دروجبا.. لاعب أنقذ بلاده من حرب أهلية

تصوير: صورة ارشيفية - دروجبا وعصام الحضري

كتب/ت مريم أشرف
2024-01-16 00:00:00

في عُمر الخامسة، استقبلت مدرسة لومان في فرنسا، الطفل «ديديه دروجبا» الذي ولد خلال العام 1978 في أبيدجان عاصمة ساحل العاج غرب أفريقيا، لم يكن يتوقع أحد أن يصبح هذا الصغير فيما بعد أحد نجوم الساحرة المستديرة ولاعب المباريات الكبيرة.

كانت تلك المدرسة الفرنسية محطة ديديه الأولى، إذ انتقل إليها برفقة عمه تاركًا مسقط رأسه كوت ديفوار، أورثه الأخير حب كرة القدم، وظل بالمدرسة حتى انتقل منها إلى نادي لومان ليلعب في دوري الدرجة الثانية بفرنسا.

كانت كوت ديفوار دولة دينية في تلك الفترة تحظى باستقرار سياسي واقتصادي، لكن عام 2000 كان بداية محطة جديدة من الخلافات السياسية، ولكنه كان عام الحظ لدى ديديه حيث احترف في نادي مارسيليا الفرنسي 2003، ثم في العام التالي انتقل إلى نادي تشيلسي الإنجليزي حسب موقع «ترانسفير ماركت».

كان دروغبا يلعب في مركز الهجوم، وينتقل بين أندية أوروبا ومنتخب كوت ديفوار التي كانت تعيش ذروة الحرب الأهلية خلال الفترة من 2002 حتى 2004، بسبب رغبة الشعب في عدم استمرار الحكم العسكري.

العام 2005 كان فصلًا في حياة ديديه. يتأجج الصراع في كوت ديفوار، وتشتعل الملاعب بمبارة مصر والكاميرون وساحل العاج والسودان، وقتها كان على دروجبا المنتمي لمنتخب ساحل العاج أن يفوز وينتظر معجزة خسارة أو تعادل منتخب الكاميرون القوي مع مصر.

احتسب الحكم ركلة جزاء للكاميرون في الدقائق الأخيرة أمام الفراعنة. يقف «بيير وومي» لاعب الكاميرون المحترف أمام «عصام الحضري» حارس المنتخب المصري حينئذ، والكرة بينهما على نقطة منطقة الجزاء، في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع.

هنا يرفع الحضري ذراعيه محاولًا تشتيت «وومي» ليأخذ الكاميروني نفسًا عميقًا، يصم صوت المشجعين الآذان، وتنطلق الصافرة، يركل «وومي» الكرة ويقفز «الحضري» ناحية اليمين وعيناه تتابع الكرة التي رُكلت في أقصى اليسار لتمنع العارضة دخولها ويتعادل الفريقان.

ألقى وقتها دروجبا خطبة أمام أبطال منتخبه في غرفة الملابس قال فيها: «يا رجال ونساء ساحل العاج، أثبتنا اليوم أن بإمكان العاجيين أن يتعايشوا في سبيل هدف مشترك ألا وهو التأهل لكأس العالم، وعدناكم بأن الاحتفالات ستوحد الشعب واليوم نلتمسكم يجب ألا ينحدر بلدنا الإفريقي الغني إلى الحرب. أرجوكم، ألقوا أسلحتكم وأجروا انتخابات».

قال دروجبا تلك الكلمات وهو جالس على ركبتيه هو وزملاؤه من المنتخب، بينما يناجون العالم أن ينقذ بلدهم من الدمار، ورغم عدم حصول كوت ديفوار على البطولة، إلا أن عمت الفرحة بعد خطبة دروجبا؛ بسبب التغير الذي حدث في الحرب التي قتل فيها 3 آلاف مواطن.

وسجل التاريخ موقفاً آخر لـ«ديديه» ففي العام التالي، أعلن أن مباراة المنتخب العاجي مع مدغشقر لن تقام في العاصمة أبيدجان كما كان مقررًا، بل في بواكي عاصمة المتمردين الرمزية، وهو أمر لم يكن تصوره قبل شهرين، إذ فاز العاجيون 5-0، وسجل دروجبا الهدف الخامس، لكن الهدف الأهم كان إيقافه للحرب الأهلية الدائرة بين مواطني شعبه ولو على نحو مؤقت، من خلال ركل الكرة في المستطيل الأخضر.

لعب دروغبا ضمن منتخب بلاده في كأس الأمم الأفريقية من عام 2002 حتى 2014، وهو العام الذي شهد اعتزال نجم الساحرة المستديرة للملاعب، وبعدها في عام 2006 حصل منتخب كوت ديفوار على البطولة مرتين في 1992 و 2015، ووصل للمركز الرابع في 1970 و2008.

 

كما نظمت دولة دروجبا «كوت ديفوار» كأس أمم إفريقيا مرتين كانتا في عام 1984 وعام 2024، الذي كان مخططاً له أن يُعقد في يونيو 2023.

 لكن أُجِّل حتى يناير 2024، من قبل «موتسيبي» رئيس الكاف (الاتحاد الأفريقي لكرة القدم)، بسبب موسم الأمطار في كوت ديفوار، الذي يشكل خطرًا على إقامة الفاعلية.

وصنف موقع «الفيفا» موقع اتحاد كرة القدم الدولي، منتخب ساحل العاج الأفريقي كوت ديفوار على أنه المنتخب رقم 49 عالميًا، بعدد نقاط 1463.06 نقطة كاملة ضمن 32 دولة أفريقيا، وخلال دورة كأس الأمم الأفريقية التي تعقد حاليًا كانت مباراة كوت ديفوار وغينيا هي أولى المباريات، والتي عقدت يوم السبت الماضي في ملعب إيمبي الأولمبي في العاصمة أبيدجان، وفاز فيها منتخب كوت ديفوار بثنائية نظيفة على نظيره غينيا.