أنهت للتو مروة حامد، الأوراق المطلوبة لأداء عمرة شهر شعبان، وهي تشعر بسعادة بالغة أن الله استجاب دعاءها، إذ إنها من المفترض أن تسافر خلال آخر فبراير الجاري، ولم يتبق لها سوى تدبير مبلغ من عملة الريال السعودي، لإنفاقه على احتياجاتها خلال مدة سفرها التي تستمر لأسبوعين.
وفقًا للبيانات المنشورة في البنوك منذ شنوفمبر 2016، فيحق للمسافر الحصول على العملة الأجنبية من البنك قبل السفر بشرط تقديم الطلب إلى البنك متضمنًا: جواز السفر وتذكرة الطيران وتأشيرة دخول الدولة التى يسافر لها، على أن يتم تقديم طلب تدبير العملة خلال 48 ساعة قبل تاريخ السفر للخارج.
اتجهت مروة إلى أحد البنوك لتقديم الطلب إلا أنها تفاجأت برفض، واشتراط البنك امتلاكها حساب بنكي مفتوح في نفس البنك قبل ثلاثة أشهر على الأقل.
تصف مروة تجربتها لـ«عين الأسواني» قائلة: «باقي أقل من 15 يومًا، وحتى الآن لم أستطع تدبير ريالات للسفر".
لجأت مروة إلى زوجها ليقدم هو على الطلب بما إنه يتوفر لديه شرط الحساب البنكي، فأخبره البنك أن المبلغ الذي سيحصل عليه 1000 ريال سعودي فقط. تعلق مروة: “هذا مبلغ ضئيل لا يؤمن النفقات لي على مدار أسبوعين في ظل ارتفاع الأسعار».
قلق يومي تعيشه مروة وفي ذهنها سؤال واحد: هل ما حدث يعني اللجوء إلى السوق السوداء التي تبيع الريال من 20 إلى 25 جنيهًا رغم أن سعره الرسمي نحو 8 جنيهات؟
أزمة توفير العملة الصعبة ومن بينها الريال السعودي، باتت تؤرق المعتمرين في الشهور الأخيرة قبل السفر، إذ تضع البنوك شروطًا معقدة للحصول على العملة منها أن يكون لدى الشخص حساب في ذات البنك، ويستلم الأموال قبل السفر بـ24 ساعة فقط، ويحدد مبلغ لا يمكن صرف أكثر منه.
ووفقًا للمصادر، لا توفر شركات الصرافة العملة الأجنبية، وأن الشركات التي ارتادوها نفت توافر "الريال" فيها.
ومع قرب شهر رمضان الذي ترتفع فيه أعداد المعتمرين، بات وكأن السوق السوداء هي المنفذ أمام المسافرين في رحلات العمرة لتوفير العملة في ظل أزمة توافرها من مصارفها الرسمية.
ففي تصريح سابق لـ باسل السيسي، عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات السياحة التابعة للاتحاد المصري للغرف السياحية، لصحيفة "الوطن"، قدّر عدد المعتمرين خلال أشهر رجب وشعبان ورمضان -والتي وصفها بأشهر الذروة خلال العام- نحو 300 ألف معتمر.
تحكي فاطمة سعيد، اسم مستعار، عن رحلة البحث التي خاضتها في ديسمبر الماضي من أجل الحصول على ريالات قبل سفرها للعمرة من البنوك إلا أنها لم تستطع، واضطرت إلى شرائه من السوق السوداء بـ14 جنيهًا مصريًا.
تقول: «كانت المرة الأولى التي أسافر فيها إلى العمرة، قررت أن أختار الطرق الآمنة عن طريق تبديل الريالات من البنك، ولكن فوجئت برفض طلبي لعدم امتلاك حساب بنكي قبل 3 أشهر على الأقل من السفر».
لم يكن أمام فاطمة سوى شراء الريال من تجار السوق السوداء في أسوان: «أسعار السفر أصبحت مرتفعة للغاية، وكذلك التكاليف التي يحتاجها المعتمر، فأنا سافرت في ديسمبر ودفعت للعمرة 23 ألف جنيه، بينما هذا الشهر وصل سعرها إلى 34 ألف جنيه، أي زيادة 50% في شهر واحد، وهذا لا يختلف عن الزيادة في النفقات وتكاليف السفر وما يحتاجه المعتمر من ريالات للإنفاق هناك زاد بشكل كبير».
وتعاني الشركات أيضًا المتخصصة في السفر لأداء رحلات العمرة، إذ تقول صفاء متولي، موظفة في إحدى شركات السياحة: «عدم توافر العملة الصعبة منها الريال السعودي أثر على رحلات العمرة، إذ ارتفعت الأسعار وأصبح الوضع غير مستقر».
توضح: «كل الخدمات التي تقدمها الشركات السياحة تدفعها بالريال السعودي، وعدم توافر العملة يصعب من تلك المهمة، وبعض الشركات تلجأ مثل المعتمرين إلى السوق السوداء لتوفير الريال بسعر أعلى من السعر الرسمي للبنوك».
تتحدث سمية أحمد، اسمًا مستعارًا، تعمل في التسويق بإحدى شركات السياحة، عن السوق السوداء: «منشورات بيع العملة الصعبة انتشرت بشدة على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي، وتنشط خلال الأيام الحالية سواء في شعبان أو رمضان بسبب العمرة، لذلك تنشط تلك التجارة».
تضيف: «البعض يدعي أنه عائد من العمرة ولديه فائض ريالات، والبعض الآخر يتاجر في السوق السوداء، ولكن كل تلك الأفعال غير القانونية تؤثر على سوق العملات في مصر، وكذلك على شركات السياحة والخدمات التي تقدمها للمعتمرين».
وتروي سمية تجربتها، بجانب عملها في التسويق السياحي، أنها كانت إحدى المعتمرات اللاتي واجهن أزمة بسبب نقص العملة الصعبة، حين قررت السفر خلال ديسمبر الماضي، وذهبت إلى البنك قبل موعد السفر بـ42 ساعة ومعها تذاكر الطيران وتأشيرة السفر.
تقول: «فوجئت برفض البنك إعطائي المبلغ لعدم وجود حساب بنكي قبل ثلاثة أشهر، قررت موظفة البنك مساعدتي لقرب موعد السفر بإعطائي رقم تاجر عملة في السوق السوداء، خاصة بعد مروري على مكاتب الصرافة وكانت النتيجة إنني لم أجد أي عملة».
وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعات تجار السوق السوداء المتخصصين في بيع العملة بأسعار أعلى من السعر الرسمي، ورصدنا البعض منها ووصل سعر الريال السعودي فيها من 14 إلى 18 جنيهات، بينما سعره الرسمي كان 8.24 جنيه في البنوك الرسمية.