فتحت موافقة مجلس النواب، على المادة 79 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية سجال جديد من الجدل بشأن الخصوصية والحريات في مصر، إذ أجازت لأعضاء النيابة العامة وسلطات التحقيق مراقبة وسائل التواصل والهواتف المحمولة والبريد الإلكتروني بإذن من القاضي الجزئي، لمدة 30 يومًا على أن تُجدد لمدة أو مدد أخرى دون تحديدها عددها.
وأصرَّ رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، خلال الجلسة العامة التي عقدت أول أمس الأحد، على أن مشروع القانون لا يحمل توسعًا في صلاحيات سلطات الضبط، رغم إجازته في نفس المادة ضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود ومراقبة الاتصالات، متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها متهم بالحبس لمدة تزيد على 3 أشهر.
أثارت المادة بنصها الحالي الجدل، إذ وُصفت بأنها تتعارض مع الدستور المصري الذي يكفل حرمة الحياة الخاصة ومنع المراقبة والاطلاع على المراسلات والاتصالات، واعترض عليها النائبين فريدي البياضي ومحمد عبد العليم داود، إذ طالبا خلال الجلسة العامة، تقييد مدد المراقبة، بما لا يزيد على مدتين، لكن المجلس لم يعدل المادة ومرر القانون كما قدمته الحكومة.
وأوضح نجيب جبرائيل، المحامي الحقوقي، ورئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، أن الأزمة الحالية في تطبيق القانون والمادة قائلًا: "لا بد من توضيح آلية بشأن مدة المراقبة وتمديدها لمدد؛ لأن التمديد يجب أن يكون بسبب قانوني وبموافقة القاضي الجزئي".
وأشار لـ"صوت السلام": "قد تكون تلك المادة مفيدة في جرائم الابتزاز الإلكتروني والتي من شأن التحقيق فيها الإطلاع على الهواتف وحسابات التواصل الاجتماعي، لكن تطبيقها في باقي الجرائم لا بد أن يكون محددًا بآلية واضحة حتى لا تنتهك الخصوصية".
وتنص المادة 57 من الدستور: "حياة المواطنين الخاصة حُرمة وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حُرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون".
في الوقت ذاته، دافع رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي عن المادة 79 الخاصة بالمراقبة، موضحًا خلال الجلسة العامة: "بعض الصياغات أفضت إلى أن المراقبة أصبحت أمرًا متاحًا على نطاق واسع، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق".
بينما طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (غير حكومية) الحكومة بتقديم إيضاحات حول هذه المادة، واتخاذ إجراءات تضمن توافق القانون الجديد مع الحريات والخصوصية المنصوص عليها بالدستور المصري.
فيما أعلنت نقابة المحامين، في بيان سابق لها، خلال أغسطس الماضي، أن القانون يوسع من سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، إذ أن الجدل على قانون الإجراءات الجنائية بدأ خلال آواخر العام الماضي بين مؤيد ومعارض حتى وصل إلى مرحلة التصديق عليه من قبل مجلس النواب.
وفي نهاية الجلسة العامة، أكد جبالي على: "لا يمكنُ بأي حال من الأحوال إخضاع أي شخص للمراقبة بشكل عشوائي أو غيرِ قانوني، وإنما يكون ذلك في إطار أحكام الدستور والقانون".