لم يتوقع أهالي شارع العشرين في منطقة خرطة أبو السعود بحي مصر القديمة أنهم سيقضون أيامًا صعبة إلى ذلك الحد، إذ أن القلق تمكّن منهم مع إخلاء سكان العقار رقم 20 والعقار المجاور له صباح السبت 7 ديسمبر، بعدها توالت الانهيارات التي انتهت في الواحدة من صباح الأحد، فيما لاتزال الأزمة مستمرة بافتراش المتضررين الشارع.
القصة لم تبدأ فقط السبت الماضي، بل قبلها بيوم كما يحكي أحمد هشام، أحد سكان العقار الثالث المجاور والذي أخلي أيضًا، سمع هشام أصوات شروخ العقار رقم 20 يوم الجمعة، وأخلى الأهالي وقتها العقار، وفي عصر اليوم التالي ارتعب هشام بسبب صوت الانهيار الذي خرق أذنيه "كأنه انفجار بالظبط"، إذ انهار المبنى بالكامل في مشهد أفزع كل من رآه، سواء أهالي الشارع أو رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار فيديو الانهيار.
لاتزال توابع الانهيار مستمرة حتى الآن، حيث افترش أهالي العقارات الثلاث الشارع محاولين الوصول إلى أي متعلقات موجودة، فيما صعد الأطفال وبائعو الروبابيكيا ركام العقار الأول والثاني لالتقاط الحديد وبيعه، الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن أهالي العقار الثالث المجاور مُتضررين أيضًا بسبب خطر الانهيار.
يفترش هشام حاليًا الشارع بسبب خطر التهديد القائم بالعقار الثالث الذي يعيش فيه منذ 28 عامًا، أي وقت ولادته، فيما أكد على فرض اللجنة المختصة من الحي على أهالي العقار ترميم المنزل وإزالة الدور الأخير "لأنه حمل زائد على المبنى"، مؤكدًا في حديثه "مضطرين للقيام ذلك بسبب أن أسعار الإيجارات أصبحت مرتفعة ومفيش حل تاني عندنا".
وفقًا لشهادة هشام فإن صاحب العقار رقم 20 كان قد أثبت حاجته إلى ترميم بمحضر منذ شهر أكتوبر الماضي، ووجب دفع السكان لترميم المبنى، إلا أنهم لم يلتزموا بالدفع.
تفترش سميرة- اسم مستعار بناء على طلبها- الشارع أيضًا، إذ إنها صاحبة العقار الثاني المُنهار، وتحكي السيدة السبعينية أن عمر المبنى 100 عام، وهو ميراث لها من والدها، مؤكدة على أنها قامت بعمل ترميم للمبنى بعد زلزال 1992، وتسكن سميرة العقار منذ 60 عامًا، فيما يتبع المبنى الإيجار القديم "إيجار كل شقة قيمتها 150 قرش".
أكدت سميرة أن العقار لم يكن بحاجة إلى ترميم، لكنه تعرض للتصدع بعد انهيار العقار رقم 20، فيما طالبت السيدة السبعينية الحي بإيجاد مأوى سريع لها.
الحزن يعم شارع العشرين
أحدث سقوط العقار تغييرًا بالشارع، إذ ارتسمت ملامح الذهول على ملامح المارة، فيما قلّت حركة البيع والشراء بالشارع الذي يضم سوق للخضراوات ومحلات تجارية ومقاهي.
يحكي بائع سمك، رفض ذكر اسمه، أنه يفترش الشارع لبيع السمك منذ عام واحد، مؤكدًا على تصدّع العقار رقم 20 منذ فترة، فيما عبّر عن استيائه من قلة حركة البيع "البيع بقى أقل للربع"، إلا أنه اكتفى بقول ذلك، وتبع ذلك بحمد الله وتأكيده على شعوره بالأسى تجاه السكان المفترشين الأرض.
الإحساس بالأزمة لم تكن مُقتصرة على بائع السمك فقط، فعطيات أحمد، أحد سكان الشارع، وشهدت انهيار العقارين أيضًا، شعرت بالأسى لما حدث، مُناشدة المسؤولين بسرعة التصرف، فيما أشارت إلى أن أحد سكان العقار رقم 20 كانا عروسين يستعدان للزفاف خلال الأسبوعين القادمين "جهازهم كله كان في الشقة وراح".