حينما أرادت عايدة جمعة، مهندسة زراعية، أن تبتعد عن روتينها اليومي قليلًا، فكرت أن تتجه إلى انتاج المشغولات اليدوية. وعبر الانترنت، تعرفت على مادة جديدة، يُطلق عليها اسم "الريزن"، "لم تكن معروفة في أسوان وأضطررت أن أشتريها في البداية من القاهرة، ولكني أحببتها وشعرت باختلافها عن باقي المكونات الشائعة لانتاج الاكسسوارات في أسوان".
لا تعد الريزن أحد المواد الشائعة التي يلجأ إليها الحرفيين في انتاج مشغولاتهم اليدوية، ولكن في السنوات الأخيرة، بدا الوضع في أسوان مختلفًا قليلًا، مع اتساع مساحة هذا الوافد الجديدفي سوق المشغولات اليدوية، وتزايد عدد الحرفيين المتمسكين بإتقانه والنجاح فيها رغم خطورته.
ويطلق على مادة "الريزن" باللغة العربية الراتينج، كان أول استخدام لها في سنة 1927 م، في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال شركة سيبا السويسرية لإنتاج الكيماويات، ولكن حتى الآن غير معروف متى بدأ استخدام المادة في الأعمال اليدوية.
اتجهت عايدة للعمل في الريزن من 7 أشهر حيث قصدت بعض الفنانين المشهورين بهذه الحرفة اليدوية، "الريزن هي مادة كيميائية سائلة ذات قوام سميك تدخل في تركيب الصمغ وطلاء الأظافر" وفقا لعايدة، من أشهر أنواعه الريزن الإيبوكسي الذي استطاع الفنانون تحويلها من مادة تستخدم للأرضيات والتشطيبات إلى مادة تستخدم في صنع جميع الأشكال، عن طريق خلطها بمادة أخرى وترك الخليط لمدة من12 إلى 24 ساعة حتى يأخذ شكل القالب السيليكون الموضوع فيه.
في البداية واجهت عايدة بعض الصعوبات، أكبرها أنها لم تكن تعلم أين تباع المواد في أسوان، فكانت تشتريها من القاهرة، ولكنها الآن لا تواجه هذه المشكلة لأنها اكتشفت أنها تباع في محلات "البويا" في أسوان، ورغم استغراب أسرتها من توجهها للعمل بهذه المادة، لعدم معرفتهم بها، فإنهم قاموا بتشجيعها كثيرا بعدما بدأت العمل بها واستطاعوا رؤية نتاج عملها.
وتضيف أن فكرة العمل بالريزن خطرت بذهنها عندما كانت تتحدث مع صديقة لها أثناء مناقشتهما للبحث عن شيء لتغيير الروتين اليومي والخروج من أجواء العمل قليلا، وترى عايدة أن أجمل شيء في العمل بالريزن أنه لا توجد له قواعد، فكل شخص يحدد ماذا يريد أن يفعل ويتفنن بطريقته الخاصة، فكل شخص لديه طريقة في استخدام الريزين غير الآخر، وهذا شيء جميل.
وتلفت عايدة إلى أن فكرة العمل بالريزن لم تكن منتشرة كثيرا في أسوان، وكان يستغرب اسمها الكثيرون، ولكن لأن أهل أسوان يحبون الأشغال اليدوية فتقبلوا الفكرة سريعا، وتشير إلى أنه يوجد فرق كبير في سعرها بين أسوان والقاهرة، فأسعار القاهرة ضعف أسعار أسوان، حيث يطلق على العمل بالريزن في القاهرة "عمل الأغنياء".
وتضيف، في البداية يكون العمل غير مربح ماديا، فالعائد يوجه لشراء المواد والقوالب الخاصة بها، لذلك بدأت في عرض أعمالي في المعارض ومن ضمنها معرض مصر وسوريا في أسوان.
وتتابع، أول شيء شكلته عند عملي بالريزن هو ميداليات، ثم بدأت في تشكيل الكثير من الأشياء، كان من ضمنها لعبة "الدومينو"، فصنعها سهل، وبعض الأشخاص يطلبون كتابة الأسماء عليها أو وضع صور لهم عليها، ومن الممكن أيضا تشكيل جرابات للموبيل، وصينيات للتقديم، وأشياء أخرى عديدة.
وتضيف، لم يؤثر الريزن على عملي لأني أعمل به فقط في وقت فراغي، وأتمنى ينتشر في أسوان والعالم كله، فهو ممتع جدا.
تلفت عايدة إلى أن العمل بالريزين يحتاج لمكان مخصص بعيد عن الأطفال والناس؛ فهو يحتاج لإجراءات أمان معينة فيجب أن يرتدي المشتغل قفازات و"ماسك" أو قناع للوجه، ويكون حريصا أثناء العمل.
عندما تبدأ المادة في التجمد لا تصبح لها أضرار، ولكنها في غير حالة التجمد تسبب أضرارا على العين، وطفحا جلديا، وألما بمنطقة الصدر، وهبوطا في ضغط الدم، لذلك يجب التعامل معها بحرص شديد.
يثير حديث عايدة الكثير من الأسئلة حول ضوابط العمل بهذه المادة خصوصًا أن شراء المادة لا يرتبط بأية اشتراطات تضمن سلامة وحماية مستخدمه.
"ماهيتاب حواتي"، إحدى المشتغلات بالريزن، تقول أنها شاهدت فيديوهات عن الريزن على الإنترنت، ولأنها تحب الألوان فقد انشددت له وبحثت عنه وعن المادة الخاصة به وكيف يتم العمل به، وعلّمت نفسي عن طريق الإنترنت.
توضح ماهيتاب أن الريزن هو مادة كيماوية من مكونين A وB، يتم وضعهما على بعضهما ويترك المزيج لعدد ساعات معين حتى يتصلب، وهما مثل الماء شفافان، وبالرغم من وجود ملونات فإنها تفضل العمل بالشفاف، وتشير إلى أن كل نوع ريزن له نسبة خلط معينة – نسبة خلط بين المادتين المكونتين للريزن- قد تكون 3 إلى 4، أو 3 إلى 1، أو4 إلى 1، على حسب النسبة المكتوبة على عبوة الريزن.
تلتزم ماهيتاب بإجراءات الأمان والسلامة اللازمة أثناء العمل بالريزن التي تعلمتها أيضًا من الانترنت، مثل "الجوانتيات" و"الماسك" ويفضل ان يكون "ماسك" الغازات لأن المادة تؤثر جدا على الأنف وخصوصا للذين لديهم حساسية، فالريزين يسبب أمراضا في الرئة، وهو مادة مضرة جدا، ويجب ألّا يلمس الأيد، وإذا لمسها فيجب أن يبتعد الشخص عن الطعام، وتشير إلى أن هذه من السلبيات التي مثلت مشكلة لها نظرا لوجود أطفال لديها.
وتتابع، عندما بدأت العمل بالريزن كنت أرتدي "الماسك" العادي من الصيدلية، لكني كنت أتعب كثيرا، فلم أكن أعلم أي الأنواع التي يجب أن أرتديها، ولم أستطع النوم أيضا بسبب المادة، بعد ذلك فهمت إنه يجب أن أستخدم "ماسك" الغاز فهو المناسب للعمل.
وتستكمل، أول شيء بدأت العمل عليه هو السلاسل، فقد أخبرني زملائي وزميلاتي أن أبدأ بالسلاسل والإكسسوار، لأن الكيلو الريزن غالٍ، وأسعار القوالب غالية، فكي تبدأ مشروع ريزن يجب أن يكون لديك/كِ مبلغ من المال، وتتابع، بدأت بالعمل وأحببته جدا، فالعمل يتسم بالدقة وأنا أحب الأشياء التي توجد بها دقة، بعد ذلك بدأت في عمل شيالات لتقديم البسكويت والمكسرات، وعملت أيضا ساعات، وفي النهاية عملت صواني للتقديم.
وتقول روفيدة محمد فهمي، إحدى المشتغلات بالريزن، شاهدت إعلانات عن الريزن على الإنترنت وعلى التيك توك، ولم أكن أفهم شيئا عنه، لكن الفكرة جذبتني وأعجبتني جدا، بعد ذلك بدأت في البحث في أسوان حتى وصلت لمكان يعطي "كورسات" عن الريزن، وأنا كان لدي فكرة في عنه لكن لم تكن كافية، فتعلمت في الكورس ماهية الريزن، فهو مواد كيماوية يتم خلطها بنسب معينة مع بعضها وتشكل منها الشيء الذي تريد عمله، وأول شيء صنعته في بداية عملي كان الـ"كوستر"، وبعد ذلك بدأت في تعلم الحروف، وأشتريت قوالب سيليكون بأشكال الحروف.
وتستكمل، بعد ذلك عملت الـ"نوت بوك"، وحاليا أصنع صواني للتقديم، وقمت بعمل جروب خاص على الفيس بوك وأعرض عليه منتجاتي، وتشير، الكثير من القطع التي أعمل عليها تتلف بسبب عوامل الجو، خاصة في فترة الشتاء، فالريزن صعب العمل به في الشتاء، وهذه القطع التالفة لا أقوم بعرضها للبيع لأن سمعتي أهم بكثير من العامل المادي، هذا يسبب خسائر ولكن أيضا هناك مكاسب مادية، وتختتم حديثها "أهم شيء حب العمل به، لأن لو مش حابب الشيء عمرك ما هتتقنيه”.