في طريقي الرمادي ترددت في أذني موسيقى حزينة، أرى وجوه الناس حمراء، يخرج دخان من آذانهم، وأناس يرمقونني بنظراتهم العنيفة التي تطعن أنوثتي كدمية يحرقونها أمام صاحبتها، وذات يوم حين كنت أستمع لأغنية "عتمة " _للفنانين سمر طارق و الوايلي _ رأيت ذلك الشخص الذي ينظر إليّ بوحشية، فلم أشعر بنفسي سوى بكوني أمسك مفتاحي، ثم أدخله داخل أعينه مرات عديدة، حتى سالت دمائه في كل اتجاه، كي لا ينظر لي أحد بهذه النظرات.
حين أدركت حشود الناس ونظرات الغضب والشفقة من حولي عليه لما حدث له، فكان التبرير الوحيد الذي جاء في قرارة نفسي "هذا رد فعل وليس فعلًا"، لكني لم أهتم بهذه النظرات الغاضبة، لأن شعوري حينذاك كان أعظم، كنت أشعر بانتصار عظيم، وكأني أخذت بثأر جميع الإناث الذين تعرضوا لهذا الموقف، ولكن نظرات النساء التي كانت موجودة في ذلك الموقف، كانت ممزوجة بين الفرحة والدهشة، لكن أفواههم كانت مخيطة.
اصطحبوني إلى قسم الشرطة، وانقسم الحضور بين مؤيد لما فعلته ومعارض الأعلى صوتًا.
عُرضت القضية على النيابة العامة، وبدأ حديث يدور في عقلي، فكيف لمحامي أن يقبل العمل في قضية مصيرها الفشل لا محالة، أما الحديث الذي كان يدور بين الناس كان بين مؤيد ومعارض، فما أكثر المعارضين!
برر رجل تصرفي، وقال: "هذا رد فعل"، وأتبع ذلك بقوله إنه لا يختلف كثيرًا عن قضايا الشرف، وتساءل مُستنكرًا كيف تتعاطفون مع الجاني، وتحتقرون المجني عليه؟ هل هذا من العدل؟. ظهرت امرأة تهاجمني باستماتة مُبررة دفاعها عن الجاني، إذ أرجعت تصرف الجاني بسبب ملابسي التي تصفها بالمبالغة أو أني قد فعلت شيء خاطئ، فكيف لي أن أعترض وأدافع عن نفسي؟ وحين سمعتُ الحكم، أفقت من أحلامي على رنة هاتفي، وأمي تطلب مني الإسراع في العودة إلى المنزل، بعد أن أنهيت دروسي.