على بعد 20 كيلو من مدينة سوهاج، شارف مزارعو مركز المراغة، على الانتهاء من جني محصول الذرة الرفيعة، الذي استمر منذ سبتمبر الماضي وحتى مطلع نوفمبر، كأحد أهم محاصيل الحبوب الصيفية، بعد الأرز والذرة الشامية.
ووفقًا لمركز البحوث الزراعية تُعدّ مصر الأولى في إنتاج الذرة الرفيعة على مستوى العالم، فيما تتركز معظم زراعتها في وجه قبلي، تحديدًا أسيوط وسوهاج، حيث تُزرع في مساحات كبيرة سنويًا تصل إلى 400 ألف فدان.
زيادة طفيفة
هذا العام زرع علي إسماعيل، طالب بكلية الزراعة يسكن مركز المراغة، ثلث فدان من الذرة الرفيعة طويلة الساق (البلدي) وقصيرة الساق (الحورس)، فيما أشار إلى أن متوسط الإنتاج بلغ "16 كيلو" للثلث فدان، بما يعادل 176 كيلوجرامًا من الذرة الرفيعة، وبلغ الهادر من المحصول أثناء الحصاد، 4 كيلات، بما يعادل 44 كيلو، إذ تمثل الكيلة الواحدة 11كيلو.
ويفسر إسماعيل زراعته لنوعي الذرة، قائلًا "الذرة البلدي تتميز عن الحورس بكبر حجم حبة الذرة، واحتوائها على نسبة بروتين أعلى".
ويستطرد في حديثه "إنتاجية هذا العام أعلى بنسبة طفيفة، فلم تتعدْ 33 كيلو في الفدان الواحد، مقارنة بالأعوام الماضية، وذلك بسبب تغيير طرق الزراعة، والاعتماد على طريقة التناوب، الذي يعتمد على تغير نوع المحصول المزروع في الحقل دوريًا، بما يساعد على خصوبة التربة، بالإضافة إلى زراعة المحصول في وقت مبكر من الموسم، لتجنب فترة تكوين الفطريات، فكانت نسبة الزيادة بالنسبة لإسماعيل 11 كيلو".
أزمة الحرارة
اعتمد إسماعيل هذا العام، على زراعة الذرة قصيرة الساق، لأن تأثرها بالتغيرات المناخية أقل عن طويلة الساق، التي تتضرر مع وجود الرياح، وتتطلب درجات حرارة الـ27-32 درجة مئوية، بينما تراوحت درجات الحرارة فى سوهاج خلال شهري مايو ويونيو هذا العام، ما بين 40 إلى 46 درجة مئوية.
أما عبدالله عاطف، 18 عام من مزارعي المراغة، فواجه مشكلات من نوع آخر مع زراعته لنصف فدان من الذرة الرفيعة طويلة الساق وقصيرة الساق. تمثلت تلك المشكلة في ظاهرة البذور الناضجة الضعيفة ومشكلة تعسيل الأوراق بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مُوضحًا أن تلك المشكلة تحدث بسبب تكوين مادة العسل مما يسبب في ضعف نمو النبات وتأخر إنتاجه "لأن مادة العسل بتجذب الفراشات وتتغذى يرقاتها على قلب النبات".
أزمة أسمدة
واجه عبد الله أيضًا أزمة ضعف تقاوي العضوية، الذي أضر بالأراضي، وأثر على الإنتاجية، وواجه أيضًا أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة الكيماوية التي لم تتوفر لدى بعض المزارعين ممن لا يملكون حيازة أراضي زراعية، وبالتالي حُرموا من دعم الإدارات الزراعية، ما قلل حجم محاصيلهم بنسبة 30% من الإنتاج المتوقع.
حاول عبدالله استخدام الأسمدة القائمة على اليوريا والأمونيا كحلول بديلة للسماد النيتروجيني، حيث تحتوي على نسبة عالية من النيتروجين، وبالرغم من المشكلات التي واجهها أثناء موسم الزراعة، إلا أن محصول هذا العام كان أكثر إنتاجية، مقارنة بالأعوام الماضية بنسبة 10%، حسب قول عبدالله، الذي اتبع نظام التناوب في الزراعة.
وأكد أن الرعاية المُقدّمة للمحصول أدت لاكتشاف الأمراض مبكرًا، فكان الهادر كيلة واحدة سببها عيب ماكينة الدرس، فيما بلغ حجم الحصاد 10 كيلات ونصف، مما يعادل 113 كيلو من الذرة الرفيعة، سيستخدمه عبدالله كعلف للحيوان والمواشي والتخزين والتجارة.
توريد للتموين
ويقول قاسم محمد محمود ذو الـ55 عامًا الذي زرع نصف فدان من الذرة الرفيعة طويلة الساق وقصيرة الساق والهجين، فكان مقدار الحصاد 5 كيلات ذرة رفيعة طويلة الساق (البلدي) و3 كيلة من الذرة الرفيعة قصيرة الساق (الحورس)، و3 كيلات من الذرة الرفيعة الهجين وكان الهادر نصف كيلة.
يورد قاسم جزء كبير من محصول الذرة الرفيعة لوزارة التموين، إذ تستخدم الذرة الرفيعة لإنتاج خبز بلدي بنسبة 20% مع دقيق القمح، فيما يستخدم بقية المحصول كعلف للحيوان والمواشي.
النقيب يؤكد
وأمام مشكلات المزارعين مع محصول الذرة الرفيعة، أكد علاء طايع نقيب الفلاحين بالنقابة العامة بسوهاج، أن المساحة المزروعة من الذرة الرفيعة بسوهاج بلغت ما يزيد عن ٥٠ ألف فدان هذا العام، وكانت الذرة الرفيعة طويلة الساق الأكثر إنتاجًا، نظرًا لقدرتها على تحمل ارتفاع درجات الحرارة، فضلًا عن عدم وجود رياح قوية هذا العام، فيما أشار إلى أن الذرة الرفيعة المُهجّنة تأثرت سلبًا من ارتفاع درجات الحرارة، عكس الذرة الشامية (البلدي).
تلاعب الشركات
وأضاف طايع قائلًا "المزارعين واجهوا تحديات أثرت على إنتاجيتهم هذا العام، ومنها تلاعب بعض الشركات في التقاوي وعدم صلاحيتها، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة الذي أدى إلى تقليل مرات التسميد، ما نتج عنه بالتبعية خفض الإنتاجية، كما واجهوا مشكلة ارتفاع سعر العمالة والآلات الزراعية بسبب ارتفاع مستوى المعيشة".
جدير بالذكر، أن مساحة الأراضي المزروعة بمحصول الذرة الرفيعة بسوهاج، بلغت 167 ألف فدان العام الماضي، بإنتاجية فدان بلغت 33 إردب، وفقًا لتصريحات الدكتور عبداللطيف دياب، وكيل وزارة الزراعة بسوهاج.