الورد الاصطناعي..سوق بدأ في الانتعاش فطالته أزمة الدولار

تصوير: أمنية حسن - محل ورد اصطناعي

كتب/ت أمنية حسن
2023-11-18 00:00:00

قررت "رباب خالد"، فتاه عشرينية، قبل ثلاث سنوات بدء مشروعها الأول في تصميم ديكور المناسبات بحفلات الزفاف وتصميم "كوشة" الأفراح في المنازل، مما حتم عليها البحث في محيط مدينتها؛ لشراء ما تحتاجه من معدات وأدوات، وخاصة الورد الصناعي الذي يعطي طابعًا خاصًا لتصميم الديكورات عن غيرها من المنافسين.

تعاملات "رباب" مع تجار الورد الصناعي معظمها في نطاق القاهرة في منطقة العتبة وليس بما يُتاح في أسوان موضحة: "خلال مقارنتي الأسعار هنا وفي القاهرة كانت الأسعار هناك أقل رغم وجود مصاريف شحن، ففي القاهرة شارع كبير ممتلئ بمحلات بيع الورد الاصطناعي، ويتوفر به كل الأنواع والأشكال المتاحة، وإذا لم تجدها في محل ستجدها عند الآخر فالتنافس كبير.

وأضافت: "لكن الوضع يختلف في أسوان، محلات بيع الجملة محدودة وتفرض عليك ما يوجد فلا مجال للاختيار من وجهة نظري، فاعتمد على التواصل مع تاجر عن طريق التليفون وليس السفر بشكل دائم".

وتوضح "رباب”: "خلال الثلاث سنوات الأخيرة ارتفعت أسعار الورد الاصطناعي إلى الضعف، فاتجه البعض للمشاركة في المشروع مع عدد من الممولين حتى يستطيعون تحمل تكلفة المشروع، فالأسعار متغيرة بشكل مستمر وما تشتريه هذا الأسبوع لا يكون مثل الأسبوع السابق له، فنجد زيادة بين خمسة إلى عشرة جنيهات أسبوعيًا، ولأننا نتعامل بالكمية في هذا المجال فأي زيادة بسيطة تؤثر علينا".

وتعمل "رباب" في مجال واسع تتنوع فيه أشكال الورد مع ظهور موضات مختلفة باستمرار يُحتم عليها مجاراة السوق وتصميم ما يطلبه الزبائن، وأن تكون على إطلاع على كل ما هو جديد.

وتقول: "الورد الصناعي يتميز عن الطبيعي في مدى صلاحيته فلدي ورد صناعي تخطى عمره خمس سنوات وهذا يعتمد على مدى اهتمام صاحب المشروع بالورد وتنظيفه، والشراء يكون مع متابعة الجديد لذوق الزبائن، ومراعاة بعض التلف الذي يلحق بالورد جراء الاستعمال”.

وترى "رباب" أن مجالات استخدام الورد الصناعي بدأت في التطور وظهرت مجالات مختلفة لم تقتصر في قاعات الأفراح: "مع الأوضاع الاقتصادية والتي وصل سعر تأجير قاعة مناسبات للخطبة لعدد من الساعات يكلف العائلة من 8 إلى 9 آلاف جنيه، بدأ هنا دورنا في تصميم كوشة في منزل العروس تشبه القاعة والتكلفة بين 1000 إلى 1500 وتفي بالغرض، إلى جانب سيشن التصوير الذي يحتاج فيه إلى ورد".


ولاستمرار وتطور المهنة، تتمنى "رباب" أن تتوفر الخامات بسعر الجُملة في أسوان وبأنواع مختلفة مثل محلات القاهرة؛ حتى تستطيع هي وغيرها من أصحاب المشروعات المبتدئة تطوير مهنتها.

ولا يختلف الأمر مع "سلوى مراد" إحدى الشركاء في مشروع متخصص لتنظيم ديكورات حفلات الزفاف والمؤتمرات في أسوان، والتي بدأت نشاطها منذ عشرين عامًا، وشاركت في فعاليات مهمة أقيمت في أسوان مثل: "احتفالات عيد أسوان القومي، وتجهيز الكاتدرائية لحفل تجليس الأنبا بيشوي أسقف أسوان".

وترى "سلوى" المرأة الثلاثينية، أن سوق الورد الاصطناعي في السنوات الأخيرة طرأ به تغيرات كبيرة، فظهرت أشكال وخامات جديدة أقرب للورد الطبيعي، مما أحدث نقلة في مجالات استخدامه.

وتوضح أن فترة صلاحية الورد الاصطناعي تعتمد على مدى محافظة ومهارة المستخدم حتى بعد إعادة استخدامه أكثر من مرة وبشكل مختلف وحفظه بعيدًا عن الحرارة المرتفعة التي تؤثر على لونه.

وأما بالنسبة للأسعار توضح “سلوى”: "أسعار الورد تختلف حسب النوع المطلوب واستخدامه في المناسبة المطلوبة، لكن أسعار الورد أصبحت في تزايد مستمر؛ بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، مما سبب لنا أزمة في استقرار سعر الورد وتأثيره السلبي على عملنا، وفي محاولاتنا للاستمرار في المجال نتخذ حلولًا للتخفيف من المشكلة مثل شراء الورد في أوقات من العام لا يتزامن معها مناسبات، والتي تتميز بانخفاض سعر الورد وقتها".

وتتابع: "لدينا خبرة طويلة في معرفة أماكن شراء الورد الاصطناعي الجيد من القاهرة، ونعتمد في عملنا على الشراء من هناك، إذ تتميز المدينة بتنوع المعروض، أما بالنسبة لأسوان فأصبح بها محلات تجارية لبيع الورد، لكن نتمنى أن تتوفر محلات أكثر في المدينة تستطيع توفير أنواع مختلفة؛ نظرًا لاختلاف الأذواق حتى تخفف علينا مجهود السفر وتحمل تكاليف النقل".

ووفقًا للنشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يوليو 2023 فقد انخفضت قيمة واردات مصر بقدر 17.3% ففي يوليو 2023 بلغت القيمة الإجمالية للواردات 6.03 مليار دولار مقابل 7.29 مليار دولار في يوليو 2022.

و"شيالات الشبكة وباقات الورود بالإضافة إلى عصا مزينة بالورد"، هو تقليد جديد ظهر في السنوات الأخيرة في المناسبات تعتمد كلها على استخدام الورد الذي تصنعه "شيماء سيد"، والتي بدأت مشروعها الصغير منذ 2012.

وخلال عملها تتجه "شيماء" لشراء الورد الاصطناعي من ثلاثة محلات متوفرة في أسوان وليس من القاهرة رغم توفر الأشكال والأنواع المختلفة وتوضح: "في القاهرة هناك محلات أكثر وبأسعار أرخص من أسوان لكن بعد حساباتي فالتكلفة بعد الشحن والتنقل تتقارب مع التكلفة، إذا قررت شراء الورد من أسوان، خاصة أنني لا أفضل شراء الورد الاصطناعي من القاهرة دون السفر، ولا اعتمد على مشاهدة الصور التي يعرضها التجار عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي قد تكون خادعة وأقل جودة من الصور المعروضة، فاعتمد في عملي على الخامات الموجودة في أسوان فقط وإخراجها بشكل مبتكر وأتمنى أن تتوفر خامات مختلفة في أسوان مثل القاهرة".

أما بالنسبة للأسعار فأوضحت "شيماء"، أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعًا في أسعار الورد الاصطناعي باعتباره منتج مستورد، فهناك أنواع تشتريها زاد سعرها 50% وأنواع أخرى 100% والتي يعتمد شراء الورد فيها بالقطعة وليس بالكيلو.

وتخصص كل من "محمد صلاح، محمد عيسى وحسين أحمد" تجار ورد من أسوان، في العقد الثالث من عمرهم، في توفير الورد الاصطناعي لأصحاب مشروعات العمل اليدوي والذي يصف كل منهم تجربة العمل الممتدة خلال سنوات طويلة في سوق الورد الاصطناعي.

 

يمتلك "محمد صلاح" محلًا لتصميم بوكيهات الورد والتيجان باستخدام الورد الصناعي، الذي أصبح من وجهة نظره مجالًا تتنوع فيه الاستخدامات بالمناسبات المختلفة.

يقول "محمد": "في محلي أوفر أشكالًا مختلفة من الورد الصناعي والذي يدخل في استخدامات تبدأ في الظهور في السنوات الأخيرة، ففي الماضي كان يقتصر الورد الصناعي في تصميم بوكيهات الورد لحفلات الزفاف، لكن الآن ظهرت مجالات مختلفة كتيجان الورد وبعض الأشكال التي يتم تصميمها بالورد يكتب عليها تهاني للعروسين يستخدمها وفي حفلات التخرج من الجامعة، وهنا نجد التطور في الصناعة".

ويضيف: "نعتمد في شراء الورد الصناعي على الاستيراد من الخارج، فإنه لا يتم صناعته في مصر، وهذا جعلنا نتأثر بسعر الورد الصناعي الذي زاد الفترة الأخيرة أضعاف سعره عن الطبيعي مما يكلفنا ماديًا أكثر".

وعلى جدران المحل من كل الزوايا تمتلئ صفوف متنوعة من الورد الصناعي بأشكال وألوان مختلفة، ويقف "محمد عيسى" مع أحد الزبائن التي تُظهر له صورة من هاتفها لأحد أنواع الورود ليبدأ في البحث عنها وسط الأنواع المختلفة.

ويقول "محمد عيسي" تاجر جملة لبيع الورد الصناعي: "أعمل في هذا المجال منذ 13 عامًا كان في البداية عمل محدود، لكن الآن زادت استخدامات الورد الصناعي ومجالاته خاصة في السنوات الأخيرة؛ لأن الورد الطبيعي لا يزرع بكثرة في أسوان ويتفوق الورد الصناعي بقدرته على تحمل درجات الحرارة المرتفعة، ومدى صلاحيته الممتدة موضحًا: "يستطيع الورد الصناعي البقاء خمس وعشر سنوات حسب الاهتمام به، لكن له موضة معينة تظهر كل فترة ويُقبِل عليها الزبائن".



ويتولى "محمد" توريد الورد الصناعي لعدد من الموزعين في أسوان كقاعات المناسبات وأصحاب مشاريع الورد الصناعي بأسعار ثابتة؛ لكونه تاجر جملة، لكنه يرى الأسعار تتغير؛ نظرًا لأن تعامله في توريد الورد الصناعي يعتمد على تجار الاستيراد في مصر؛ لكونه لا يتم صناعته في أسوان، ولذا أثرت تغيرات سعر الصرف على زيادة الأسعار. 

ويتابع: "يتم استيراد الورد من الخارج من دولة الصين التي تطور من مهاراتها في ابتكار أشكال وأنواع من الورد الصناعي، فنستورد الورد إما جاهز ويأخذ مساحة في الشحن وهناك نوع أخر  يعتمد على الخامة المضغوطة، والتي تتميز باستغلال مساحة أقل في الشحن ويتم تركيبها في ورش صغيرة في مصر، ولكن في نطاق قليل وغير منتشر بحسب تعاملاتي مع التجار، وأتمنى أن يتم فتح مجال صناعة الورد الصناعي في مصر، وإقامة مشاريع صغيرة بدعم من الدولة، فالورد يعتمد على رواسب النسيج من مصانع الغزل التي يتم معالجتها فيما بعد بدرجات معينة، فإذا حدث ذلك سيساعد على انخفاض سعر الورد المستورد وانتشاره في السوق".

وبدأ "حسين أحمد" منذ 2007 في مجال بيع الورد الاصطناعي في أسوان بالجُملة والقطاعي، ويؤكد أنه خلال سنوات عمله في المجال يستطيع أن يشهد على تطور المجال والإقبال على شراء الورد "كل عام يزيد عن العام الماضي"؛ إلا أن أسعار الورد زادت للضعف خلال العام الأخير. 

ويصف الوضع: "كلما زاد السعر مكسبنا يقل عن المعدل الذي قبله، موضحًا اعتمد بنسبة 90% على شراء الورد من المستوردين مباشرة من القاهرة والمنصورة والإسكندرية و10% من المنتج المصري مثل أعواد القمح المجففة؛ لأن صناعة الورد الاصطناعي لا تتوفر في مصر بشكل واسع مثل الدول الأخرى فاعتمد على المستورد من الصين. 

ويعمل "حسين" في 12 نوعًا من الورد الاصطناعي مثل "التيوليب، بيبي فلاورد"، مشيرًا إلى أن كل موسم له أنواعه من الورود التي يُقبِل عليها الزبائن.

ويتابع: "يعتمد أصحاب مشروعات العمل اليدوي على الشراء مني بالبيع بسعر الجُملة، واعتقد أن السوق في أسوان رغم قلة حجمه لكن مكتفي ذاتيًا، وإذا لم يتوفر منتج أتواصل مع المستوردين لتوفيره في أسرع وقت، كل ما نحتاجه هو أن تنخفض أسعار الورد الاصطناعي".