في نسيم الصيف أطير مُحلقة عبر فتيل مربوط ببكرة، يُمسك بي فتى في الخامسة عشر من عمره، أنا الطائرة الورقية "لينا" وهذا مالكي "سليم"، صنعني سليم في عمر العاشرة بمُنتهى الحب، أشتري لي أساسيات الصنع بثمن لم يكن بالقليل بالنسبة لمن هم في سنه، كان يتفاخر بي بين أصدقائه لتماسكي وشكلي الأنيق، ينتظر أمسيات الصيف ذات النسيم العليل للانطلاق بي بالأفق، فيما يدور من حولي قهقهات ضحكه برفقة أصدقائه.
لقد كنت مثل الرقيب عليه طوال الخمس سنوات الماضية، شاهدت مشكلات عائلته واليوم الأول في مدرسته الإعدادية، حتى أنني سافرت معه في المرة الأولى التي رأى فيها البحر!
لقد مرّ ذلك المراهق الصغير بلحظات مثل الصفحة السوداء التي تُخرّب أوقاته البيضاء، الدالّة على سعادته.
كلما جاء من مدرسته وجد والداه يتجدالان، فيأخذني للجري في الحقول وهو يبكي تارة، وتارة أخرى يصرخ حتى تنقطع أنفاسه مُرتميًا على الأرض الرطبة، فيهدأ ويعاود الكرّة كلما وجد الأجواء لا تزال مشحون في منزله.
هذه المرة أصبحت خيوطي أضعف، وبينما كان في أوجّ غضبه انقطعت حبالي ومعها صداقتي بسليم، تركني داخل غرفة التخزين بجانب كُرته المقطوعة وكتب الصف الرابع.