كانت أكبر الأماني لديّ أن يمر اليوم دون أن تهاجمني تلك الأصوات المزعجة في رأسي، كنت أشعر كما لو أن السرير يعانقني ويمنعني من النهوض، وجسدي مثقل ولا أملك القوة للذهاب إلى العمل، رنين الهاتف المتواصل يذكرني بأن صديقتي في انتظاري لكي لا أتأخر، ليبدأ الصراع المعتاد في ذهني.
لا بد لي من الذهاب إلى العمل، لكنني لا أستطيع، ولا أرغب في النهوض، مرض السرطان ينهش جسدي، مع ذلك، أجبر نفسي على الإجابة على الهاتف، وأخذت نفسًا عميقًا، لأستمع مجددًا إلى محاضرة لا تنتهي عن عواقب التأخير من صديقتي، وأؤكد لها أنني سأصل في غضون دقائق، أتحامل على نفسي واتجه إلى الحمام، أغسل وجهي جيدًا لأزيل آثار الدموع الممزوجة بالماء، ثم أبدأ بتجفيف وجهي الذابل.
أقف أمام المرآة وأبدأ في تسريح ما تبقى من شعري، فتلتف بعض الخصل حول يدي، بينما تسقط أخرى على الأرض، أطمئن نفسي أن هناك بعض الشعر ما زال في رأسي، ثم أبدأ بوضع مساحيق التجميل، رغم أنني لم أكن أتوقع يومًا أن أضطر للقيام بذلك.
كما أخبرتني صديقتي من قبل، أنا بارعة في وضع المكياج، لذا أضع القليل من الكونسيلر حول عينيَّ لإخفاء آثار الأرق، وبعض الفاونديشن لتغطية الشوائب التي ظهرت مؤخرًا، أضع أيضًا قلم الشفاه لتغطية اصفرار فمي الناتج عن العلاج.
ابتسم ابتسامة خفيفة فيها شيء من السخرية، ثم أرتدي تلك الباروكة التي أصبحت جزءًا من حياتي، وأبتسم مرة أخرى عندما أرى النتيجة في المرآة.
أثناء الطريق، كنت مشوشة بين مصيري، متسائلة هل سينتهي هذا الكابوس يوماً أم أنني يجب أن أعتاد عليه، يقطع رنين الهاتف تفكيري، فأجيب سريعًا وأقول لصديقتي إنني وصلت وسأراها في دقيقة، أنزل بخطوات هادئة من السيارة، لأجد صديقتي في انتظاري، تنقض عليّ بالتوبيخ والصياح بسبب التأخير، رغم ذلك، كنت غير مبالية قليلاً، لكنها سرعان ما أمسكت بيدي وأخذتني للداخل.
أحاول أن أؤدي عملي بسرعة لكي يمر اليوم، بعد انتهائه، أعود إلى المنزل وأنا منهكة جسديًا وعقليًا، وأمام المرآة في المنزل، هذه المرة لن أحاول إخفاء الهالات السوداء أو البقع التي ظهرت على وجهي، لن أضع أحمر الشفاه لإخفاء اصفرار فمي، ولن أرتدي الباروكة التي تزعجني بعد اليوم، سأرفع الراية البيضاء، وأعلن استسلامي، ليتقبل الجميع ذلك.