يجلس يوسف هشام، طالب في الصف الأول الثانوي بمدرسة الإبراهيمية بدار السلام، وسط العديد من الأوراق وأمامه الكثير من مقاطع الفيديو، التي يحاول منها فهم نظام امتحانات الثانوية العامة الجديد، الذي وضعته وزارة التربية والتعليم خلال أغسطس الماضي ومقرر تفعيله العام الحالي.
يقول يوسف لـ"صوت السلام": “طريقة حل الأسئلة مختلفة هذا العام ونظام الامتحان أصبح أكثر تعقيدًا، والأسئلة المقالية أصبحت أكثر من الاختيار من متعدد". لا يستطيع يوسف إخفاء قلقه من الامتحان وأسئلته التي تبلغ 46 سؤالًا.
يعزي يوسف ذلك القلق إلى ضيق الوقت، إذ بدأت الدراسة في 21 سبتمبر الماضي وينتهي الفصل الدراسي خلال يناير الجاري، لذلك يرى أنه كان بحاجة إلى شهر إضافي حتى يتمكن من هضم المواد كلها وكذلك طريقة الامتحانات الجديدة.
إعادة هيكلة نظام الامتحانات
نفس حالة الارتباك التي يعيشها يوسف يتشارك فيها العديد من طلاب النقل في المرحلة الثانوية للعام الحالي، بسبب إعادة هيكلة نظام الامتحانات من قبل وزارة التربية والتعليم، الذي سبق واعتمدته الوزارة خلال أغسطس الماضي، وسيتم تنفيذه هذا العام.
وفي 11 يناير المقبل، يخضع طلاب صفوف النقل لأول امتحان بذلك النظام الجديد، الذي شمل عدة تغييرات مثل تحول اللغة الثانية والجيولوجيا لشعبة العلوم، وجعل الجغرافيا مادة خارج المجموع، بالإضافة إلى دمج مواد الكيمياء والأحياء والفيزياء للصف الأول الثانوي في مادة العلوم المتكاملة.
إلى جانب عدة تغييرات في نظام الأسئلة، فوفق بيان الوزارة، تتكون الأسئلة من 85% اختيار من متعدد، و15% أسئلة مقالية، وهو ما جعل الطلاب يشعرون بالحيرة والقلق تجاه مدى قدرتهم على التكيف مع هذا النظام الجديد، إذ كانوا يتقنون الأسئلة المقالية بشكل جيد، ولكنهم يواجهون الآن تحديات في الإجابة على أسئلة اختار من متعدد مما يخلق تحديًا إضافيًا أمامهم لا سيما مع عدم وجود نموذج سابق للتدريب عليه.
عيوب ومميزات النظام الجديد
يعلق محمد كمال، متحدث النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس (غير حكومية)، على النظام الحالي بقوله: “كل نظام للامتحان ونوع من الأسئلة له مميزاته وعيوبه، على سبيل المثال نظام الأسئلة المقالية قد يمنع الطالب من الحصول على الدرجة الكاملة، بسبب عدم قدرته على التعبير أحيانًا، أو عدم كتابة الإجابة النموذجية بشكل صحيح".
ويضيف لـ"صوت السلام": “ بينما عيوب الاختيار من متعدد هو التلاعب بصيغة السؤال أحيانًا، أو عدم قدرة الطالب على فهمها، إلى جانب أزمة تشابُه الإجابات، كما تواجه المعلمين والمراقبين مشكلة في سهولة الغش باللجان أثناء حل هذا النوع من الأسئلة".
ويرى متحدث النقابة، أن الشكل الجديد لنظام الامتحانات غير مفيد لعدم وجود توازن بين عدد الأسئلة المقالية وأسئلة اختيار من متعدد، ناصحًا الطلاب بالآتي: “يجب عليهم الاعتماد على الفهم وليس الحفظ؛ لأن النظام الجديد يعتمد على الفهم والتركيز الشديد والتدرب على شكل الامتحان الجديد للتعود عليه لأنه التحدي الحالي لهم".
يخضع 729835 طالبًا وطالبة في صفوف النقل بالمرحلة الثانوية للامتحانات خلال 11 يناير المقبل، وفق إحصاء وزارة التربية والتعليم.
طلاب: "لم نتدرب على الشكل الجديد"
تواجه ذلك التحدي وسام عبدالعزيز، طالبة في الصف الثاني الثانوي بمدرسة السنية في منطقة دار السلام، إذ ترى أن ذلك النظام كان لا بد من تطبيقه على الطلاب في الصف الأول: “أنا في الصف الثاني وبالتالي قد تعودت على النظام القديم ولم يتم تدريبنا على النظام الجديد".
تقول: “أشعر بالقلق تجاه نظام الامتحانات الجديد، فرغم أن عدد المواد تناقص من 8 إلى 6 بهدف تقليل الضغط على الطلاب، لكن الاختبارات الأسبوعية والامتحانات الشهرية التابعة للنظام الجديد وشكل الامتحان يجعلاني لا أستطيع التركيز".
ويتفق معها ياسين تامر، طالب في الصف الأول الثانوي بمدرسة الخديوية، إذ يرى أن النظام الجديد تم تطبيقه وسط زحمة من الاختبارات الأسبوعية والامتحانات الشهرية: “لا استطيع فهم طريقة الامتحان الجديدة وسط الاستعداد للاختبارات الأسبوعية التي تعتمد عليها أعمال السنة".
بينما يشتكي يوسف محمد، طالب بالصف الأول في مدرسة الخديوية، من عدم وضوح طريقة الامتحانات الحالية: “المدرسون أنفسهم لم يتأقلموا على نظام الامتحان لأنه جديد ولا يستطيعون شرح طريقة بعض الأسئلة".
كما حوّل يوسف طريقة مذاكرته من دراسة الأسئلة المقالية إلى التدريب على الاختيار من متعدد: “عادة أسئلة الاختيار من متعدد تجعلنا مترددين في الإجابة، فكنا نطالب بأن تكون أسئلة الامتحان متساوية بين المقالي والاختيار من متعدد".
عدم وجود نموذ سابق
يكشف الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي، عن وجه آخر للأزمة، وهو عدم وجود نموذج سابق لشكل الامتحان بالطريقة الجديدة يمكن تدريب الطلاب عليه، لذلك على الطالب أن يكون مستعدًا لكل الأسئلة بأشكالها كافة لأنه ليس لديه مرجع سابق.
ويؤكد أن النظام الجديد للامتحانات يخفف الضغط على الطلاب بتقليل المواد، ولكنهم لم يتدربوا عليه لذلك هناك حالة من الارتباك: “الأمر يتطلب منهم تركيز ومحاولة فهم طريقة الامتحان بشكل جيد".
وقبل أيام قليلة من امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية، يظل القلق والتوتر حليف الطلاب في ظل تحديد إضافي يواجهونه، وهو تغيير شكل نظام الامتحان وعدم التدريب عليه بشكل كافي.