لطالما تربعت كرة القدم على عرش الرياضة في مصر، فالجميع يعشق الساحرة المستديرة، وتحلم العديد من الأسر بأن يكون ابنها هو "مو صلاح" الجديد، ولذلك يهتم مسئولو الرياضة، ومعظم رؤساء الأندية بهذه اللعبة الجماهيرية، وقرروا دعمها ماديًا ومعنوياً، دونًا عن سواها.
"نحارب من أجل البقاء"، يقول "محمد الشيخ"، لاعب كرة السلة بنادي سوهاج تحت الـ20 عامًا، مشيرًا إلى أنه لا يدعم فريق كرة السلة إلا القليلين، لأن معظم الدعم يذهب إلى فريق كرة القدم، متمنيًا أن تسود العدالة والمساواة في التعامل بين الرياضتين، لكي يحصل لاعبو الفريق على فرصتهم، وينالوا الشهرة والنجاح، مثل أقرانهم في فريق كرة القدم.
بالرغم من حصول فريق كرة السلة بنادي سوهاج على المركز الأول في دوري الدرجة الأولى، وصعوده إلى دوري الممتاز ب، إلا أن اللاعبين لم يحصلوا على التقدير النفسي والمعنوي الذي يستحقونه، فيقول "الشيخ": "كم من لاعبين موهوبين، دُفنوا في مقبرة الرياضيين، بسبب انخفاض الدعم، ولا نريد أن نكون مثلهم".
وأضاف: "يظن الناس أن كرة السلة رياضة مجانية، وهذا ليس صحيحًا، فهي تحتاج إلى تمويل، فأقل ما يحتاجه اللاعب، هو شراء حذاءا رياضيًا، وفي بعض الأحيان، لا يمتلك الرياضيون ثمن هذا الحذاء، نظرًا لارتفاع أسعاره، وبالتالي يتوقف اللاعب عن ممارسة اللعبة".
وصف "الشيخ" كرة السلة بأنها رياضة الطبقة فوق المتوسطة، موضحًا أنها تحتاج بجانب شراء الأحذية، إلى توفير صالات رياضية للتدريب، وكرات سلة، وصالة لياقة بدنية، مشيرًا إلى أن اللاعب يشعر بالعجز والإحباط، عندما لا يتوفر لديه أيًا من هذه الأشياء، فيترك حلمه في ممارسة اللعبة، ويركز على توفير احتياجات المعيشة الأساسية.
أوضح "الشيخ" أن إمكانيات نادي سوهاج لكرة السلة لم تصل بعد إلى المرحلة المتوسطة، فالنادي يفتقر إلى أبسط الأدوات الرياضية، التي يحتاجها اللاعبون للتدريب، مثل توفير كرات تكفي قطاع الناشئين، كما أن النادي لا يستطيع تحمل نفقات سفر اللاعبين، خلال لعبهم للبطولات الهامة على مستوى الجمهورية.
صُدم فريق ناشئي نادي سوهاج لكرة السلة، عندما لم يستطع النادي، دفع رسوم تسجيل الفريق للعب باسم النادي في باقي مسابقات الجمهورية، بالرغم من فوز الفريق ببطولة الصعيد، ولكي لا يشعر اللاعبون بالعجز، يسافرون في كثير من الأحيان للعب البطولات على نفقتهم الخاصة، ويضطر أولياء أمورهم لتحمل مصاريف سفرهم أحيانًا أخرى، حتى يدعموا أبنائهم للعب كرة السلة على مستوى الجمهورية، وتحقيق الفوز الذي يحلمون به، وهذا معناه أن الأسرة يجب أن تكون قادرة على ذلك، فإذا لم تكن قادرة غالبًا تتوقف مسيرة اللاعب وإن كان موهوبًا.
"يوجد تحيز واضح لفريق كرة القدم، عن فريق كرة السلة، فأغلب إمكانياتنا محدودة، ونتخطى الصعوبات، بالإعتماد على أنفسنا"، هذا ما قاله عبد الرحيم أشرف، حكم بمنطقة سوهاج، واللاعب السابق بنادي سوهاج لكرة السلة.
أوضح "عبد الرحيم" أنه واجه تحد خلال لعبه لكرة السلة، بخلاف الصعوبات المادية، وهو مشكلة عدم تنظيم الوقت بين لعب كرة السلة وبين الدراسة، مشيرًا إلى أن المشكلة مازالت مستمرة إلى الآن، لأن السفر من بلد لبلد أخرى لتحكيم مباراة كرة سلة، يتطلب منه مجهودًا، ووقتًا، وأموالًا، مما يجعله يشعر بالإرهاق أحيانًا.
وأيّد منصور حسن، المدرب بفريق كرة السلة نادي سوهاج تحت الـ16عامًا آراء الجميع، مشيرًا إلى أن نقص الموارد تخطى الموارد المادية، ليصل إلى الموارد البشرية، فلا يوجد لاعبين طوال القامة بنادي كرة السلة، مطالبًا بتوفير الإمكانيات والأدوات، لضم المزيد من اللاعبين المهرة إلى الفريق، حتى تكتمل صفوفه.
يشكو علاء الدين، 24 عامًا، اللاعب بفريق نادي سوهاج لكرة السلة، من سوء الأوضاع قائلًا: "أبذل كل جهدي من أجل الفريق، ولا أحصل على أي تقدير لهذا المجهود، الذي يكون معظم الوقت دون مقابل، فأتقاضى 1350 جنيهًا فقط، نظير لعبي في الفريق، ولا أحصل عليهم بشكل دوري".
وأضاف: "حتى الملعب، يتم إغلاقه قبل الموعد المحدد للإغلاق، لكي يعود الموظفون إلى منازلهم مبكرًا، وفي بعض الأحيان يكون الملعب متاحًا لتمرينات فرقًا أخرى، وفي جميع هذه الأحوال لا نستطيع ممارسة تدريباتنا".
من ناحية أخرى، أوضح "أحمد أنصف"، الحكم بمنطقة سوهاج، أن التحديات المادية التي تواجهها لعبة كرة السلة كبيرة، وأن نقص الرواتب أصبح يؤثر على حياتهم الشخصية.
يذكر أن نادي سوهاج الرياضي، يعد النادي الرئيسي في المحافظة، والوحيد الذي يضم جميع قطاعات الناشئين، وجميع المراحل العمرية للاعبي الرياضات المختلفة، ويخضع النادي لإشراف وزارة الشباب والرياضة، ويتلقى دعم منها.