على مدار ثلاث أيام، نظمت المؤسسة العربية الأفريقية للأبحاث والتنمية المستدامة الملتقى العلمي الأول لـ "التربية الخاصة" وذلك بالتزامن مع اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة الموافق 3 ديسمبر. استهدفت من خلاله طرح النقاش حول دور الخدمة الاجتماعية في الاستراتيجيات العلاجية الحديثة والمستقبلية بخصوص مجال التربية.
امتدت فعاليات الملتقى على مدار ثلاثة أيام من 8 إلى 10 ديسمبر الجاري، بهدف فتح النقاش بين الباحثين والأكاديميين والطلاب والعاملين في مجال التربية الخاصة، إلى جانب أولياء أمور الأشخاص ذوي الإعاقة، وتضمنت أنشطة متنوعة شملت ندوات وورش عمل تناولت قضايا عن "الدمج" و"التمكين"، وهو ما استهدف الملتقى تسليط الضوء عليه وفقًا لـ سيدة شحات عطيتو، المدير التنفيذي للمؤسسة العربية الأفريقية - فرع أسوان.
افتتاح وتكريم
انعقد اليوم الأول للملتقى في قاعة القوات المسلحة بأسوان، حيث شهد الافتتاح وعروضًا فنية قدمها الطلاب وتكريم 11 موهوبًا من ذوي الإعاقة على مستوى المحافظة، وإلى جانب تكريم عدد من الأمهات والآباء، وتنوعت الهدايا بين أجهزة منزلية، وإجراء سحب على رحلة عمرة لـ 6 أمهات.
وشهد اليوم الثاني للملتقى تنظيم ورشة فنية تثقيفية للمشاركين من ذوي الإعاقة، أقيمت في مكتبة مصر العامة، تضمنت تعليم الأطفال فنون الرسم، والتعريف بقضايا ذوي الإعاقة واحتياجاتهم.
ورغم أن سارة عبدالناصر، والدة "يوسف" أحد الطلاب المشاركين في الورشة والمصاب بمتلازمة داون، كان لديها "تصور خاطئ" كما تصفه، من ألّا يندمج طفلها مع باقي الأطفال في الورشة. إلا أنها فوجئت حينما وجدت رسوماته وتفاعله مع بقية زملائه. تقول: "وجدته يدمج الألوان ويرسم الخطوط الرئيسية والجانبية والظلال، تطور سريعًا وكانت تجربة أسعدتني كثيرًا".
توضح سارة أنها بعد ولادة يوسف، خشيت ألّا يتمكن من التعلم أو أن يعاني من الوحدة بسبب عدم تقبل الناس له، ولكنها قررت مواجهة هذه المخاوف والعمل على تطوير مهاراته، فتوجهت إلى أطباء متخصصين، من بينهم طبيب تخاطب وآخر متخصص في التربية السليمة وطبيب لتنمية المهارات. تعلق قائلة: "اليوم أرى ثمرة جهدي، حيث لاحظت تقدم يوسف الدراسي وسهولة تعامله مع من حوله، يوسف الآن في الصف الثاني الابتدائي".
وتضيف: "عندما علمت بالملتقى عن طريق المسؤولين في مركز شباب بدر، كنت حريصة على أن يشارك يوسف في هذه الفعالية أردت أن يتعلم أشياء جديدة و يستفيد من فرصة التعامل مع الجمهور لتنمية الجانب الاجتماعي لديه، خاصة أنني أركز هذه الفترة على تعليمه فنونًا مختلفة بالفعل"
وتشير يارا البحيري، الفنانة التشكيلية والمدربة المعتمدة للفنون التشكيلية من وزارة الثقافة، أنها تؤمن أن الفنان من واجبه استخدام فنه كوسيلة لإلهام أفراد مجتمعه ومساعدتهم على رؤية العالم من زاوية مختلفة، مع تعريفهم بأفكار جديدة واستخدامات متنوعة للفن. وقد قدمت يارا الورشة كمتطوعة، وركزت فيها على تعليم المشاركين الأسس الأكاديمية الصحيحة للرسم بما في ذلك مبادئ التلوين، ومعرفة الألوان ودمجها، والتدرج اللوني.
وتضيف: "أدهشني حقًا سرعة تطور المشاركين الذين أظهروا قدرة رائعة على استيعاب المهارات وتطبيقها".
اهتمام أكاديمي
وقد تضمن اليوم الثالث عقد أربعة ورش عمل علمية في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية، منها ورشة حول صعوبات التعلم قدمها الدكتور علي التهامي، أستاذ جامعي بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية، واختتمت بورشة صناعة السينما قدمتها المدربة راندا ضياء، الباحثة في قسم تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية.
وقد استهدفت هذه الورش الطلاب الجامعيين، والعاملين في مجال ذوي الإعاقة وأولياء الأمور.
ألقى الدكتور عبد المنصف حسن رشوان، عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية السابق، محاضرة تناولت دور العلومو الإنسانية في تحليل التحديات التي تواجه ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع. كما قدم الدكتور علي التهامي، المتخصص في صعوبات التعلم، محاضرة عن البرامج العلاجية لصعوبات التعلم النمائية والأكاديمية، مستعرضاً أحدث الاستراتيجيات التعليمية الخاصة بالتربية الخاصة.
بينما قدمت راندا ضياء، مدربة الحكي والمسرح، محاضرة تحت عنوان "الرؤى الحديثة لذوي الهمم وتوجيههم نحو سوق العمل"، وركز الدكتور محمد جابر، وكيل كلية التربية لشئون الدراسات العليا، في مشاركته عما أسماه "أهمية دعم الشخصية الأكاديمية المستقلة لطلاب الدراسات العليا والباحثين"، وقد قام بعرض بعض القضايا ذات الصلة.
أما الباحثة أسماء إسماعيل، مسؤولة الأنشطة الفنية بالمركز الثقافي، فقد قدمت بحثاً حول التأخر اللغوي لدى الأطفال، متناولة أحدث الطرق العلاجية للتأخر المبكر وكيفية دعم الأطفال في الجلسات العلاجية.
وقد شهدت الفعاليات حضور الدكتورة أمل عبد الرحمن، رئيسة مجلس أمناء المؤسسة العربية الإفريقية للأبحاث والتنمية المستدامة ومديرة دار السندس لرعاية الأيتام من ذوي القدرات الخاصة، التي تعد أيضاً استشارية في إعداد البرامج التأهيلية والتعليمية للأطفال وخبيرة بجامعة الدول العربية كما حضرت الدكتورة سهام سيد الوردجي، نائب رئيس مجلس أمناء المؤسسة، والمحامية سيدة شحات، المديرة التنفيذية لفرع أسوان.