أفلام مهمة تسرد حياة أهل الصعيد وعاداتهم وتحاكي الصورة المأخوذة عنهم بين الواقع والتنميط، وربما تكون تلك الأفلام هي الأكثر تعبيرًا عنهم. من أسوان إلى سوهاج حتى دمياط قصت أفلام مهرجان أيام قنا السينمائي في دورته الأولى، العادات والتقاليد في صعيد مصر والمعاناة الخاصة بهم.
يروج المهرجان السنوي لصناع أفلام الصعيد القصيرة، إذ عُرض 25 فيلمًا لأبناء الصعيد من أسوان إلى بني سويف، إلى جانب فعاليات مختلفة منها ندوة: «الصعيد في الدراما السينمائية بين الواقع والتنميط»، وهي أكثر أزمة يواجهها أبناء الصعيد على شاشة التلفزيون، سواء من حيث اللهجة أو سرد حياة قاطنيها، وتقديم ورش أخرى عن التمثيل والإخراج السينمائي.
على مدار أربعة أيام استقبلت مؤسسة «تنويره» الثقافية فعاليات المهرجان، الذي يمثل خطوة لدعم صناع الأفلام من أبناء الصعيد، في محافظة لا تمتلك حتى الآن قاعة سينما لمشاهدة الأفلام، وتبعد أقرب دار سينما عن الأهالي حوالي ساعة في محافظة الأقصر.
«يوم الخروج وعلي صوتك»، فلمان مثلا محافظة أسوان في الدورة الأولى للمهرجان بعد عرضهما، تحدثنا مع المخرجين حول كواليس تلك الأفلام.
محمد محمود، مخرج فيلم يوم الخروج، يقول لـ«عين الأسواني»، إن الفيلم نتاج ورش مهرجان أسوان العام 2021، وهو فيلم روائي قصير يعرض قصة رجل مسن يتعرض لصدمة موت زوجته وعلاقته بعد ذلك مع ابنه.
يروي أنه تحمس لوجود مهرجان سينمائي في الصعيد: «هي فرصة جيدة لأنها تتيح لصناع الأفلام عرض أفلامهم، والأهم هو التواصل مع بعضهم والتفاعل مع الجمهور، لأننا نروي حكايتنا الخاصة والمتعلقة بنفس منطقتنا الجغرافية وهي صعيد مصر».
وعن تحديات صناع الأفلام في الصعيد، يرى محمد أنها إنتاجية في المقام الأول، ويواجهها معظم صناع الأفلام الشباب لا سيما في الصعيد لبعدهم عن العاصمة وما بها من فرص: «الصعيد ينقصه الدعم المادي لإنتاج الأفلام، وسهولة الحصول على تصاريح التصوير، ونقص دور السينما فأسوان كلها بها 2 دار سينما فقط».
وعن الاختلافات بين أفلام الصعيد قديمًا والآن ، يقول: «الزمن اختلف وطبيعة الحياة والأهل وهمومهم وأحلامهم ومعيشتهم تغيرت، لكن ما زال هناك بعض صناع الأفلام متمسكين بالفكرة النمطية عن الصعيد، بالحديث عن الثأر وجرائم الشرف والتطرف، مع أن كل تلك القضايا اختلفت في الوقت الحالي».
يؤكد مخرج فيلم الخروج، أن المهرجان يجدد دماء الأفلام في الصعيد، والجوائز به تعد عامل تشجيع لصناع الأفلام ويساهم في عرضها على نطاق واسع بين الجماهير، وهو أمر صعب تحقيقه في الصعيد مقارنة بالقاهرة.
تحدثنا أيضًا مع المخرجة نوال محمود، صاحبة الفيلم الثاني الوثائقي «علي صوتك» الذي عُرض خلال مهرجان أيام قنا السينمائي في دورته الأولى، ويتناول قصة مبدعات جنوبيات من أسوان لهن صوت مؤثر في مجال التعليق الصوتي والغناء، ويوضح ما يواجهونه في حياتهن الفنية من صعوبات وتحديات.
الفيلم من إنتاج «مبدعات الجنوب» وهو برنامج بالتعاون بين شركة «جيميناي أفريكا»، والصندوق الكندي للمبادرات المحلية CFLI، والسفارة الكندية في مصر.
لم تكن المشاركة الأولى للفيلم في مهرجانات سينمائية، إذ سبق وشارك في مهرجان أسوان لأفلام المرأة 2023، ومهرجان أيكون ميديا 2023، ولكن مهرجان أيام قنا السينمائية تجربة مختلفة للفيلم، بحسب وصف نوال مخرجة الفيلم.
توضح: «المبدع في ذلك المهرجان أن الفكرة والقائمين على صناعتها من أبناء المحافظة نفسها، حتى صناع الأفلام نجحوا في صناعة المهرجان وعرض أفلامهم رغم التحديات التي تواجههم في الصعيد، منها فقر المعدات والإمكانيات وضعف الورش المقدمة عن السيناريو إلى جانب عدم القدرة على التسويق للفيلم خارج العاصمة».
تضيف: «نحتاج إلى الدعم المعنوي من حيث وجود مساحة حرة لصناع وصانعات أفلام الصعيد دون قيود، فالكثير من المهرجانات ترفض مشاركة المشاريع الصغيرة لا سيما إن لم يكن للمخرج سابقة أعمال ضخمة، رغم محاولتنا التعبير عن الصعيد بنظرة مختلفة عما قُدم في السينما».
وفق نوال فالأفلام القديمة كانت تحاكي الصعيد في زمنه وكانت قريبة من الواقع، لكن الأمر الآن أصبح مختلفًا، لذلك على المخرجين بذل جهود أكبر لمعرفة الاختلافات التي طرأت على مجتمع الصعيد، وعدم النقل من الأفلام القديمة دون تغيير.
توضح أن إقامة مهرجانات في الصعيد يخلق مساحة ضخمة للتسويق للأفلام، أما الجوائز فهي تشجيع ومنافسة بين المخرجين: «أعجبني من الأفلام التي عُرضت في المهرجان فيلم وقت بدل من ضائع ويوم الخروج، بسبب أنها تحاكي الواقع بشكل كبير».