داخل "سايبر" بشارع الفيوم في حي دار السلام، انقطعت الكهرباء لثلاث ساعات يوم الأحد الماضي، من الرابعة عصرًا وحتى السابعة مساء. لم يكن عبد الرحمن مالك-مدير المكان- يعلم حين انقطاع التيار أن الأمر سيستمر لثلاث ساعات، خاصة أنه لم يجد بيانًا حكوميًا يؤكد وقف التيار لساعة إضافية، إلا أنه تأكد مع نشر رئاسة الوزراء بيانًا في الخامسة و41 دقيقة.
قبل انقطاع التيار الكهربائي بمقهى الإنترنت، تردد على سمع مالك شكاوى البعض من انقطاع الكهرباء لساعة إضافية، لكنه لم يتأكد تمامًا هل سيتكرر الأمر بشارعه أم لا، مع عدم وجود أي معلومة رسمية تُشير لتلك الأزمة، لكنه مع نشر البيان بعد ثلاث ساعات أيقن من انقطاع الكهرباء، وتسبب الأمر في خسارة نحو 50% من المكسب اليومي للمكان.
أرجع البيان الحكومي السبب في انقطاع التيار لساعة إضافية إلى الحفاظ على الكفاءة التشغيلية لمحطات إنتاج الكهرباء، نتيجة لزيادة الاستهلاك بسبب درجات الحرارة المرتفعة، غير أن الأزمة لم تتوقف، فقد انقطعت الكهرباء في اليوم التالي، أي الإثنين، في نفس الموعد، ثم مرة أخرى في ذروة العمل بالنسبة للـ"سايبر" من الساعة 9 وحتى 12 مساء بمعدل 6 ساعات.
سلسلة من البيانات
في ذلك اليوم نشرت وزارتا الكهرباء والبترول، بيان رسمي في السادسة مساء، أعلنت فيه استمرار تطبيق تخفيف الأحمال بمقدار ساعة إضافية، حتى نهاية الأسبوع الجاري، لنفس السبب الذي أرجعته إلى زيادة الاستهلاك والحفاظ على كفاءة محطات إنتاج الكهرباء.
غضب مالك كثيرًا مما حدث، وقال في حديثه لـ"صوت السلام": "كان ممكن الحكومة تحل المشكلة دي مع نفسها مش على حساب المواطنين، لان ده قطع عيش ناس كتير، غير أن الجو حر، ومحدش مستحمل الوضع"، مُضيفًا أن الخسارة بالنسبة له ليست في دخله فقط، فمنذ شهر تعطّل جهاز التكييف بالمكان، بسبب انقطاع الكهرباء بمواعيد عشوائية، وتكراره أكثر من مرة في اليوم.
تأجيل عمل ومخاطر صحية
وفي شارع آخر يبعد قليلًا عن شارع الفيوم، انقطعت الكهرباء بمنزل سلمى محمد، الواقع بشارع فرج يوسف في حدائق المعادي، حيث استمر الانقطاع بمنزلها لمدة 4 ساعات، حتى قررت الذهاب لأصدقائها للفرار من الحر، لإصابتها بحساسية جلد وصداع جرّاء ارتفاع درجات الحرارة التي تراوحت خلال الأسبوع ما بين 36 إلى 40 درجة مئوية، كما تكون أكثر قلقًا على أهلها لكونهم كبار سن مما يُعرضهم لمخاطر صحية بسبب درجات الحرارة المرتفعة .
لم تعلم سلمى ببيان رئاسة الوزراء المنشور يوم الأحد، لكنها علمت به يوم الإثنين مما أثار ذلك غضبها، ففي رأيها أن معلومات مثل تلك يجب أن تكون مُعلنة قبلها بأسبوع على الأقل، حتى يستعد السكان والعاملين في كل القطاعات التي تعتمد على شبكة الإنترنت والكهرباء، وبعد تلقّيها البيان الثاني باستمرار الساعة الإضافية لنهاية الأسبوع، قررت تأجيل المحاضرات الإلكترونية التي تُلقيها إلى الأسبوع المقبل، حتى تستقر مواعيد انقطاع الكهرباء، إذ أن المحاضرات تُقدّمها في المواعيد المتفق عليها بجدول تخفيف الأحمال، من الساعة 5 حتى 8 مساءً.
في شارع الفتح تفاجأ أيضًا أحمد صبحي، بانقطاع الكهرباء يوم الأحد الماضي، في موعد غير معتاد، فقد انقطع ببيته من الثامنة إلى العاشرة مساء، وقد كان الجدول الرسمي يُشير إلى انقطاعه من الرابعة إلى السادسة مساء، وبعد عودة التيار يوم الأحد الماضي تابع الأخبار على موقع "فيسبوك"، وقرأ البيان الرسمي المنشور، مُتوقعًا تكرار نفس السيناريو ليوم الإثنين أيضًا.
أزمة انقطاع الكهرباء على جميع أنحاء مصر لعام جعلت صبحي يتكيّف مع الأمر، فأصبح يُفكّر في توفير مصدر إضاءة من الهواتف للأطفال، حتى لا يشعروا بالقلق والخوف من الظلام، لكنه لا يستطيع توفير مياه مُثلجّة في موسم الصيف، باستمرار انقطاع الكهرباء لثلاث ساعات. تأكّد صبحي أن تخمينه لم يكن خطأ مع نشر وزارة البترول بيانها باستمرار انقطاع الكهرباء لنهاية الأسبوع الجاري.
كهرباء تنقطع فجرًا!
انقطاع الكهرباء لساعة إضافية أثار غضب روان أشرف أيضًا، فالانقطاع بمنزلها الكائن بشارع عبد الحميد مكي في غير موعده بالأساس، حيث يتوقف لديها في الساعة الرابعة فجرًا، ويأتي في السادسة صباحًا، مما يؤثر على نمط نومها اليومي، ومدّه إلى السابعة صباحًا يعني عدم قدرتها على النوم بطريقة جيدة، فضلًا عن تعطيل والدها وأخيها عن خروجهما للعمل في السابعة صباحًا.
عانت روان من اختيار تلك المواعيد لتخفيف الأحمال خلال الفصل الدراسي السابق، فبسببه لم تتمكن الطالبة الجامعية من الوصول إلى المحاضرة الأولى في موعدها "لأن أنا ساكنة في الدور التامن وصعب أنزل كل يوم من غير أسانسير"، بخلاف والدها وأخيها اللذان يضطرا إلى النزول يوميًا على أقدامهما ثماني طوابق.
ظهر أمس الثلاثاء وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة المصرية بالعمل الفوري لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحدّ من أزمة انقطاع الكهرباء، بعدها بنحو ساعة قدّم رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، اعتذارًا للشعب عن زيادة فترة انقطاع الكهرباء، مُوضحًا السبب نقص حجم الغاز جراء خروج أحد حقول شبكة الطاقة الإقليمية بدول الجوار عن الخدمة، ولترشيد الاستهلاك تقرر غلق المحال التجارية في العاشرة مساء، اعتبارًا من الأسبوع المقبل.
الأمر الذي يُثير تساؤلات حول مدى إمكانية تحقيق ذلك ومساهمته في الحد من الأزمة، كما أنه يؤثر على وضع أصحاب تلك المحال ماديًا في موسم الصيف، وكيفية عملهم في عدد ساعات محدود جدًا، تلك الأسئلة وأكثر كانت تدور ببال صبحي الذي يُعاني بالأساس من خسارة مادية يومية، مُتسائلًا في استنكار "والله ما أنا عارف هنستمر ازاي على الوضع ده!".