبات كثيرة في البداية، حتى تعودت وبدأت أعرف تجارب كثيرة".

وتضيف: "العادات اليومية يستقر تعاملنا معها ولكن ما لا يستقر نهائي هو عدم تحمل درجات الحرارة دائما بتكون في السالب وده بيسبب لنا مشاكل كتير وصعوبة في التعامل مع الجو".

تحكي تسنيم  أنها قضت ستة أشهر من التخبط وتجارب وصفتها بالفاشلة، وما نجح منها كانت من أسعد أوقات حياتها ولحظتها وجدت نفسها.