هنا في بورسعيد الكل يعرف "عَمّ عشماوي" أحد أقدم بائعي حلوى "خد الجميل" على سواحل شاطئ بورسعيد، حيث يبدأ رحلته اليومية مع الساعات الأولى من شروق الشمس.
ففي داخل منزله، يبدأ الإنتاج، ومن ثم الإنطلاق إلى طرقات المدينة وشوارعها بحثًا عن الرزق.
مستقلًا دراجته التي يحمل عليها حلواه ومكبر للصوت، و"ميكروفون" صغير فى يده، ينطلق عم عشماوي فى جولته، وهو ينادي على بضاعته: "خد الجميل يا حلاوة"، لا يقطعه سوى ذكر "العربي فرحان البلبيسي" أشهر مداحي الصعيد، الذي ما إن تسمع صوته حتى تعرف أن صانع "خد الجميل" يتجول.
من المنيا إلى بورسعيد جاء عشماوي "57 عامًا" أو "أبو أحمد" كما يناديه الجيران ويقول: “وُلدت في المنيا وانتقلت إلى بورسعيد في سن 13 عامًا بحثًا عن العمل، عملت في البناء باليومية حتى سن منتصف العشرينات".
ومن البناء إلى الحلوى حدثت نقلة في حياته، يقول: "في إحدى المرات كنت أتجول على الشاطئ وشاهدت شخص يُدعى إبراهيم وهو من أوائل من صنعوا حلوى خد الجميل في مصر كلها، كنت أتتبع خطواته وأشاهده وهو يصنعها".
ليس هناك صعوبة فى المكونات؛ تفاح وعسل وسكر ولون "أحمر".
أما سر الصنعة، فتعلمها من إبراهيم ثم امتهنها، وسريعًا ذهب إلى السوق واشترى الخامات، ومضى إلى منزله لتجربة صناعة أول حلوى من صنع يديه.
يقول: “أول مرة احترقت الحلوى بالكامل بسبب قلة الخبرة، لكني لم أفقد أملي، وفي المرات الأخرى نجحت في صناعة حلوى أفضل، وأبدعت في صناعتها وأضفت لها مكونات سرية خاصة بي".
مع الوقت، تمكن عشماوي من حلواه، يذهب أسبوعيًا لشراء التفاح من محافظة الإسماعيلية، إذ يكون أرخص سعرًا وجودته أفضل، ويعود إلى منزله البسيط داخل حي الزهور، يغسل التفاح جيدًا، ويجففه أمام المروحة لأنه إذا بقيت نقطة مياه يمكن أن تحرق الحلوى، بعد ذلك يقوم بشبك الخِلة الخشبية بهم، وعلى نار هادئة يقوم بخلط مكونات الحلوى المكونة من العسل والسكر واللون الأحمر، وبعد خلطها بالتفاح تكون جاهزة.
يحكي عن تاريخ صناعة حلوى "خد الجميل"، يروي الحكاية الأشهر وهي أنها من اختراع أحد الأجانب في وقت الاحتلال الإنجليزي، تيمنًا بزوجته التي كان يحمر خدها عندما تضحك، واشتهرت في البداية في بورسعيد، وبعدها في عدة مصايف داخل مصر.
لا يحصل عشماوي على راتب أو معاش من أي جهة، قائلًا: “الدنيا صعبة والمصاريف تقطم الوسط، ولا أحد يقبل على الشراء بسبب غلاء سعر الحلوى؛ نتيجة ارتفاع أسعار الخامات ووصل سعر كيلو التفاح لـ40 و50 جنيه، وكيلو السكر إلى 30 جنيه، ومن سنة كان سعر القطعة الواحدة خمسة جنيهات، وحاليًا يتفاوت سعر القطعة من 7.5 إلى عشرة جنيهات".
في سنوات مَضت، اعتاد عشماوي على بيع جميع الحلوى والذهاب للمنزل لصنع حلوى أخرى، كان من الممكن أن بيع أكثر من 100 قطعة في نفس اليوم، لكن هذه الأيام يحمد ربه إذا باع 10 أو 15 قطعة: "أعذر الناس لأن لا يوجد رب أسرة قادر على شراء خمس قطع لأولاده بسعر خمسين جنيهًا، أكيد هيوفرهم لشراء فاكهة طبيعية يستفاد منها الأولاد".
في نفس الوقت لا ينوي عشماوي التوقف عن صناعة "خد الجميل"، يقول: “هذه مهنتي وهفضل متمسك بها إلى أخر يوم في عمري، بالرغم من الظروف القاسية التي نعيشها وغلاء الأسعار".