أستيقظت من نومي لأبدأ يوما دراسيا عاديا كطالبة مغتربة تعيش في روسيا، لأستفيق على خبر بضرب الجيش الروسي لمدن أوكرانية في الرابعة صباحًا.
أخبار متداولة و صفحات السوشيال ميديا تُطلق تحذيرات من الحرب، تثير شكوكي و بدأت في السؤال والاستفسار أي حرب؟ حتي وجدت الرد الصادم.
"حرب عالمية ثالثة"
بدأت يومي وحياتي كطالبة، من الصعب ان أتخلف حتى عن المحاضرات، حتى إن كان الحربحولك، وعندما وصلت إلي الجامعة لأجد مئات من الطلاب العرب والأجانب أمام مكتب عميد الكلية يطالبون بالتعلم عن بُعد فيأتيهم الرد الحاسم بعد محاولات عديدة: "روسيا وضعها مطمئن، لا داعي للقلق، وإن بدأت حرب على روسيا فيسافر الجميع إلى وطنهم".
عشت أيامًا صعبة منذ علمت بالقصف على أوكرانيا وبعد قرار الجامعة باستمرار الدراسة، والأخبار تتوالى أمام عيني بالتحذيرات، واتصالات أسرتي بمصر تنقل قلقها من الأوضاع وانا اعيش في صدمة واقع لا أستطيع الفرار منه أو تخطيه بعدم التفكير فيه.
أصعب ما واجهت في أيام الحرب هو وقف تعامل البنوك الروسية مع نظام "سويفت" العالمي، وهو أسرع وأسهل نظام لنقل الدولار حول العالم.
تأثير القرار رفع سعر الدولار مقابل الروبل من 73 إلي 154 روبل أمام الدولار الواحد، للمرة الأولى يرتفع فيها سعر الدولار لهذا الحد، وحتى أسعار السلع والأسواق وصلت للضعف، تضاعفت أسعار كل شيء من أكياس البطاطس حتى اللحوم والأسماك.
تمتلئ مجموعات "فيسبوك" الخاصة بالطلاب العرب في روسيا بمنشورات عن تحذيرات مُرعبة و صادمة كـ "غلق المحلات، ارتفاع سعرعملة الدولار، قلة المواد الغذائية، توقف كروت البنوك، توقف كافة التعاملات المالية الدولية، تجمد الحسابات، انقطاع شبكات الانترنت و الخ".
في البداية نظرت لتلك التحذيرات على محمل السخرية، أقول لنفسي من المؤكد أن روسيا وضعت احتياطاتها كدولة قوية، لكن قرار وقف "سويفت" أضاع سخريتي أما إلتزامات متزايدة.
أول صدمة، كيف ستصلنا المصاريف الشهرية، وقتها أدركت المآزق الحقيقي، لكن البنوك الروسية تطمئن الجميع، الوضع مستقر و كافة الكروت الائتمانية تعمل، لكن بسحب عمولة الروبل وليس الدولار.
وبعد أيام تجمدت حسابات البنوك الدولية جميعًا،أي بطاقة ائتمانية غير روسية توقفت، يمكنك استخدامها في الأسواق والمتاجر لكن لا يمكنك سحب أي مبالغ في الكروت.
وأغلقت كل المحلات العالمية المطاعم ومحلات الملابس الكبرى في أسبوع ونصف تغير شكل حياتنا، ارتفعت الأسعار بشكل يصعب تخيلها، في الأيام العادية كان من الممكن أن أعيش على 200 دولار خلال الشهر ولكن بسبب ظروف الحرب اضطرت لسحب أكثر من 300 دولار خلال هذا الشهر فقط ، وأصبح مبلغ ١٠٠ دولار لا يكفي أي طالب سوى أسبوعين على الأكثر، وكل يوم بحال جديد ومخاوف جديدة.
مخاوف الانقطاع عن العالم و صعوبة المعيشة، ومخاوف من تجربة الحرب.
أو التعايش مع الوضع الحالي ايًا كانت عواقبه أما أن نتخلى عن كل شئ والدراسة و نحاول الفرار قبل أن تطولنا "الحرب العالمية الثالثة".