بينما تشهد قرية أبو الريش حالة من الذعر حول تزايد أعداد المصابين داخلها بالنزلات المعوية؛ توجه محافظ أسوان، الدكتور إسماعيل كمال، اليوم الأحد 22 سبتمبر إلى محطة مياه أبو الريش قبلي، فى محاولة منه لبث الطمأنينة بين أهالي القرية، ووثقت الصفحة الرسمية للمحافظة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، فيديوهات للمحافظ وهو يتناول المياه من صنبور إحدى المدارس، وفي منزل أحد المواطنين.
ورغم زيارة المحافظ وتأكيده عبر تصريحاته المتكررة فى وسائل الإعلام المختلفة على مدار الأيام الماضية بخصوص عدم تلوث مياه الشرب في القرية خصوصًا وفي محافظة أسوان؛ لا تزال تخوفات مواطني القرية والقرى المحيطة تتواصل فى ظل استمرار الإصابات، التي ظهرت منذ 12 يومًا حتى الآن وسط غياب تفسير رسمي يوضح السبب وراء ذلك.
فخلال الـ24 ساعة الأخيرة فقط، توصلنا من خلال أكثر من مصدر فى القرية إلى ظهور للأعراض الشائعة لدى طفلين جدد من القرية.
وكان وزير الصحة، الدكتور خالد عبد الغفار، قد أعلن أمس السبت، أن عدد الحالات التي وثقتها الوزارة منذ يوم 11 سبتمبر، يبلغ 128 حالة، خرج منها 23 حالة عقب تحسنهم، وأشار إلى أن أغلب الإصابات جاءت من قرية أبو الريش، وهي إحدى القرى التي تقع شمال مدينة أسوان، وبعض قرى مركز دراو.
ولم يوضح الوزير سبب الإصابات ولا انخفاض عدد الحالات التي تحسنت مقارنة بالعدد الإجمالي الذي وصل إلى مستشفيات وزارة الصحة.
وفسرت وزارة الصحة حالات الإصابة أنها "نزلات معوية"، مقترنة بفقد شديد للسوائل وإسهال وغثيان، إلا أن بيان أمس أغفل ذكر الحالات المترددة على العيادات الخاصة لتلقي العلاج، ووقوع وفيات عانت من نفس الأعراض المتداولة والتي تحدثت "عين الأسواني" مع عدد منهم.
تغير مذاق المياه
وقال ثلاثة مواطنين من نجع الشيخ علي ونجع الحجاب بقرية أبو الريش، إنهم وبعض سكان القرية ظهرت عليهم علامات الإصابة من قيء وإسهال قبل حلول المولد النبوي، أي قبل يوم الأحد الموافق 15 سبتمبر، ومنهم من لاحظ تغير في مذاق المياه قبل أيام من ظهور حالات الإصابة.
وهو ما أشار إليه محافظ أسوان في مداخلة هاتفية ببرنامج "حضرة المواطن"، عبر قناة "الحدث اليوم"، أن الحالات المرضية ظهرت بالتزامن مع حلول المولد النبوي.
وتروي أروى-اسم مستعار بناء على طلبها- التي تسكن بنجع الشيخ علي، أن الأمر بدأ بإصابة ابنتها بإسهال وآلام في المعدة قبل المولد النبوي، مُعتقدة أنها حالة بسيطة وعالجتها في المنزل، لكن بعد ثلاثة أيام ظهرت عليها نفس الأعراض؛ من غثيان وإسهال متكرر، إلى جانب ضيق التنفس.
تنفي أروى تناولها وابنتها أية وجبات من الخارج، كما أنها لم تأكل حلوى المولد، وأنها تخلصت من الطعام البيتي الذي أعدته بنفسه خوفًا من أن يكون السبب، وأضافت: "عندما زادت حالتي سوءًا حتى وصلت إلى آلام في الكلى توجهت إلى مستشفى أسوان الجامعي في 17 سبتمبر"، حينها وجدت أروى العديد من الحالات المُشابهة من سكان المنطقة نفسها وبعض من جيرانها.
وبحسب حديثها: "سألني الطبيب عن المنطقة التي أقيم بها، وعندما علم أنني أسكن بقرية أبو الريش نصحني بعدم تناول المياه وشراء المياه المعدنية"، وشخّص حالتها بنزلة معوية وجفاف، وطلب منها إجراء تحاليل للتأكد من سلامة وظائف كليتها".
وقد أجرت أروى التحاليل بالفعل داخل المستشفى وأبلغها الطبيب باستقرار الوضع، و"أن المغص الكلوي نتيجة جفاف المياه".
تزايد أعداد الإصابات
وتابعت قائلة "بعد يومين، ظهر تورم في جسدي، فتوجهت إلى طبيبًا خاصًا الذي شخص حالتي بوجود ترسيب أملاح وسموم على الكلى نتيجة الجفاف وكتب لي محاليل أتناولها مرتين في اليوم".
وعن الوضع داخل القرية أوضحت وصول قوافل طبية لتقديم المساعدة، وفي سؤال أحد الأطباء لها عن حالات مصابة بنفس الأعراض، أكدت على إصابة ابنتها وابنة أخيها المقيمة في منزل مجاور، ووفاة اثنين من جيرانها تشير إلى أنهم "كان لديهم الأعراض".
وأكدت أروى أن الأطباء تعاملوا بهدوء شديد مع الأزمة "شعرت أن الوضع لا يُنذر بوجود وباء".
في الوقت نفسه ازدادت جهود الأهالي لتوجيه السلطات المصرية للاهتمام بما يحدث، من بينها قطع طريق أسوان القاهرة الزراعي بالقرب من نجع الشيخ علي، أمس السبت، احتجاجًا على تزايد أعداد الإصابة بالنزلات المعوية، في ظل نفي وزارتي الري والصحة مسؤوليتهما عن الأمر، الذي يعتقد الأهالي أنه ناتج عن تناول مياه شرب ملوثة.
وقد اجتمع عشرة من ممثلي القرية في اجتماع داخل مبنى محافظة أسوان، والذي وعد المحافظ بتنفيذها في بيان على صفحة المحافظ على الفيسبوك، وأكدها أحمد عبدالمالك، الذي حضر الاجتماع، وقال في حديثه لـ"عين الأسواني" إن المحافظ اتفق على ربط خط المياه للقرية بمحطة جبل شيشة مباشرة، بدلًا من محطة أبو الريش التي تعاني القرية من عدم نقاء المياه على أن يتم ذلك خلال أسبوع.
ووعد أيضًا بإدخال الصرف الصحي إلى القرية بداية من الأسبوع القادم لتبدأ أعمال الحفر والتركيب، كما طالب الممثلين بتوفير كوادر طبية داخل الوحدة الصحية بأبو الريش لتخفيف الضغط على مستشفى أسوان الجامعي التي يتردد إليها أهالي القرية للعلاج لبُعد المسافة أكثر من نصف ساعة.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة وكافة الأجهزة المعنية نتيجة الجهود في تحسن إجمالي عدد الحالات التي تحتاج للدخول إلى المستشفيات لتلقي العلاج التي بدأت منذ 20 سبتمبر بانخفاض معدلات الإبلاغ، إذ انخفض الرقم اليوم إلى 23 حالة، ذكرت مصادر لـ"عين الأسواني" أنها شهدت وفيات داخل القرية.
حالات وفاة.. منها فتاة ذات 18 عام
تقول أ . ج أنها تقف عاجزة عن فهم ما الذي يجب فعله لحماية نفسها من التعرض لأي مرض في الوقت التي تتداول الصفحات على الفيسبوك ادعاءات مختلفة عن أسباب المرض؛ منها وجود تسريب من مصنع كيما للأسمدة في النيل بالقرب من محطة أبو الريش أو الزعم بانتشار وباء كوليرا بأسوان، خاصة أن جارتها بنجع الحجاب في قرية أبو الريش عانت لثلاثة أيام من أعراض ألم في البطن وإسهال استمرت لثلاثة أيام حتى علمت بخبر وفاتها.
وتضيف (أ) التي طلبت عدم ذكر اسمها: "بعد عشرة أيام من تلقي واجب العزاء، عانت فتاة أخرى وهي ابنة أخ المتوفية ووالدتها من نفس الأعراض حتى تفاقمت حالتهم الصحية، ونُقلوا إلى المستشفى العام، دخلت الأم العناية المركزة، وقرر الأب نقل الفتاة لتلقي العلاج في مستشفيات محافظة أسيوط، لكنها توفيت هناك".
وتابعت قائلة إنها ذهبت لتقديم واجب العزاء وأن أسرة المتوفية التي تدعى ندى محمد وتبلغ 18 عامًا، تقول إن الطبيب أبلغهم بأن ندى تعرضت إلى: "ميكروب أصاب الكلى أدى إلى توقفها". تستكمل (أ) أن الأسرة تشير إلى أن السبب هو "مياه الشرب".
وتؤكد أ . ج "والدة الفتاة خرجت من المستشفى وتتلقى العلاج داخل المنزل، إلى جانب بنات عمتها الذين يعانون من نفس الأعراض، وتلقين العلاج في عيادة طبيب خاص".