أصاب حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن قانون "الإيجار القديم" مستأجري حي دار السلام بالذعر، إذ قضت المحكمة بعدم دستورية بعض المواد المتعلقة بتثبيت القيمة الإيجارية التي تعود لعقود مضت.
وقد قضت المحكمة الدستورية في جلستها، السبت الموافق 9 نوفمبر، بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين؛ الأولى والثانية، من القانون رقم 136 لسنة 1981، بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، مما يعني تغيير القيمة الإيجارية التي كانت لا تزيد عن 7% من قيمة الأرض عند الترخيص، وقيمة البناء عند البناء، بحسب ما ذكر نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار طارق شبل، في تصريحات لـ"الشرق".
ويقول شريف الجعار، رئيس اتحاد مستأجري مصر، لـ"صوت السلام"، إن الحكم الصادر كان مُنصفًا لطرف المالك، ففي حيثيات أسباب المحكمة الدستورية قالت إنها تهدف إلى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية.
وطالبت المحكمة الدستورية ضرورة تدخل المُشرّع لضمان ذلك التوازن، بحيث لا يُمكّن المؤجّر من فرض قيمة إيجارية تستغل حاجة المستأجر إلى مسكن، كما لا يجب أن يُهدر عائد الاستثمار في الأرض والمباني نتيجة لتثبيت الأجرة.
مستأجرون "كبار السن"
ما إن سمعت يسرية محمد، 62 عامًا، الحكم الصادر، توارد إلى ذهنها هواجس عدّة؛ كان أشدّها هو إجبارها بشكل ما على الخروج من منزلها التي عاشت فيه 40 عامًا، بسبب الخوف الذي سيطر عليها من ارتفاع القيمة الإيجارية للحد الذي لا تتمكن من دفعه.
وتقول يسرية: "الإيجارات الجديدة في محيط منطقة المنيل مرتفع جدًا، إذ يبدأ من 10 آلاف جنيه فيما فوق، والمعاش لن يكفي"، مُستطردة في حديثها "ليس لديّ مشكلة مع القرار ذاته، لكن أرى أنه يجب النظر برحمة إلى المستأجرين، ولا تُرفع عليهم القيمة بشكل مبالغ فيه".
لأربعين عامًا يدفع إبراهيم حسين، موظف على المعاش في عمر السبعين، إيجار قيمته 30 جنيهًا، بشارع عبد القادر في دار السلام، وعن القرار يقول: "لو الإيجار القديم اتلغى هسلّم أمري لله"، متوقعًا زيادة قيمة الإيجار ثلاثة أضعاف الإيجار الحالي، وفي تلك الحالة "سيكون عبئًا كبيرًا عليّ خاصة أني موظف على المعاش، احنا يدوب عايشين بالعافية".
الجدير بالذكر أن القانون سيدخل حيز التنفيذ، بعد انتهاء الدور الحالي للانعقاد التشريعي للبرلمان، لمنح فرصة زمنية للمُشرّع لدراسة وتنفيذ تعديلات ملائمة تمنع أي فراغ تشريعي، ومن المقرر أن يستمر الدورة البرلمانية الحالية لمدة 9 أشهر على الأقل.
وفي مداخلة تلفزيونية أكد النائب محمد الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أنه لن تتساوى القيمة الإيجارية لشقة في جاردن سيتي، بأخرى في بولاق أو شبرا، مُضيفًا "لدينا الكثير من الحلول والآراء التي ستُحدث التوازن بين طرفي العقد".
"هنترمي في الشارع"
كانت هواجس زيادة الإيجار بشكل مبالغ فيه مشترك بين العديد من المستأجرين، كذلك كان محمد حسين، موظف أمن في شركة خاصة، يسكن بشارع هاشم العطار بدار السلام، إذ يدفع حسين نحو 500 جنيهًا منذ 10 سنوات، ويقول بنبرة غاضبة: "لو زاد الإيجار كتير أنا هترمي في الشارع أنا وولادي".
ولا يدرّ عمل حسين دخلًا كافيًا للمعيشة، إذ يبلغ نحو 3 آلاف جنيهًا ينفقهم على معيشة أسرته، بعد عمله كموظف أمن لمدة 12 ساعة يوميًا.
يُحاول الجعار في حديثه طمأنة المستأجرين القدامى بقوله "أغلب الفئات المستأجرة هم من العجائز وأصحاب المعاشات، ومن الطبيعي أن يشعروا بالخوف، في حالة زيادة القيمة الإيجارية مثلًا من 10 جنيهات إلى ألفين أو 4 آلاف جنيه".
وترى إيمان محمد -اسم مستعار- أن الحكم الصادر قرار عادل بالنسبة لها، إذ تؤجر السيدة شقتين لها في منطقة دار السلام بسعر 9 جنيهات و75 جنيهًا، فيما تؤكد تفهّمها بالطبع لظروف المُستأجرين، منتظرة القانون لمعرفة القيمة التي يُمكن رفعها.