"شمعة"

تصميم لباسم حنيجل

كتب/ت حمزة محمد
2024-08-24 14:26:46

فى علبة صغيرة وجدتُ نفسي شمعة بيضاء رفيعة، تعجبتُ، كيف أصبحتُ شمعة؟ أثناء حيرتي وتساؤلاتي، أخرجتني ربة المنزل من العلبة.

كان يجلس بجانبها طفلان خائفان من الظلام، أشعلتني، وجلسوا جميعًا حول ضوئي الذي أنار البيت، بينما ظل الأب يتململ من انقطاع الكهرباء المتكرر، بدا عليه السأم مما دعاه بـ "تخفيف الأحمال"، خاصة لطول المدة؛ من بعد أذان العشاء إلى ما يشاء الله.

نظر الطفلان لؤي وأسيل لشعلتي في فضول، سألت أسيل والدتها: "ما هذه يا أمي؟" فأجابتها: "شمعة، ولا تقتربين منها كثيرًا، فقد تحرقك"، تعجب لؤي مما سمعه، لم يستطع كبح فضوله فلمسني، بكى من شدة سخونتي، ضحكت الأم قائلة: "ألم أقل لأختك ألا تقترب من الشمعة!" أجاب لؤي ودموعه منهمرة: "نعم، لكني أردت تجربتها".

ذهبت الأم دقيقة، ثم عادت إليهما بشمعة أخرى، أشعلتها من ناري التي لا تزال، فتعجب الطفلان وانبهرا بما فعلته أمهما، سألتهما: "ماذا يحدث لو أُطفئت هذه الشعلة الصغيرة؟"، فنفخت الأم شعلتي، فانطفأتْ.

وقالت لطفلها: "المسها الآن يا لؤي"، فخاف قائلًا: "لا. لقد أحرقتني منذ قليل"، كررت عليّ ما قالته، فاقترب لؤي مني، أمسكني، وجدني باردة، بعدما تجمدت قطرات الشمع السائلة مني على الطاولة، ضحك، فسارعت أسيل: "أنا أيضًا يا أمي أريد لمسها".

أشعلتني الأم ثانية من صديقتي الشمعة الأخرى، ضحكت أسيل، وجلس الطفلان مجددًا يراقباني، والأب يبتسم من برائتهما وطفولتهما. بعد هذا المرح، انخفضت حرارة شعلتي، ووجدتني أتقزم حتى لامستُ الطاولة، فأدركتُ أني أنتهي، تعجّب الطفلان مما يحدث وسألا: "لماذا تنطفئ الشمعة؟"، ردّ الأب: "قاربت على الانتهاء بعدما أدت ما عليها، لقد أضاءت المكان وأشعلنا منها شمعة أخرى"، نظرا الطفلان لي في حزن، وقبل أن أنطفأ، سمعتهما يقولان لي في حُزن: "إلى اللقاء يا شمعتي".