قبل أن تصبح عاصمة للثقافة.. المنيا بلا معارض كتب للإصدارات الحديثة

تصوير: عبدالرحمن خليفة - معرض مجراية

كتب/ت عبدالرحمن خليفة
2025-01-29 10:00:05

في نوفمبر الماضي، أعلن الدكتور أحمد هنّو، وزير الثقافة، أن محافظة المنيا ستكون عاصمة للثقافة خلال العام الحالي. في ذات الوقت كان يزور عبدالرحمن، طالب جامعي من مركز ملوي بالمنيا، معرض كتاب ثانوي يُقام داخل نقابة المحامين الفرعية بالمحافظة، بحثًا عن الإصدارات الحديثة من الكتب إلا أنه لم يجد.

يخوض عبدالرحمن تلك الرحلة كل فترة لإشباع شغف القراءة لديه إلا أنه يواجه تحديات عدة: "لا توجد معارض كبرى للكتب في المحافظة، لدينا فقط المعارض الثانوية التي تقيمها مؤسسات مثل نقابة المحامين، لكنها لا تضم الإصدارات الحديثة، كذلك لا تُعقد ندوات أو حفلات توقيع كي نستطيع التعرف على الكتّاب".

المنيا بلا معارض 

يقول لـ"المنياوية": "مكتبة مصر العامة وقصر الثقافة في المحافظة ينظمان معارض للكتب، لكن هذه المعارض تقتصر غالبًا على الإصدارات القديمة، وعندما أرى إصدارًا حديثًا، يصبح حلمي أن أضيفه إلى مكتبتي، لكنني أضطر إلى طلبه من أحد الأصدقاء أو شرائه من القاهرة عبر شركات الشحن، مما يزيد من التكاليف المادية".

ينتظر عبدالرحمن وغيره من محبي القراءة في المنيا، وعد وزير الثقافة بأن تصبح المحافظة عاصمة للقراءة خلال العام الحالي، إذ يتطلب الأمر تضافر عدة جهود لتوفير الإصدارات الحديثة وإقامة معارض كبرى للكتاب تشبع شغف القرّاء، مثلما يحدث في القاهرة التي تشهد الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب الآن.

تحديات على الطريق

وفق إحصاء صدر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2020، فإن مصر بها 1353 مكتبة بواقع 319 مكتبة عامة و394 مكتبة متخصصة و640 مكتبة جامعية، نصيب مركز المنيا فيها 7 مكتبات فقط منها مكتبة مصر العامة، بينما عبدالرحمن يقيم في ملوي التي تبعد عن المنيا حوالي 40 كيلو مترًا، لذلك لا يستطيع الوصول للمكتبات العامة.

نفس الإحصاء يشير إلى أن عدد المترددين من مطالعين ومستعيرين 3.420 مليون متردد عـام 2020، واحتلت المكتبات الجامعية والمعاهد النصيب الأكبر بـ 2.7 مليون، تليها المكتبات العامة 465 ألف.

لكن يعزي حمادة زيدان، مدير ومؤسس مجراية الثقافية بمركز ملوي التابع لمحافظة المنيا، تلك التحديات التي تواجه عبدالرحمن وغيره في المنيا، إلى تخوف دور النشر من المجازفة بالحضور من القاهرة إلى المنيا بسبب عدم وضوح حجم الإقبال على شراء الكتب في الأقاليم.

ويوضح لـ"المنياوية" أن المؤسسة نظمت 6 معارض للكتاب تضمنت حفلات توقيع وورش عمل وفعاليات ثقافية أخرى، لكن يظل التحدي الأكبر هو ارتفاع أسعار الورق، مما يؤدي إلى زيادة أسعار الكتب ويؤثر على الإقبال، لذلك تظل هناك أزمة في توافر الإصدارات القديمة فقط بسبب سعرها البسيط.

وللتغلب على تلك المشكلة، يقول زيدان: "في معرض العام الماضي، لجأنا للاعتماد على الإصدارات القديمة والكتب المستعملة، حتى نسد ثغرة عدم وجود إصدارات حديثة وقلة معارض الكتب في المنيا، لكن ما قدمناه لم يشبع شغف القرّاء، لأن المعرض يكون صغير ويضم كتب قليلة".

حلم المعرض يراود القرّاء

لذلك يحلم عاصم حسان، طالب بالفرقة الثانية بكلية العلوم جامعة المنيا، بإقامة معارض كبرى للكتاب في المنيا: "نحن أبناء المحافظة نحتاج فرصة للاطلاع على الإصدارات الحديثة والالتقاء بالكّتاب وحضور ندوات ثقافية، ليس الهدف فقط شراء الكتب، بل نحن بحاجة إلى معرض يشمل فعاليات ثقافية متنوعة مثلما يحدث مع أبناء القاهرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب".  

كان لدى حسان تجربة في زيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب إذ سافر خلال العام الماضي مدفوعًا بحبه للقراءة: "عندما دخلت المعرض انبهرت بالقاعات وعدد الكتب وتنوعها، واعتبرت أن سكان القاهرة لديهم كنز ثقافي وحدث سنوي ضخم". ليس في مقدور حسان أن يزور المعرض كل عام بسبب بُعد المسافة والتكاليف، إلا أنه ينتظر إقامة معارض مماثلة في المنيا.

بينما يرى مدير مجراية، أن إقامة معارض مماثلة في المنيا يعد أمرًا صعبًا، لأنه يتطلب وجود دور نشر تغذي هذا المعرض بالإصدارات الحديثة: "اختيار الكتب يعتبر تحديًا في المعارض الكبرى، لذلك نحاول في معارضنا تقديم كتب أصلية تكون في متناول القارئ".

تؤكد علياء عبد الستار، طالبة بالفرقة الرابعة بكلية التربية في جامعة المنيا، أن قلة المعارض في المنيا يؤثر سلبًا على طلاب الجامعة: "وجود المعارض يسهم في تنمية تفكيرنا، وليس لدى الجميع القدرة على الذهاب إلى معارض القاهرة أو الإسكندرية لشراء الكتب التي يرغبون في قراءتها".

رغم وعود وزير الثقافة بأن تصبح المنيا عاصمة للثقافة هذا العام، إلا أن الواقع الثقافي في المحافظة يواجه تحديات كبيرة، أبرزها غياب المعارض الكبرى للكتب والإصدارات الحديثة، بينما شغف القرّاء في المنيا، مثل عبدالرحمن وعاصم يزيد ويواجه عوائق تتعلق بنقص الفعاليات الثقافية والمكتبات المتنوعة