حالة من التشتت يعيشها الطلاب المصريين في روسيا حاليًا عقب سماح المجلس الأعلى للجامعات تحويلهم وغيرهم من المقيدين بجامعات في السودان وروسيا وأوكرانيا إلى الجامعات الخاصة والأهلية دون النظر للحد الأدنى.
القرار الصادر في مايو الماضي في أعقاب الأزمة الراهنة في السودان، فتح باب أمل كي يعود الطلاب خصوصًا من لم يتأقلم مع الغربة، فما بالك أن تكون تحت القصف الدائر في هذه الدول.
إلا أن الأمر لا يبدو سهلًا للطلاب هنا في روسيا، فلا يقتصر على مجرد محاولة اللحاق بمكان في الجامعات الأهلية والخاصة وفقًا للضوابط التي حددها المجلس والخوف من عدم القبول، بل أوضح بعض الطلاب أنهم اصطدموا بموقف الجامعة الروسية ورفضها لتسليم أوراقهم، بل وتهديدهم بالفصل النهائي إلا بعد دفع مصروفات الدراسة كاملة حتى وإن لن يتمّوا العام الدراسي.
يقول أحمد محمد، 22 سنة، طالب مُقيد بالفرقة الرابعة في جامعة روسية: "القرار صدر في وقت غير صحيح تمامًا قبل بداية الامتحانات بأقل من شهر، ومّر أسبوعين على صدور القرار، وكلنا كطلاب في حالة حيرة تامة بين التحويل والبحث عن الجامعات وبين التقديم الورقي مقابل نقود، وإرهاق أهلنا، والتقديم إلكتروني".
"من وقت صدور القرار مفيش طالب شوفته أو عدى قدامي مسمعتوش إلا وهو بيتكلم عن التحويل وعن الجامعات في مصر وروسيا، والطلاب بتكلم نفسها في الشوارع، حتي مجموعات "فيسبوك" الخاصة بالطلبة من أسبوعين وكل يوم أكثر من 100 بوست عن التحويلات فقط" أضاف أحمد محمد.
أمنية أسامة، 19 سنة، تقدمت بطلب استخراج ورق بيان درجات ومحتوى علمي من الجامعة المُقيدة بها في روسيا، لكن الجامعة تعنتت ورفضت استخراج الأوراق إلا بعد دفع كافة الرسوم، تقول أمنية: “طلبوا دفع الرسوم على الرغم أنني لن أستكمل الفصل الدرسي الثاني ولن أسكن لنهاية العام، وفي النهاية لو سحبت ملفي ستصدر الجامعة الروسية قرارًا بفصلي بشكل نهائي، ومنعي من دخول الأراضي الروسية مرة أخرى في حال لم يتم قبولي في الجامعات المصرية".
تكمل: “نعاني من تشتت بين تأخير القبول في مصر عن المدة المحددة، واستخراج الأوراق وتهديدنا بالفصل".
مصير معلق، هكذا تدور أمنية وباقي الطلبة في حلقة مفرغة هم وأهلها صاروا ضحايا.
بين كل قرار يصدر يقع الطالب في حيرة، وبين كل تصريح من جامعة يقف الطالب يسأل ماذا يفعل؟.. وما هو التصرف الصحيح؟ لكنه يظل يسأل ولا يدري هل يكمل طريقه في روسيا وهو الذي اختاره من البداية، أم يختار المحاولة بكل ما استطاع من أجل الأسرة، وحضن الوطن والأمان.
أيمن منصور، 21 عامًا، طالب في روسيا، وصف لنا الأزمة النفسية التي يتعرض لها الطلاب بعد قرارات التحويل، والتي توقعهم في حيرة بين استكمال الطريق أيًا كانت عواقبه أو المحاولة في الطريق الجديد مهما كان العناء، يقول: "كتير مننا شايف التحويل فرصة لا تُعوض ليكون وسط أهله ووطنه، فلا يخشى حرب أو تدهور العملة مثلًا، فمثلًا إذا انخفضت قيمة الجنيه ستصل مصاريف السنة الدراسية إلى 250 ألفًا فأكثر بالعام دون أية مصاريف أخرى، لكن هناك طلبة أن اختيار العودة هو تضحية كبيرة وتهور في حال عدم قبول الطالب في الجامعة في مصر".
يروي أيمن، أن أغلب الدفعات ترى أن التحويل هو تضحية بسنة من العمر يضطرون لإعادتها مرة أخرى، ينهي كلامه ويقول: "كلنا تائهين في المنتصف مش عارفين نعمل إيه.. القرار فعلًا في توقيت ظالم لينا".
يصف لنا عمر أحمد، 20 سنة، عن الليالي التي قضاها في إرهاق بدني ونفسي، هو ووالده أثناء محاولاتهما لتقديم أوراقه في الجامعات الأهلية والخاصة في مصر، وتشديد الجامعات في شرط الحصول على كافة الأوراق الثبوتية لقبول التحويلات.
يضيف عمر: "قدمنا في كل الجامعات التي أعلنت فتح التحويل سواء ورقي أو الكتروني مع دفع مبلغ فتح ملف أو رسوم، ومرت عشرة ايام دون أية ردود من أي جامعة، وبعض الجامعات تطلب الورق كاملًا بالمحتوى العلمي وبيان درجات و النسخ الأصلية، في حين أن قرار الوزارة تضمن فتح مدة تسليم أصول الأوراق لمدة ثلاثة شهور، لكن الجامعات للأسف تعمل بنظام مختلف يُشتت الطالب، ويرهق ولي الأمر.